منتديات ديوانية بني شهر

منتديات ديوانية بني شهر (http://www.bani-shehr.net/index.php)
-   الشريعة والحياة (http://www.bani-shehr.net/forumdisplay.php?f=3)
-   -   ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩ (http://www.bani-shehr.net/showthread.php?t=13892)

لمسة دفئ 01-22-2011 07:50 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281210987.gif

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281225451.png

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا
يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)

ومن يعمل من الأعمال الصالحة من ذكر أو أنثى, وهو مؤمن بالله تعالى وبما أنزل
من الحق, فأولئك يدخلهم الله الجنة دار النعيم المقيم, ولا يُنْقَصون من ثواب أعمالهم
شيئًا, ولو كان مقدار النقرة في ظهر النواة.

وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125)

لا أحد أحسن دينًا ممن انقاد بقلبه وسائر جوارحه لله تعالى وحده, وهو محسن, واتبع
دين إبراهيم وشرعه, مائلا عن العقائد الفاسدة والشرائع الباطلة. وقد اصطفى الله
إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- واتخذه صفيّاً من بين سائر خلقه. وفي هذه الآية,
إثبات صفة الخُلّة لله -تعالى- وهي أعلى مقامات المحبة, والاصطفاء.

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (126)
ولله جميع ما في هذا الكون من المخلوقات, فهي ملك له تعالى وحده. وكان الله تعالى
بكل شيء محيطًا, لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه.

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ
اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ
وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً (127)

يطلب الناس منك -أيها النبي- أن تبين لهم ما أشكل عليهم فَهْمُه من قضايا النساء
وأحكامهن, قل الله تعالى يبيِّن لكم أمورهن, وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى
النساء اللاتي لا تعطونهن ما فرض الله تعالى لهن من المهر والميراث وغير ذلك
من الحقوق, وتحبون نكاحهن أو ترغبون عن نكاحهن, ويبيِّن الله لكم أمر الضعفاء
من الصغار, ووجوب القيام لليتامى بالعدل وترك الجور عليهم في حقوقهم. وما تفعلوا
من خير فإن الله تعالى كان به عليمًا, لا يخفى عليه شيء منه ولا من غيره.

وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128)

وإن علمت امرأة من زوجها ترفعًا عنها, وتعاليًا عليها أو انصرافًا عنها فلا إثم
عليهما أن يتصالحا على ما تطيب به نفوسهما من القسمة أو النفقة, والصلح أولى
وأفضل. وجبلت النفوس على الشح والبخل. وإن تحسنوا معاملة زوجاتكم وتخافوا
الله فيهن, فإن الله كان بما تعملون من ذلك وغيره عالمًا لا يخفى عليه شيء,
وسيجازيكم على ذلك.

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا
كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (129)

ولن تقدروا -أيها الرجال- على تحقيق العدل التام بين النساء في المحبة وميل القلب,
مهما بذلتم في ذلك من الجهد, فلا تعرضوا عن المرغوب عنها كل الإعراض,
فتتركوها كالمرأة التي ليست بذات زوج ولا هي مطلقة فتأثموا. وإن تصلحوا
أعمالكم فتعدلوا في قَسْمكم بين زوجاتكم, وتراقبوا الله تعالى وتخشوه فيهن,
فإن الله تعالى كان غفورًا لعباده, رحيمًا بهم.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281225451.png

وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً (130)
وإن وقعت الفرقة بين الرجل وامرأته, فإن الله تعالى يغني كلا منهما من فضله
وسعته; فإنه سبحانه وتعالى واسع الفضل والمنة, حكيم فيما يقضي به بين عباده.

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ
أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ
غَنِيّاً حَمِيداً (131)

ولله ملك ما في السموات وما في الأرض وما بينهما. ولقد عهدنا إلى الذين أُعطوا
الكتاب من قبلكم من اليهود والنصارى, وعهدنا إليكم كذلك -يا أمة محمد- بتقوى
الله تعالى, والقيام بأمره واجتناب نهيه, وبيَّنَّا لكم أنكم إن تجحدوا وحدانية الله تعالى
وشرعه فإنه سبحانه غني عنكم; لأن له جميع ما في السموات والأرض
. وكان الله غنيّاً عن خلقه, حميدًا في صفاته وأفعاله.

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (132)
ولله ملك ما في هذا الكون من الكائنات, وكفى به سبحانه قائمًا بشؤون خلقه حافظًا لها.

إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً (133)
إن يشأ الله يُهلكُّم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين غيركم. وكان الله على ذلك قديرًا.

مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (134)
من يرغب منكم -أيها الناس- في ثواب الدنيا ويعرض عن الآخرة, فعند الله وحده
ثواب الدنيا والآخرة, فليطلب من الله وحده خيري الدنيا والآخرة, فهو الذي يملكهما.
وكان الله سميعًا لأقوال عباده, بصيرًا بأعمالهم ونياتهم, وسيجازيهم على ذلك.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ
وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ
تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, كونوا قائمين بالعدل, مؤدين
للشهادة لوجه الله تعالى, ولو كانت على أنفسكم, أو على آبائكم وأمهاتكم, أو على
أقاربكم, مهما كان شأن المشهود عليه غنيًّا أو فقيرًا; فإن الله تعالى أولى بهما منكم,
وأعلم بما فيه صلاحهما, فلا يحملنَّكم الهوى والتعصب على ترك العدل, وإن تحرفوا
الشهادة بألسنتكم فتأتوا بها على غير حقيقتها, أو تعرضوا عنها بترك أدائها أو
بكتمانها, فإن الله تعالى كان عليمًا بدقائق أعمالكم, وسيجازيكم بها.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ
الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه داوموا على ما أنتم عليه من
التصديق الجازم بالله تعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم, ومن طاعتهما,
وبالقرآن الذي نزله عليه, وبجميع الكتب التي أنزلها الله على الرسل. ومن يكفر
بالله تعالى, وملائكته المكرمين, وكتبه التي أنزلها لهداية خلقه, ورسله الذين
اصطفاهم لتبليغ رسالته, واليوم الآخر الذي يقوم الناس فيه بعد موتهم للعرض
والحساب, فقد خرج من الدين, وبَعُدَ بعدًا كبيرًا عن طريق الحق.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281210987.gif


لمسة دفئ 01-22-2011 08:43 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281210987.gif

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281226052.png

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ
وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137)

إن الذين دخلوا في الإيمان, ثم رجعوا عنه إلى الكفر, ثم عادوا إلى الإيمان, ثم رجعوا
إلى الكفر مرة أخرى, ثم أصرُّوا على كفرهم واستمروا عليه, لم يكن الله ليغفر لهم,
ولا ليدلهم على طريق من طرق الهداية, التي ينجون بها من سوء العاقبة.

بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138)
بشّر -أيها الرسول- المنافقين -وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر- بأن لهم
عذابًا موجعًا.

الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ
لِلَّهِ جَمِيعاً (139)

الذين يوالون الكافرين, ويتخذونهم أعوانًا لهم, ويتركون ولاية المؤمنين, ولا يرغبون
في مودتهم. أيطلبون بذلك النصرة والمنعة عند الكافرين؟ إنهم لا يملكون ذلك, فالنصرة
والعزة والقوة جميعها لله تعالى وحده.

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ
وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140)

وقد نزل عليكم -أيها المؤمنون- في كتاب ربكم أنه إذا سمعتم الكفر بآيات الله والاستهزاء
بها فلا تجلسوا مع الكافرين والمستهزئين, إلا إذا أخذوا في حديث غير حديث الكفر
والاستهزاء بآيات الله. إنكم إذا جالستموهم, وهم على ما هم عليه, فأنتم مثلهم; لأنكم
رضيتم بكفرهم واستهزائهم, والراضي بالمعصية كالفاعل لها.
إن الله تعالى جامع المنافقين والكافرين في نار جهنم جميعًا, يلْقَون فيها سوء العذاب.

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ
نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)

المنافقون هم الذين ينتظرون ما يحلُّ بكم -أيها المؤمنون- من الفتن والحرب, فإن
منَّ الله عليكم بفضله, ونصركم على عدوكم وغنمتم, قالوا لكم:
ألم نكن معكم نؤازركم؟ وإن كان للجاحدين لهذا الدين قَدْرٌ من النصر والغنيمة,
قالوا لهم: ألم نساعدكم بما قدَّمناه لكم ونَحْمِكُم من المؤمنين؟ فالله تعالى يقضي
بينكم وبينهم يوم القيامة, ولن يجعل الله للكافرين طريقًا للغلبة على عباده الصالحين,
فالعاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281226052.png

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ
النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142)

إنَّ طريقة هؤلاء المنافقين مخادعة الله تعالى, بما يظهرونه من الإيمان وما يبطنونه
من الكفر, ظنًّا أنه يخفى على الله, والحال أن الله خادعهم ومجازيهم بمثل عملهم,
وإذا قام هؤلاء المنافقون لأداء الصلاة, قاموا إليها في فتور, يقصدون بصلاتهم الرياء
والسمعة, ولا يذكرون الله تعالى إلا ذكرًا قليلا.

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)
إنَّ مِن شأن هؤلاء المنافقين التردد والحَيْرة والاضطراب, لا يستقرون على حال, فلا
هم مع المؤمنين ولا هم مع الكافرين. ومن يصرف الله قلبه عن الإيمان به
والاستمساك بهديه, فلن تجد له طريقًا إلى الهداية واليقين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ
عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً (144)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, لا توالوا الجاحدين لدين الله, وتتركوا
موالاة المؤمنين ومودتهم. أتريدون بمودَّة أعدائكم أن تجعلوا لله تعالى عليكم حجة
ظاهرة على عدم صدقكم في إيمانكم؟

إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145)
إن المنافقين في أسفل منازل النار يوم القيامة, ولن تجد لهم -أيها الرسول- ناصرًا يدفع
عنهم سوء هذا المصير.

إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146)

إلا الذين رجعوا إلى الله تعالى وتابوا إليه, وأصلحوا ما أفسدوا من أحوالهم باطنًا
وظاهرًا, ووالوا عباده المؤمنين, واستمسكوا بدين الله, وأخلصوا له سبحانه, فأولئك
مع المؤمنين في الدنيا والآخرة, وسوف يعطي الله المؤمنين ثوابًا عظيمًا.

مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147)
ما يفعل الله بعذابكم إن أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله, فإن الله سبحانه غني عمَّن
سواه, وإنما يعذب العباد بذنوبهم. وكان الله شاكرًا لعباده على طاعتهم له, عليمًا بكل شيء.

لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (148)
لا يُحِبُّ الله أن يَجهر أحدٌ بقول السوء, لكن يُباح للمظلوم أن يَذكُر ظالمه بما فيه من
السوء; ليبيِّن مَظْلمته. وكان الله سميعًا لما تجهرون به, عليمًا بما تخفون من ذلك.

إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً (149)
نَدَب الله تعالى إلى العفو, ومهَّد له بأنَّ المؤمن: إمَّا أن يُظهر الخير, وإمَّا أن يُخفيه,
وكذلك مع الإساءة: إما أن يظهرها في حال الانتصاف من المسيء, وإما أن يعفو
ويصفح, والعفوُ أفضلُ; فإن من صفاته تعالى العفو عن عباده مع قدرته عليهم.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281226052.png

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ
بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150)

إن الذين يكفرون بالله ورسله من اليهود والنصارى, ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله
بأن يؤمنوا بالله ويكذبوا رسله الذين أرسلهم إلى خلقه, أو يعترفوا بصدق بعض الرسل
دون بعض, ويزعموا أنَّ بعضهم افتروا على ربِّهم, ويريدون أن يتخذوا طريقًا إلى
الضلالة التي أحدثوها والبدعة التي ابتدعوها.

أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً (151)
أولئك هم أهل الكفر المحقَّق الذي لا شك فيه, وأعتدنا للكافرين عذابًا يخزيهم ويهينهم.

وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (152)

والذين صَدَّقوا بوحدانية الله, وأقرُّوا بنبوَّة رسله أجمعين, ولم يفرقوا بين أحد منهم,
وعملوا بشريعة الله, أولئك سوف يعطيهم جزاءهم وثوابهم على إيمانهم به وبرسله.
وكان الله غفورًا رحيمًا.

يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ
فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ
الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً (153)

يسألك اليهود -أيها الرسول- معجزة مثل معجزة موسى تشهد لك بالصدق:
بأن تنزل عليهم صُحُفًا من الله مكتوبةً, مثل مجيء موسى بالألواح من عند الله,
فلا تعجب -أيها الرسول- فقد سأل أسلافهم موسى -عليه السلام- ما هو أعظم:
سألوه أن يريهم الله علانيةً, فَصُعِقوا بسبب ظلمهم أنفسهم حين سألوا أمرًا ليس من
حقِّهم. وبعد أن أحياهم الله بعد الصعق, وشاهدوا الآيات البينات على يد موسى القاطعة
بنفي الشرك, عبدوا العجل من دون الله, فعَفونا عن عبادتهم العجل بسبب توبتهم, وآتينا
موسى حجة عظيمة تؤيِّد صِدق نُبُوَّتِه.

وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمْ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي
السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (154)

ورفعنا فوق رؤوسهم جبل الطور حين امتنعوا عن الالتزام بالعهد المؤكد الذي أعطوه
بالعمل بأحكام التوراة, وأمرناهم أن يدخلوا باب "بيت المقدس" سُجَّدًا, فدخلوا يزحفون
على أستاههم, وأمرناهم ألا يَعْتَدُوا بالصيد في يوم السبت فاعتدَوا, وصادوا, وأخذنا عليهم
عهدًا مؤكدًا, فنقضوه.

فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ
بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155)

فلعنَّاهم بسبب نقضهم للعهود, وكفرهم بآيات الله الدالة على صدق رسله, وقتلهم للأنبياء
ظلمًا واعتداءً, وقولهم: قلوبنا عليها أغطية فلا تفقه ما تقول, بل طمس الله عليها بسبب
كفرهم, فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281210987.gif


لمسة دفئ 01-22-2011 08:44 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281210987.gif

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281227603.png

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً (156)
وكذلك لعنَّاهم بسبب كفرهم وافترائهم على مريم بما نسبوه إليها من الزنى, وهي
بريئة منه.

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ
لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ
يَقِيناً (157)

وبسبب قولهم -على سبيل التهكم والاستهزاء- : هذا الذي يدعي لنفسه هذا المنصب
(قتلناه), وما قتلوا عيسى وما صلبوه, بل صلبوا رجلا شبيهًا به ظنًّا منهم أنه عيسى.
ومن ادَّعى قَتْلَهُ من اليهود, ومن أسلمه إليهم من النصارى, كلهم واقعون في شك
وحَيْرَة, لا عِلْمَ لديهم إلا اتباع الظن, وما قتلوه متيقنين بل شاكين متوهمين.

بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)
بل رفع الله عيسى إليه ببدنه وروحه حيًّا, وطهَّره من الذين كفروا. وكان الله عزيزًا في
ملكه, حكيمًا في تدبيره وقضائه.

وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159)
وإنه لا يبقى أحدٌ من أهل الكتاب بعد نزول عيسى آخر الزمان إلا آمن به قبل موته عليه
السلام, ويوم القيامة يكون عيسى -عليه السلام- شهيدًا بتكذيب مَن كذَّبه, وتصديق
مَن صدَّقه.

فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً (160)
فبسبب ظلم اليهود بما ارتكبوه من الذنوب العظيمة حَرَّم الله عليهم طيبات من المأكل كانت
حلالا لهم, وبسبب صدِّهم أنفسهم وغيرهم عن دين الله القويم.

وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً
أَلِيماً (161)

وبسبب تناولهم الربا الذي نهوا عنه, واستحلالهم أموال الناس بغير استحقاق, وأعتدنا
للكافرين بالله ورسوله مِن هؤلاء اليهود عذابًا موجعًا في الآخرة.

لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ
وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ
أَجْراً عَظِيماً (162)

لكنِ المتمكنون في العلم بأحكام الله من اليهود, والمؤمنون بالله ورسوله, يؤمنون
بالذي أنزله الله إليك -أيها الرسول- وهو القرآن, وبالذي أنزل إلى الرسل من قبلك
كالتوراة والإنجيل, ويؤدُّون الصلاة في أوقاتها, ويخرجون زكاة أموالهم, ويؤمنون بالله
وبالبعث والجزاء, أولئك سيعطيهم الله ثوابًا عظيمًا, وهو الجنة.

إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ
زَبُوراً (163)

إنا أوحينا اليك -أيها الرسول- بتبليغ الرسالة كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده,
وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط -وهم الأنبياء الذين كانوا
في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة من ولد يعقوب
- وعيسى وأيوب ويونس وهارون
وسليمان. وآتينا داود زبورًا, وهو كتاب وصحف مكتوبة.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281227603.png

وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى
تَكْلِيماً (164)

وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك في القرآن من قبل هذه الآية, ورسلا لم نقصصهم
عليك لحكمة أردناها. وكلم الله موسى تكليمًا؛ تشريفًا له بهذه الصفة. وفي هذه الآية
الكريمة, إثبات صفة الكلام لله -تعالى- كما يليق بجلاله, وأنه سبحانه كلم نبيه موسى
-عليه السلام- حقيقة بلا وساطة.

رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً
حَكِيماً (165)

أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي, ومنذرين بعقابي; لئلا يكون للبشر حجة
يعتذرون بها بعد إرسال الرسل. وكان الله عزيزًا في ملكه, حكيمًا في تدبيره.

لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (166)
إن يكفر بك اليهود وغيرهم -أيها الرسول- فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أَنْزَلَ عليه
القرآن العظيم, أنزله بعلمه, وكذلك الملائكة يشهدون بصدق ما أوحي إليك, وشهادة
الله وحدها كافية.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (167)
إن الذين جحدوا نُبُوَّتك, وصدوا الناس عن الإسلام, قد بَعُدوا عن طريق الحق بُعْدًا
شديدًا.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168)
إن الذين كفروا بالله وبرسوله, وظلموا باستمرارهم على الكفر, لم يكن الله ليغفر
ذنوبهم, ولا ليدلهم على طريق ينجيهم.

إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (169)
إلا طريق جهنم ماكثين فيها أبدًا, وكان ذلك على الله يسيرًا, فلا يعجزه شيء.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ
مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (170)

يا أيها الناس قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام دين الحق من ربكم,
فَصَدِّقوه واتبعوه, فإن الإيمان به خيرلكم, وإن تُصرُّوا على كفركم فإن الله غني عنكم
وعن إيمانكم; لأنه مالك ما في السموات والأرض. وكان الله عليمًا بأقوالكم وأفعالكم,
حكيمًا في تشريعه وأمره. فإذا كانت السموات والأرض قد خضعتا لله تعالى كونًا وقدرًا
خضوع سائر ملكه, فأولى بكم أن تؤمنوا بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم,
وبالقرآن الذي أنزله عليه, وأن تنقادوا لذلك شرعًا حتى يكون الكون كلُّه خاضعًا لله
قدرًا وشرعًا. وفي الآية دليل على عموم رسالة نبي الله ورسوله محمد ...
صلى الله عليه وسلم.

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا
ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171)

يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم, ولا تقولوا على الله إلا الحق, فلا
تجعلوا له صاحبةً ولا ولدًا. إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله أرسله الله بالحق,
وخَلَقَه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم, وهي قوله: "كن", فكان, وهي نفخة
من الله تعالى نفخها جبريل بأمر ربه, فَصدِّقوا بأن الله واحد وأسلموا له, وصدِّقوا
رسله فيما جاؤوكم به من عند الله واعملوا به, ولا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين.
انتهوا عن هذه المقالة خيرًا لكم مما أنتم عليه, إنما الله إله واحد سبحانه.
ما في السموات والأرض مُلْكُه, فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد؟ وكفى بالله وكيلا
على تدبير خلقه وتصريف معاشهم, فتوكَّلوا عليه وحده فهو كافيكم.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281227603.png

لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172)

لن يَأْنف ولن يمتنع المسيح أن يكون عبدًا لله, وكذلك لن يأنَفَ الملائكة المُقَرَّبون من
الإقرار بالعبودية لله تعالى. ومن يأنف عن الانقياد والخضوع ويستكبر فسيحشرهم كلهم
إليه يوم القيامة, ويفصلُ بينهم بحكمه العادل, ويجازي كلا بما يستحق.

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ
اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً
وَلا نَصِيراً (173)

فأمَّا الذين صَدَّقوا بالله اعتقادًا وقولا وعملا واستقاموا على شريعته فيوفيهم ثواب
أعمالهم, ويزيدُهم من فضله, وأما الذين امتنعوا عن طاعة الله, واستكبروا عن التذلل
له فيعذبهم عذابًا موجعًا, ولا يجدون لهم وليًّا ينجيهم من عذابه, ولا ناصرًا ينصرهم
من دون الله.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم, وهو رسولنا محمد, وما جاء به من البينات
والحجج القاطعة, وأعظمها القرآن الكريم, مما يشهد بصدق نبوته ورسالته الخاتمة,
وأنزلنا إليكم القرآن هدًى ونورًا مبينًا.

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ
صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (175)

فأمَّا الذين صدَّقوا بالله اعتقادًا وقولا وعملا واستمسكوا بالنور الذي أُنزل إليهم,
فسيدخلهم الجنة رحمة منه وفضلا ويوفقهم إلى سلوك الطريق المستقيم المفضي
إلى روضات الجنات.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281228223.png

يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ
مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا
إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (176)

يسألونك -أيها الرسول- عن حكم ميراث الكلالة, وهو من مات وليس له ولدٌ ولا والد,
قل: الله يُبيِّن لكم الحكم فيها: إن مات امرؤ ليس له ولد ولا والد, وله أخت لأبيه وأمه,
أو لأبيه فقط, فلها نصف تركته, ويرث أخوها شقيقًا كان أو لأب جميع مالها إذا ماتت
وليس لها ولد ولا والد. فإن كان لمن مات كلالةً أختان فلهما الثلثان مما ترك. وإذا
اجتمع الذكور من الإخوة لغير أم مع الإناث فللذكر مثل نصيب الأنثيين من أخواته.
يُبيِّن الله لكم قسمة المواريث وحكم الكلالة, لئلا تضلوا عن الحقِّ في أمر المواريث.
والله عالم بعواقب الأمور, وما فيها من الخير لعباده.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281210987.gif


تم بحمدالله تفسير سورة النساء ..



لمسة دفئ 01-22-2011 08:48 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...b3e4ce027e.gif
- سورة المائدة -

مدنية - عدد أياتها 120

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0674affcfb.gif

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي
الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, أتِمُّوا عهود الله الموثقة, من الإيمان
بشرائع الدين, والانقياد لها, وأَدُّوا العهود لبعضكم على بعض من الأمانات, والبيوع
وغيرها, مما لم يخالف كتاب الله, وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أحَلَّ
الله لكم البهيمة من الأنعام, وهي الإبلُ والبقر والغنم, إلا ما بيَّنه لكم من تحريم الميتة
والدم وغير ذلك, ومن تحريم الصيد وأنتم محرمون. إن الله يحكم ما يشاء وَفْق حكمته
وعدله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ
الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتعدَّوا حدود الله ومعالمه, ولا تستحِلُّوا
القتال في الأشهر الحرم, وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب, وكان ذلك في صدر
الإسلام, ولا تستحِلُّوا حرمة الهَدْي, ولا ما قُلِّدَ منه; إذ كانوا يضعون القلائد, وهي ضفائر
من صوف أو وَبَر في الرقاب علامةً على أن البهيمة هَدْيٌ وأن الرجل يريد الحج,
ولا تَسْتَحِلُّوا قتال قاصدي البيت الحرام الذين يبتغون من فضل الله ما يصلح معايشهم
ويرضي ربهم. وإذا حللتم من إحرامكم حلَّ لكم الصيد, ولا يحمِلَنَّكم بُغْض قوم من أجل
أن منعوكم من الوصول إلى المسجد الحرام -كما حدث عام "الحديبية"- على ترك العدل
فيهم. وتعاونوا -أيها المؤمنون فيما بينكم- على فِعْل الخير, وتقوى الله, ولا تعاونوا على
ما فيه إثم ومعصية وتجاوز لحدود الله, واحذروا مخالفة أمر الله فإنه شديد العقاب.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...853d2f1140.gif

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ
وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا
بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنْ اضْطُرَّ فِي
مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)

حرَّم الله عليكم الميتة, وهي الحيوان الذي تفارقه الحياة بدون ذكاة, وحرَّم عليكم الدم
السائل المُراق, ولحم الخنزير, وما ذُكِر عليه غير اسم الله عند الذبح, والمنخنقة التي
حُبِس نَفَسُها حتى ماتت, والموقوذة وهي التي ضُربت بعصا أو حجر حتى ماتت,
والمُتَرَدِّية وهي التي سقطت من مكان عال أو هَوَت في بئر فماتت, والنطيحة وهي
التي ضَرَبَتْها أخرى بقرنها فماتت, وحرَّم الله عليكم البهيمة التي أكلها السبُع,
كالأسد والنمر والذئب, ونحو ذلك. واستثنى -سبحانه- مما حرَّمه من المنخنقة
وما بعدها ما أدركتم ذكاته قبل أن يموت فهو حلال لكم, وحرَّم الله عليكم ما ذُبِح لغير
الله على ما يُنصب للعبادة من حجر أو غيره, وحرَّم الله عليكم أن تطلبوا عِلْم
ما قُسِم لكم أو لم يقسم بالأزلام, وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها إذا أرادوا
أمرًا قبل أن يقدموا عليه. ذلكم المذكور في الآية من المحرمات -إذا ارتُكبت-
خروج عن أمر الله وطاعته إلى معصيته. الآن انقطع طمع الكفار من دينكم أن ترتدوا
عنه إلى الشرك بعد أن نصَرْتُكم عليهم, فلا تخافوهم وخافوني. اليوم أكملت لكم دينكم
دين الإسلام بتحقيق النصر وإتمام الشريعة, وأتممت عليكم نعمتي بإخراجكم من ظلمات
الجاهلية إلى نور الإيمان, ورضيت لكم الإسلام دينًا فالزموه, ولا تفارقوه. فمن اضطرَّ
في مجاعة إلى أكل الميتة, وكان غير مائل عمدًا لإثم, فله تناوله, فإن الله غفور له,
رحيم به.

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ
مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)

يسألك أصحابك -أيها النبي- : ماذا أُحِلَّ لهم أَكْلُه؟ قل لهم: أُحِلَّ لكم الطيبات وصيدُ
ما دَرَّبتموه من ذوات المخالب والأنياب من الكلاب والفهود والصقور ونحوها مما يُعَلَّم,
تعلمونهن طلب الصيد لكم, مما علمكم الله, فكلوا مما أمسكن لكم, واذكروا اسم الله
عند إرسالها للصيد, وخافوا الله فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه. إن الله سريع الحساب
.


الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي
الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5)

ومن تمام نعمة الله عليكم اليوم -أيها المؤمنون- أن أَحَلَّ لكم الحلال الطيب, وذبائحُ اليهود
والنصارى -إن ذكَّوها حَسَبَ شرعهم- حلال لكم وذبائحكم حلال لهم. وأَحَلَّ لكم
-أيها المؤمنون- نكاح المحصنات, وهُنَّ الحرائر من النساء المؤمنات, العفيفات عن
الزنى, وكذلك نكاحَ الحرائر العفيفات من اليهود والنصارى إذا أعطيتموهُنَّ مهورهن,
وكنتم أعِفَّاء غير مرتكبين للزنى, ولا متخذي عشيقات, وأمِنتم من التأثر بدينهن.
ومن يجحد شرائع الإيمان فقد بطل عمله, وهو يوم القيامة من الخاسرين.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c9b40a6b14.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...b3e4ce027e.gif
- سورة المائدة -

مدنية - عدد أياتها 120

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0674affcfb.gif

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي
الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, أتِمُّوا عهود الله الموثقة, من الإيمان
بشرائع الدين, والانقياد لها, وأَدُّوا العهود لبعضكم على بعض من الأمانات, والبيوع
وغيرها, مما لم يخالف كتاب الله, وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أحَلَّ
الله لكم البهيمة من الأنعام, وهي الإبلُ والبقر والغنم, إلا ما بيَّنه لكم من تحريم الميتة
والدم وغير ذلك, ومن تحريم الصيد وأنتم محرمون. إن الله يحكم ما يشاء وَفْق حكمته
وعدله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ
الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتعدَّوا حدود الله ومعالمه, ولا تستحِلُّوا
القتال في الأشهر الحرم, وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب, وكان ذلك في صدر
الإسلام, ولا تستحِلُّوا حرمة الهَدْي, ولا ما قُلِّدَ منه; إذ كانوا يضعون القلائد, وهي ضفائر
من صوف أو وَبَر في الرقاب علامةً على أن البهيمة هَدْيٌ وأن الرجل يريد الحج,
ولا تَسْتَحِلُّوا قتال قاصدي البيت الحرام الذين يبتغون من فضل الله ما يصلح معايشهم
ويرضي ربهم. وإذا حللتم من إحرامكم حلَّ لكم الصيد, ولا يحمِلَنَّكم بُغْض قوم من أجل
أن منعوكم من الوصول إلى المسجد الحرام -كما حدث عام "الحديبية"- على ترك العدل
فيهم. وتعاونوا -أيها المؤمنون فيما بينكم- على فِعْل الخير, وتقوى الله, ولا تعاونوا على
ما فيه إثم ومعصية وتجاوز لحدود الله, واحذروا مخالفة أمر الله فإنه شديد العقاب.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...853d2f1140.gif

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ
وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا
بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنْ اضْطُرَّ فِي
مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)

حرَّم الله عليكم الميتة, وهي الحيوان الذي تفارقه الحياة بدون ذكاة, وحرَّم عليكم الدم
السائل المُراق, ولحم الخنزير, وما ذُكِر عليه غير اسم الله عند الذبح, والمنخنقة التي
حُبِس نَفَسُها حتى ماتت, والموقوذة وهي التي ضُربت بعصا أو حجر حتى ماتت,
والمُتَرَدِّية وهي التي سقطت من مكان عال أو هَوَت في بئر فماتت, والنطيحة وهي
التي ضَرَبَتْها أخرى بقرنها فماتت, وحرَّم الله عليكم البهيمة التي أكلها السبُع,
كالأسد والنمر والذئب, ونحو ذلك. واستثنى -سبحانه- مما حرَّمه من المنخنقة
وما بعدها ما أدركتم ذكاته قبل أن يموت فهو حلال لكم, وحرَّم الله عليكم ما ذُبِح لغير
الله على ما يُنصب للعبادة من حجر أو غيره, وحرَّم الله عليكم أن تطلبوا عِلْم
ما قُسِم لكم أو لم يقسم بالأزلام, وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها إذا أرادوا
أمرًا قبل أن يقدموا عليه. ذلكم المذكور في الآية من المحرمات -إذا ارتُكبت-
خروج عن أمر الله وطاعته إلى معصيته. الآن انقطع طمع الكفار من دينكم أن ترتدوا
عنه إلى الشرك بعد أن نصَرْتُكم عليهم, فلا تخافوهم وخافوني. اليوم أكملت لكم دينكم
دين الإسلام بتحقيق النصر وإتمام الشريعة, وأتممت عليكم نعمتي بإخراجكم من ظلمات
الجاهلية إلى نور الإيمان, ورضيت لكم الإسلام دينًا فالزموه, ولا تفارقوه. فمن اضطرَّ
في مجاعة إلى أكل الميتة, وكان غير مائل عمدًا لإثم, فله تناوله, فإن الله غفور له,
رحيم به.

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ
مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)

يسألك أصحابك -أيها النبي- : ماذا أُحِلَّ لهم أَكْلُه؟ قل لهم: أُحِلَّ لكم الطيبات وصيدُ
ما دَرَّبتموه من ذوات المخالب والأنياب من الكلاب والفهود والصقور ونحوها مما يُعَلَّم,
تعلمونهن طلب الصيد لكم, مما علمكم الله, فكلوا مما أمسكن لكم, واذكروا اسم الله
عند إرسالها للصيد, وخافوا الله فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه. إن الله سريع الحساب
.


الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي
الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5)

ومن تمام نعمة الله عليكم اليوم -أيها المؤمنون- أن أَحَلَّ لكم الحلال الطيب, وذبائحُ اليهود
والنصارى -إن ذكَّوها حَسَبَ شرعهم- حلال لكم وذبائحكم حلال لهم. وأَحَلَّ لكم
-أيها المؤمنون- نكاح المحصنات, وهُنَّ الحرائر من النساء المؤمنات, العفيفات عن
الزنى, وكذلك نكاحَ الحرائر العفيفات من اليهود والنصارى إذا أعطيتموهُنَّ مهورهن,
وكنتم أعِفَّاء غير مرتكبين للزنى, ولا متخذي عشيقات, وأمِنتم من التأثر بدينهن.
ومن يجحد شرائع الإيمان فقد بطل عمله, وهو يوم القيامة من الخاسرين.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c9b40a6b14.gif

لمسة دفئ 01-22-2011 08:50 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0f975bed18.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...fad6471d1f.gif

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا
بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ
أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)

يا أيها الذين آمنوا إذا أردتم القيام إلى الصلاة, وأنتم على غير طهارة فاغسلوا وجوهكم
وأيديكم مع المرافق (والمِرْفَق: المِفْصَل الذي بين الذراع والعَضُد) وامسحوا رؤوسكم,
واغسلوا أرجلكم مع الكعبين (وهما: العظمان البارزان عند ملتقى الساق بالقدم) .
وإن أصابكم الحدث الأكبر فتطهروا بالاعتسال منه قبل الصلاة. فإن كنتم مرضى,
أو على سفر في حال الصحة, أو قضى أحدكم حاجته, أو جامع زوجته فلم تجدوا ماء
فاضربوا بأيديكم وجه الأرض, وامسحوا وجوهكم وأيديكم منه. ما يريد الله في أمر
الطهارة أن يُضَيِّق عليكم, بل أباح التيمم توسعةً عليكم, ورحمة بكم, إذ جعله بديلا للماء
في الطهارة, فكانت رخصة التيمُّم من تمام النعم التي تقتضي شكر المنعم; بطاعته فيما
أمر وفيما نهى.

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)

واذكروا نعمة الله عليكم فيما شَرَعه لكم, واذكروا عهده الذي أخذه تعالى عليكم من
الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, والسمع والطاعة لهما, واتقوا
الله فيما أمركم به ونهاكم عنه. إن الله عليمٌ بما تُسِرُّونه في نفوسكم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ
تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)

يا أيها الذين آمَنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كونوا قوَّامين بالحق,
ابتغاء وجه الله, شُهداء بالعدل, ولا يحملنكم بُغْضُ قوم على ألا تعدلوا, اعدِلوا بين
الأعداء والأحباب على درجة سواء, فذلك العدل أقرب لخشية الله, واحذروا أن
تجوروا. إن الله خبير بما تعملون, وسيجازيكم به.

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)
وعد الله الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ذنوبهم, وأن يثيبهم
على ذلك الجنة, والله لا يخلف وعده.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...3ebbac50f0.gif

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10)
والذين جحدوا وحدانية الله الدالة على الحق المبين, وكذَّبوا بأدلته التي جاءت بها
الرسل, هم أهل النار الملازمون لها.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ
أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اذكروا ما أنعم الله به عليكم من نعمة
الأمنِ, وإلقاءِ الرعب في قلوب أعدائكم الذين أرادوا أن يبطشوا بكم, فصرفهم الله
عنكم, وحال بينهم وبين ما أرادوه بكم, واتقوا الله واحذروه, وتوكلوا على الله وحده
في أموركم الدينية والدنيوية, وثِقوا بعونه ونصره.

وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ
أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً
لأكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12)

ولقد أخذ الله العهد المؤكَّد على بني إسرائيل أن يخلصوا له العبادة وحده, وأمر الله
موسى أن يجعل عليهم اثني عشر عريفًا بعدد فروعهم, يأخذون عليهم العهد بالسمع
والطاعة لله ولرسوله ولكتابه, وقال الله لبني إسرائيل: إني معكم بحفظي ونصري,
لئن أقمتم الصلاة, وأعطيتم الزكاة المفروضة مستحقيها, وصدَّقتم برسلي فيما
أخبروكم به ونصرتموهم, وأنفقتم في سبيلي, لأكفِّرنَّ عنكم سيئاتكم, ولأدْخِلَنَّكُم جناتٍ
تجري من تحت قصورها الأنهار, فمن جحد هذا الميثاق منكم فقد عدل عن طريق
الحق إلى طريق الضلال.

فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا
حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)

فبسبب نقض هؤلاء اليهود لعهودهم المؤكَّدة طردناهم من رحمتنا, وجعلنا قلوبهم
غليظة لا تلين للإيمان, يبدلون كلام الله الذي أنزله على موسى, وهو التوراة, وتركوا
نصيبًا مما ذُكِّروا به, فلم يعملوا به. ولا تزال -أيها الرسول- تجد من اليهود خيانةً
وغَدرًا, فهم على منهاج أسلافهم إلا قليلا منهم, فاعف عن سوء معاملتهم لك,
واصفح عنهم, فإن الله يحب مَن أحسن العفو والصفح إلى من أساء إليه.
(وهكذا يجد أهل الزيغ سبيلا إلى مقاصدهم السيئة بتحريف كلام الله وتأويله على غير
وجهه, فإن عجَزوا عن التحريف والتأويل تركوا ما لا يتفق مع أهوائهم مِن شرع
الله الذي لا يثبت عليه إلا القليل ممن عصمه الله منهم
).

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...096fbd74e3.gif

وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)

وأخذنا على الذين ادَّعوا أنهم أتباع المسيح عيسى -وليسوا كذلك- العهد المؤكد الذي
أخذناه على بني إسرائيل: بأن يُتابعوا رسولهم وينصروه ويؤازروه, فبدَّلوا دينهم,
وتركوا نصيبًا مما ذكروا به, فلم يعملوا به, كما صنع اليهود, فألقينا بينهم العداوة
والبغضاء إلى يوم القيامة, وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يوم الحساب,
وسيعاقبهم على صنيعهم.

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ
كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)

يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى, قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يبيِّن
لكم كثيرًا مما كنتم تُخْفونه عن الناس مما في التوراة والإنجيل, ويترك بيان ما
لا تقتضيه الحكمة. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين: وهو القرآن الكريم.

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)

يهدي الله بهذا الكتاب المبين من اتبع رضا الله تعالى, طرق الأمن والسلامة, ويخرجهم
بإذنه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان, ويوفقهم إلى دينه القويم.

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ
أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)

لقد كفر النصارى القائلون بأن الله هو المسيح ابن مريم, قل -أيها الرسول- لهؤلاء الجهلة
من النصارى: لو كان المسيح إلهًا كما يدَّعون لقَدرَ أن يدفع قضاء الله إذا جاءه بإهلاكه
وإهلاك أُمِّه ومَن في الأرض جميعًا, وقد ماتت أم عيسى فلم يدفع عنها الموت, كذلك
لا يستطيع أن يدفع عن نفسه; لأنهما عبدان من عباد الله لا يقدران على دفع الهلاك
عنهما, فهذا دليلٌ على أنه بشر كسائر بني آدم. وجميع الموجودات في السموات
والأرض ملك لله, يخلق ما يشاء ويوجده, وهو على كل شيء قدير. فحقيقة التوحيد
توجب تفرُّد الله تعالى بصفات الربوبية والألوهية, فلا يشاركه أحد من خلقه في ذلك,
وكثيرًا ما يقع الناس في الشرك والضلال بغلوهم في الأنبياء والصالحين, كما غلا
النصارى في المسيح, فالكون كله لله, والخلق بيده وحده, وما يظهر من خوارق وآيات
مَرَدُّه إلى الله. يخلق سبحانه ما يشاء, ويفعل ما يريد.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...e3ace1fd55.gif


لمسة دفئ 01-22-2011 08:53 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...508cee3096.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...07b3709208.gif

وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ
مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)

وزعم اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه, قل لهم -أيها الرسول- : فَلأيِّ شيء
يعذِّبكم بذنوبكم؟ فلو كنتم أحبابه ما عذبكم, فالله لا يحب إلا من أطاعه, وقل لهم:
بل أنتم خلقٌ مثلُ سائر بني آدم, إن أحسنتُم جوزيتم بإحسانكم خيرا, وإن أسَأْتُم جوزيتم
بإساءتكم شرًّا, فالله يغفر لمن يشاء, ويعذب من يشاء, وهو مالك الملك, يُصَرِّفه كما
يشاء, وإليه المرجع, فيحكم بين عباده, ويجازي كلا بما يستحق.

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ
بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)

يا أيها اليهود والنصارى قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم, يُبيِّن لكم الحق
والهدى بعد مُدَّة من الزمن بين إرساله بإرسال عيسى ابن مريم; لئلا تقولوا:
ما جاءنا من بشير ولا نذير, فلا عُذرَ لكم بعد إرساله إلبكم, فقد جاءكم من الله رسولٌ
يبشِّر مَن آمن به, ويُنذِز مَن عصاه. والله على كل شيء قدير من عقاب العاصي وثواب
المطيع.

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً
وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ (20)

واذكر -أيها الرسول- إذ قال موسى عليه السلام لقومه: يا بني إسرائيل اذكروا نعمة الله
عليكم, إذ جعل فيكم أنبياء, وجعلكم ملوكًا تملكون أمركم بعد أن كنتم مملوكين لفرعون
وقومه, وقد منحكم من نعمه صنوفًا لم يمنحها أحدًا من عالَمي زمانكم.

يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا
خَاسِرِينَ (21)

يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة -أي المطهرة, وهي "بيت المقدس" وما حولها- التي وعد
الله أن تدخلوها وتقاتلوا مَن فيها من الكفار, ولا ترجعوا عن قتال الجبارين, فتخسروا خير
الدنيا\ وخير الآخرة.

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا
فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)

قالوا: يا موسى, إن فيها قومًا أشداء أقوياء, لا طاقة لنا بحربهم, وإنَّا لن نستطيع دخولها
وهم فيها, فإن يخرجوا منها فإنَّا داخلون.

قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ
غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)

قال رجلان من الذين يخشون الله تعالى, أنعم الله عليهما بطاعته وطاعة نبيِّه, لبني
إسرائيل: ادخلوا على هؤلاء الجبارين باب مدينتهم, أخْذًا بالأسباب, فإذا دخلتم الباب
غلبتموهم, وعلى الله وحده فتوكَّلوا, إن كنتم مُصدِّقين رسوله فيما جاءكم به, عاملين
بشرعه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...ccf8b56de1.gif

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا
قَاعِدُونَ (24)

قال قوم موسى له: إنا لن ندخل المدينة أبدًا ما دام الجبارون فيها, فاذهب أنت وربك
فقاتلاهم, أما نحن فقاعدون هاهنا ولن نقاتلهم. وهذا إصرارٌ منهم على مخالفة
موسى عليه السلام.

قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)
توجَّه موسى إلى ربه داعيًا: إني لا أقدر إلا على نفسي وأخي, فاحكم بيننا وبين القوم
الفاسقين.

قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ
الْفَاسِقِينَ (26)

قال الله لنبيه موسى عليه السلام: إن الأرض المقدَّسة محرَّم على هؤلاء اليهود دخولها
أربعين سنة, يتيهون في الأرض حائرين, فلا تأسف -يا موسى- على القوم الخارجين
عن طاعتي.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ
قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27)

واقصص -أيها الرسول- على بني إسرائيل خَبَر ابنَيْ آدم قابيل وهابيل, وهو خبرٌ حقٌ:
حين قَدَّم كلٌّ منهما قربانًا -وهو ما يُتَقرَّب به إلى الله تعالى - فتقبَّل الله قُربان هابيل;
لأنه كان تقيًّا, ولم يتقبَّل قُربان قابيل; لأنه لم يكن تقيًّا, فحسد قابيلُ أخاه, وقال:
لأقتلنَّك, فَردَّ هابيل: إنما يتقبل الله ممن يخشونه.

لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ (28)

وقال هابيلُ واعظًا أخاه: لَئنْ مَدَدْتَ إليَّ يدكَ لتقتُلني لا تَجِدُ مني مثل فعْلك, وإني أخشى
الله ربَّ الخلائق أجمعين.

إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)
إني أريد أن ترجع حاملا إثم قَتْلي, وإثمك الذي عليك قبل ذلك, فتكون من أهل النار
وملازميها, وذلك جزاء المعتدين.

فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (30)
فَزَيَّنت لقابيلَ نفسُه أن يقتل أخاه, فقتله, فأصبح من الخاسرين الذين باعوا آخرتهم
بدنياهم.

فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ
أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ (31)

لما قتل قابيلُ أخاه لم يعرف ما يصنع بجسده, فأرسل الله غرابًا يحفر حفرةً في الأرض
ليدفن فيها غرابًا مَيِّتًا; ليدل قابيل كيف يدفن جُثمان أخيه؟ فتعجَّب قابيل, وقال:
أعجزتُ أن أصنع مثل صنيع هذا الغراب فأستُرَ عورة أخي؟ فدَفَنَ قابيل أخاه, فعاقبه
الله بالندامة بعد أن رجع بالخسران.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...ba35f98a12.gif

مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ
فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا
بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)

بسبب جناية القتل هذه شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص,
أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد, الموجب للقتل كالشرك والمحاربة
فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله, وأنه من امتنع
عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا; فالحفاظ على حرمة إنسان واحد
حفاظ على حرمات الناس كلهم. ولقد أتت بني إسرائيل رسلُنا بالحجج والدلائل على
صحة ما دعَوهم إليه من الإيمان بربهم, وأداء ما فُرِضَ عليهم, ثم إن كثيرًا منهم
بعد مجيء الرسل إليهم لمتجاوزون حدود الله بارتكاب محارم الله وترك أوامره.

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ
يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي
الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)

إنما جزاء الذين يحاربون الله, ويبارزونه بالعداوة, ويعتدون على أحكامه, وعلى أحكام
رسوله, ويفسدون في الأرض بقتل الأنفس, وسلب الأموال, أن يُقَتَّلوا, أو يُصَلَّبوا مع
القتل (والصلب: أن يُشَدَّ الجاني على خشبة) أو تُقْطَع يدُ المحارب اليمنى ورجله
اليسرى, فإن لم يَتُبْ تُقطعْ يدُه اليسرى ورجلُه اليمنى, أو يُنفَوا إلى بلد غير بلدهم,
ويُحبسوا في سجن ذلك البلد حتى تَظهر توبتُهم. وهذا الجزاء الذي أعدَّه الله للمحاربين
هو ذلّ في الدنيا, ولهم في الآخرة عذاب شديد إن لم يتوبوا.

إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)
لكن مَن أتى من المحاربين من قبل أن تقدروا عليهم وجاء طائعًا نادمًا فإنه يسقط عنه
ما كان لله, فاعلموا -أيها المؤمنون- أن الله غفور لعباده, رحيم بهم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ (35)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, خافوا الله, وتَقَرَّبوا إليه بطاعته
والعمل بما يرضيه, وجاهدوا في سبيله; كي تفوزوا بجناته.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36)

إن الذين جحدوا وحدانية الله, وشريعته, لو أنهم سلكوا جميع ما في الأرض, وملكوا
مثله معه, وأرادوا أن يفتدوا أنفسهم يوم القيامة من عذاب الله بما ملكوا, ما تَقبَّل الله
ذلك منهم, ولهم عذاب مُوجع.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...bd5ab506b2.gif


لمسة دفئ 01-22-2011 08:55 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...5757d263bc.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...62a38dab94.gif

يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)
يريد هؤلاء الكافرون الخروج من النار لما يلاقونه من أهوالها, ولا سبيل لهم إلى
ذلك, ولهم عذاب دائم.

وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)

والسارق والسارقة فاقطعوا -يا ولاة الأمر- أيديهما بمقتضى الشرع, مجازاة لهما
على أَخْذهما أموال الناس بغير حق, وعقوبةً يمنع الله بها غيرهما أن يصنع مثل
صنيعهما. والله عزيز في ملكه, حكيم في أمره ونهيه.

فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)
فمن تاب مِن بعد سرقته, وأصلح في كل أعماله, فإن الله يقبل توبته. إن الله غفور
لعباده, رحيم بهم.

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)

ألم تعلم -أيها الرسول- أن الله خالق الكون ومُدبِّره ومالكه, وأنه تعالى الفعَّال لما يريد,
يعذب من يشاء, ويغفر لمن يشاء, وهو على كل شيء قدير.

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ
وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا
وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)

يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوتك من المنافقين الذين أظهروا
الإسلام وقلوبهم خالية منه, فإني ناصرك عليهم. ولا يحزنك تسرُّع اليهود إلى إنكار
نبوتك, فإنهم قوم يستمعون للكذب, ويقبلون ما يَفْتَريه أحبارُهم, ويستجيبون لقوم آخرين
لا يحضرون مجلسك, وهؤلاء الآخرون يُبَدِّلون كلام الله من بعد ما عَقَلوه, ويقولون:
إن جاءكم من محمد ما يوافق الذي بدَّلناه وحرَّفناه من أحكام التوراة فاعملوا به,
وإن جاءكم منه ما يخالفه فاحذروا قبوله, والعمل به. ومن يشأ الله ضلالته فلن تستطيع
-أيها الرسول- دَفْعَ ذلك عنه, ولا تقدر على هدايته. وإنَّ هؤلاء المنافقين واليهود لم
يُرِدِ الله أن يطهِّر قلوبهم من دنس الكفر, لهم الذلُّ والفضيحة في الدنيا, ولهم في الآخرة
عذاب عظيم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c1dcfedb5e.gif

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ
عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)

هؤلاء اليهود يجمعون بين استماع الكذب وأكل الحرام, فإن جاؤوك يتحاكمون إليك
فاقض بينهم, أو اتركهم, فإن لم تحكم بينهم فلن يقدروا على أن يضروك بشيء, وإن
حكمت فاحكم بينهم بالعدل. إن الله يحب العادلين.

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ
بِالْمُؤْمِنِينَ (43)

إنَّ صنيع هؤلاء اليهود عجيب, فهم يحتكمون إليك -أيها الرسول- وهم لا يؤمنون بك,
ولا بكتابك, مع أن التوراة التي يؤمنون بها عندهم, فيها حكم الله, ثم يتولَّون مِن بعد حكمك
إذا لم يُرضهم, فجمعوا بين الكفر بشرعهم, والإعراض عن حكمك, وليس أولئك المتصفون
بتلك الصفات, بالمؤمنين بالله وبك وبما تحكم به.

إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ
وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي
وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44)

إنا أنزلنا التوراة فيها إرشاد من الضلالة, وبيان للأحكام, وقد حكم بها النبيُّون -الذين
انقادوا لحكم الله, وأقروا به-
بين اليهود, ولم يخرجوا عن حكمها ولم يُحَرِّفوها, وحكم
بها عُبَّاد اليهود وفقهاؤهم الذين يربُّون الناس بشرع الله; ذلك أن أنبياءهم قد
استأمنوهم على تبليغ التوراة, وفِقْه كتاب الله والعمل به, وكان الربانيون والأحبار
شهداء على أن أنبياءهم قد قضوا في اليهود بكتاب الله. ويقول تعالى لعلماء اليهود
وأحبارهم: فلا تخشوا الناس في تنفيذ حكمي; فإنهم لا يقدرون على نفعكم ولا ضَرِّكم,
ولكن اخشوني فإني أنا النافع الضار, ولا تأخذوا بترك الحكم بما أنزلتُ عوضًا حقيرًا.
الحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، فالذين يبدلون حكم الله الذي أنزله في كتابه,
فيكتمونه ويجحدونه ويحكمون بغيره معتقدين حله وجوازه فأولئك هم الكافرون.

وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ
وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45)

وفَرَضنا عليهم في التوراة أن النفس تُقْتَل بالنفس, والعين تُفْقَأ بالعين, والأنف يُجْدَع
بالأنف, والأذُن تُقْطع بالأذُن, والسنَّ تُقْلَعُ بالسنِّ, وأنَّه يُقْتَصُّ في الجروح, فمن تجاوز
عن حقه في الاقتصاص من المُعتدي فذلك تكفير لبعض ذنوب المعتدى عليه وإزالةٌ
لها. ومن لم يحكم بما أنزل الله في القصاص وغيره, فأولئك هم المتجاوزون حدود الله.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9a3756f502.gif

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ
هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46)

وأتبعنا أنبياء بني إسرائيل عيسى ابن مريم مؤمنًا بما في التوراة, عاملا بما فيها مما
لم ينسخه كتابه, وأنزلنا إليه الإنجيل هاديا إلى الحق, ومبيِّنًا لما جهله الناس مِن حكم الله,
وشاهدًا على صدق التوراة بما اشتمل عليه من أحكامها, وقد جعلناه بيانًا للذين يخافون
الله وزاجرًا لهم عن ارتكاب المحرَّمات.

وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ
الْفَاسِقُونَ (47)

وليحكم أهل الإنجيل الذين أُرسِل إليهم عيسى بما أنزل الله فيه. ومن لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الخارجون عن أمره, العاصون له.

وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ
مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)

وأنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن, وكل ما فيه حقّ يشهد على صدق الكتب قبله, وأنها
من عند الله, مصدقًا لما فيها من صحة، ومبيِّنًا لما فيها من تحريف، ناسخًا لبعض
شرائعها, فاحكم بين المحتكمين إليك من اليهود بما أنزل الله إليك في هذا القرآن,
ولا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به إلى أهوائهم وما اعتادوه, فقد جعلنا لكل أمة
شريعة, وطريقة واضحة يعملون بها. ولو شاء الله لجعل شرائعكم واحدة, ولكنه تعالى
خالف بينها ليختبركم, فيظهر المطيع من العاصي, فسارعوا إلى ما هو خير لكم في
الدارين بالعمل بما في القرآن, فإن مصيركم إلى الله, فيخبركم بما كنتم فيه تختلفون,
ويجزي كلا بعمله.

وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ
مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ
كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)

واحكم -أيها الرسول- بين اليهود بما أنزل الله إليك في القرآن, ولا تتبع أهواء الذين
يحتكمون إليك, واحذرهم أن يصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك فتترك العمل به, فإن
أعرض هؤلاء عمَّا تحكم به فاعلم أن الله يريد أن يصرفهم عن الهدى بسبب ذنوبٍ
اكتسبوها من قبل. وإن كثيرًا من الناس لَخارجون عن طاعة ربهم.

أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)
أيريد هؤلاء اليهود أن تحكم بينهم بما تعارف عليه المشركون عبدةُ الأوثان من الضلالات
والجهالات؟! لا يكون ذلك ولا يليق أبدًا ومَن أعدل مِن الله في حكمه لمن عقل عن
الله شَرْعه, وآمن به, وأيقن أن حكم الله هو الحق؟

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...49e54d33f8.gif

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)

يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ وأنصارًا على أهل الإيمان; ذلك
أنهم لا يُوادُّون المؤمنين, فاليهود يوالي بعضهم بعضًا, وكذلك النصارى, وكلا الفريقين
يجتمع على عداوتكم. وأنتم -أيها المؤمنون- أجدرُ بأن ينصر بعضُكم بعضًا.
ومن يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم, وحكمه حكمهم. إن الله لا يوفق الظالمين
الذين يتولون الكافرين.

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)

يخبر الله تعالى عن جماعة من المنافقين أنهم كانوا يبادرون في موادة اليهود لما في
قلوبهم من الشكِّ والنفاق, ويقولون: إنما نوادُّهم خشية أن يظفروا بالمسلمين
فيصيبونا معهم, قال الله تعالى ذكره: فعسى الله أن يأتي بالفتح -أي فتح "مكة"-
وينصر نَبِيَّه, ويُظْهِر الإسلام والمسلمين على الكفار, أو يُهيِّئ من الأمور ما تذهب به
قوةُ اليهود والنَّصارى, فيخضعوا للمسلمين, فحينئذٍ يندم المنافقون على ما أضمروا
في أنفسهم من موالاتهم.

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ
فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53)

وحينئذ يقول بعض المؤمنين لبعض مُتعجِّبين من حال المنافقين -إذا كُشِف أمرهم-:
أهؤلاء الذين أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم لَمَعَنا؟! بطلت أعمال المنافقين التي عملوها
في الدنيا, فلا ثواب لهم عليها; لأنهم عملوها على غير إيمان, فخسروا الدنيا والآخرة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ
فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من يرجع منكم عن دينه, ويستبدل
به اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك, فلن يضرُّوا الله شيئًا, وسوف يأتي الله بقوم
خير منهم يُحِبُّهم ويحبونه, رحماء بالمؤمنين أشدَّاء على الكافرين, يجاهدون أعداء
الله, ولا يخافون في ذات الله أحدًا. ذلك الإنعام مِن فضل الله يؤتيه من أراد, والله
واسع الفضل, عليم بمن يستحقه من عباده.

إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)

إنما ناصركم -أيُّها المؤمنون- الله ورسوله, والمؤمنون الذين يحافظون على
الصلاة المفروضة, ويؤدون الزكاة عن رضا نفس, وهم خاضعون لله.

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ (56)
ومن وثق بالله وتولَّى الله ورسوله والمؤمنين, فهو من حزب الله, وحزب الله هم
الغالبون المنتصرون.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تتخذوا الذين يستهزئون
ويتلاعبون بدينكم من أهل الكتاب والكفارَ أولياءَ, وخافوا الله إن كنتم مؤمنين
به وبشرعه.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...6a3613b336.gif


لمسة دفئ 01-22-2011 08:56 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...7b91829d26.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...7a8b13bac9.gif

وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (58)
وإذا أذَّن مؤذنكم -أيها المؤمنون- بالصلاة سخر اليهود والنصارى والمشركون
واستهزؤوا من دعوتكم إليها؛ وذلك بسبب جهلهم بربهم، وأنهم لا يعقلون حقيقة
العبادة.

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ
وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المستهزئين من أهل الكاب: ما تَجِدُونه مطعنًا أو عيبًا هو
محمدة لنا: من إيماننا بالله وكتبه المنزلة علينا, وعلى من كان قبلنا, وإيماننا بأن
أكثركم خارجون عن الطريق المستقيم!

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ
وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)

قل -أيها النبي- للمؤمنين: هل أخبركم بمن يُجازَى يوم القيامة جزاءً أشدَّ مِن جزاء
هؤلاء الفاسقين؟ إنهم أسلافهم الذين طردهم الله من رحمته وغَضِب عليهم, ومَسَخَ
خَلْقهم, فجعل منهم القردة والخنازير, بعصيانهم وافترائهم وتكبرهم, كما كان منهم عُبَّاد
الطاغوت (وهو كل ما عُبِد من دون الله وهو راضٍ), لقد ساء مكانهم في الآخرة,
وضلَّ سَعْيُهم في الدنيا عن الطريق الصحيح.

وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا
يَكْتُمُونَ (61)

وإذا جاءكم -أيها المؤمنون- منافقو اليهود, قالوا: آمنَّا, وهم مقيمون على كفرهم,
قد دخلوا عليكم بكفرهم الذي يعتقدونه بقلوبهم, ثم خرجوا وهم مصرُّون عليه, والله
أعلم بسرائرهم, وإن أظهروا خلاف ذلك.

وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (62)

وترى -أيها الرسول- كثيرًا من اليهود يبادرون إلى المعاصي من قول الكذب والزور,
والاعتداء على أحكام الله, وأكْل أموال الناس بالباطل, لقد ساء عملهم واعتداؤهم.

لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ (63)

هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان أئمتُهم وعلماؤهم, عن قول الكذب
والزور, وأكل أموال الناس بالباطل, لقد ساء صنيعهم حين تركوا النهي عن المنكر.

وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ
يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ
فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)

يُطلع الله نَبِيَّه على شيء من مآثم اليهود -وكان مما يُسرُّونه فيما بينهم- أنهم قالوا:
يد الله محبوسة عن فعل الخيرات, بَخِلَ علينا بالرزق والتوسعة, وذلك حين لحقهم
جَدْب وقحط. غُلَّتْ أيديهم, أي: حبست أيديهم هم عن فِعْلِ الخيرات, وطردهم الله من
رحمته بسبب قولهم. وليس الأمر كما يفترونه على ربهم, بل يداه مبسوطتان لا حَجْرَ
عليه, ولا مانع يمنعه من الإنفاق, فإنه الجواد الكريم, ينفق على مقتضى الحكمة
وما فيه مصلحة العباد. وفي الآية إثبات لصفة اليدين لله سبحانه وتعالى كما يليق به
من غير تشبيه ولا تكييف. لكنهم سوف يزدادون طغيانًا وكفرًا بسبب حقدهم وحسدهم;
لأن الله قد اصطفاك بالرسالة. ويخبر تعالى أن طوائف اليهود سيظلون إلى يوم القيامة
يعادي بعضهم بعضًا, وينفر بعضهم من بعض, كلما تآمروا على الكيد للمسلمين بإثارة
الفتن وإشعال نار الحرب ردَّ الله كيدهم, وفرَّق شملهم, ولا يزال اليهود يعملون بمعاصي
الله مما ينشأ عنها الفساد والاضطراب في الأرض. والله تعالى لا يحب المفسدين.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...8dfb41e2b4.gif

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65)
ولو أن اليهود والنصارى صدَّقوا الله ورسوله, وامتثلوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه,
لكفَّرنا عنهم ذنوبهم, ولأدخلناهم جنات النعيم في الدار الآخرة.

وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ
أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)

ولو أنَّهم عملوا بما في التوراة والإنجيل, وبما أُنْزِل عليك أيها الرسول
- وهو القرآن الكريم - لرُزِقوا من كلِّ سبيلٍ, فأنزلنا عليهم المطر, وأنبتنا لهم الثمر,
وهذا جزاء الدنيا. وإنَّ مِن أهل الكتاب فريقًا معتدلا ثابتًا على الحق, وكثير منهم ساء
عملُه, وضل عن سواء السبيل.

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ
مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)

يا أيها الرسول بلِّغ وحي الله الذي أنزِل إليك من ربك, وإن قصَّرت في البلاغ فَكَتَمْتَ
منه شيئًا, فإنك لم تُبَلِّغ رسالة ربِّك, وقد بلَّغ صلى الله عليه وسلم رسالة ربه كاملة,
فمن زعم أنه كتم شيئًا مما أنزِل عليه, فقد أعظم على الله ورسوله الفرية.
والله تعالى حافظك وناصرك على أعدائك, فليس عليك إلا البلاغ. إن الله لا يوفق
للرشد مَن حاد عن سبيل الحق, وجحد ما جئت به من عند الله.

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ
الْكَافِرِينَ (68)

قل -أيها الرسول- لليهود والنصارى: إنكم لستم على حظٍّ من الدين ما دمتم لم تعملوا
بما في التوراة والإنجيل, وما جاءكم به محمد من القرآن, وإن كثيرًا من أهل الكتاب
لا يزيدهم إنزالُ القرآن إليك إلا تجبُّرًا وجحودًا, فهم يحسدونك; لأن الله بعثك بهذه
الرسالة الخاتمة, التي بَيَّن فيها معايبهم, فلا تحزن -أيها الرسول- على تكذيبهم لك.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)

إن الذين آمنوا (وهم المسلمون) واليهود, والصابئين (وهم قوم باقون على فطرتهم,
ولا دين مقرر لهم يتبعونه
) والنصارى (وهم أتباع المسيح) من آمن منهم بالله
الإيمان الكامل, وهو توحيد الله والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به,
وآمن باليوم الآخر, وعمل العمل الصالح, فلا خوف عليهم من أهوال يوم القيامة,
ولا هم يحزنون على ما تركوه وراءهم في الدنيا.

لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى
أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (70)

لقد أخذنا العهد المؤكَّد على بني إسرائيل في التوراة بالسمع والطاعة, وأرسلنا إليهم
بذلك رسلنا, فَنَقَضوا ما أُخذ عليهم من العهد, واتبعوا أهواءهم, وكانوا كلما جاءهم
رسول من أولئك الرسل بما لا تشتهيه أنفسهم عادَوْه: فكذبوا فريقًا من الرسل,
وقتلوا فريقًا آخر.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a5aa28b9ae.gif

وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71)

وظنَّ هؤلاء العُصاة أن الله لن يأخذهم بالعذاب جزاء عصيانهم وعُتُوِّهم, فمضوا في
شهواتهم, وعمُوا عن الهدى فلم يبصروه, وصَمُّوا عن سماع الحقِّ فلم ينتفعوا به,
فأنزل الله بهم بأسه, فتابوا فتاب الله عليهم, ثم عَمِي كثيرٌ منهم, وصمُّوا, بعدما تبين
لهم الحقُّ, والله بصير بأعمالهم خيرها وشرها وسيجازيهم عليها.

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا
اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72)

يقسم الله تعالى بأن الذين قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم, قد كفروا بمقالتهم هذه,
وأخبر تعالى أن المسيح قال لبني إسرائيل: اعبدوا الله وحده لا شريك له, فأنا وأنتم
في العبودية سواء. إنه من يعبد مع الله غيره فقد حرَّم الله عليه الجنة, وجعل النار
مُستَقَرَّه, وليس له ناصرٌ يُنقذُه منها.

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا
يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)

لقد كفر من النصارى من قال: إنَّ الله مجموع ثلاثة أشياء: هي الأب, والابن, وروح
القدس. أما عَلِمَ هؤلاء النصارى أنه ليس للناس سوى معبود واحد, لم يلد ولم يولد,
وإن لم ينته أصحاب هذه المقالة عن افترائهم وكذبهم ليُصِيبَنَّهم عذاب مؤلم موجع
بسبب كفرهم بالله.

أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)
أفلا يرجع هؤلاء النصارى إلى الله تعالى, ويتولون عمَّا قالوا, ويسألون الله تعالى
المغفرة؟ والله تعالى متجاوز عن ذنوب التائبين, رحيمٌ بهم

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ
انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)

ما المسيح ابن مريم عليه السلام إلا رسولٌ كمن تقدمه من الرسل, وأُمُّه قد صَدَّقت تصديقًا
جازمًا علمًا وعملا وهما كغيرهما من البشر يحتاجان إلى الطعام, ولا يكون إلهًا مَن
يحتاج الى الطعام ليعيش. فتأمَّل -أيها الرسول- حال هؤلاء الكفار. لقد وضحنا العلاماتِ
الدالةَ على وحدانيتنا, وبُطلان ما يَدَّعونه في أنبياء الله. ثم هم مع ذلك يَضِلُّون عن
الحق الذي نَهديهم إليه, ثم انظر كيف يُصرفون عن الحق بعد هذا البيان؟

قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء الكفرة: كيف تشركون مع الله من لا يَقْدِرُ على ضَرِّكم, ولا
على جَلْبِ نفع لكم؟ والله هو السميع لأقوال عباده, العليم بأحوالهم

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ
وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)

قل -أيها الرسول- للنصارى: لا تتجاوزوا الحقَّ فيما تعتقدونه من أمر المسيح,
ولا تتبعوا أهواءكم, كما اتَّبع اليهود أهواءهم في أمر الدين, فوقعوا في الضلال,
وحملوا كثيرًا من الناس على الكفر بالله, وخرجوا عن طريق الاستقامة الى طريق
الغَواية والضلال.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0b18b39944.gif


لمسة دفئ 01-22-2011 08:59 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c89ee70b14.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...b0ae6d28bc.gif

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا
وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78)

يخبر تعالى أنه طرد من رحمته الكافرين من بني إسرائيل في الكتاب الذي أنزله على داود
-عليه السلام- وهو الزَّبور, وفي الكتاب الذي أنزله على عيسى - عليه السلام - وهو
الإنجيل; بسبب عصيانهم واعتدائهم على حرمات الله.

كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)
كان هؤلاء اليهود يُجاهرون بالمعاصي ويرضونها, ولا يَنْهى بعضُهم بعضًا عن أيِّ منكر
فعلوه, وهذا من أفعالهم السيئة, وبه استحقوا أن يُطْرَدُوا من رحمة الله تعالى.

تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80)

تَرَى -أيها الرسول- كثيرًا من هؤلاء اليهود يتخذون المشركين أولياء لهم, ساء ما
عملوه من الموالاة الني كانت سببًا في غضب الله عليهم, وخلودهم في عذاب الله
يوم القيامة.

وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ
فَاسِقُونَ (81)

ولو أن هؤلاء اليهود الذين يناصرون المشركين كانوا قد آمنوا بالله تعالى والنبي
محمد صلى الله عليه وسلم, وأقرُّوا بما أنزل إليه -وهو القرآن الكريم- ما اتخذوا
الكفار أصحابًا وأنصارًا, ولكن كثيرًا منهم خارجون عن طاعة الله ورسوله.

لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ
آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82)


لتجدنَّ -أيها الرسول- أشدَّ الناس عداوة للذين صدَّقوك وآمنوا بك واتبعوك, اليهودَ;
لعنادهم, وجحودهم, وغمطهم الحق, والذين أشركوا مع الله غيره, كعبدة الأوثان
وغيرهم, ولتجدنَّ أقربهم مودة للمسلمين الذين قالوا: إنا نصارى, ذلك بأن منهم علماء
بدينهم متزهدين وعبَّادًا في الصوامع متنسكين, وأنهم متواضعون لا يستكبرون عن
قَبول الحق, وهؤلاء هم الذين قبلوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم, وآمنوا بها.

وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ
يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)

ومما يدل على قرب مودتهم للمسلمين أن فريقًا منهم :
(وهم وفد الحبشة لما سمعوا القرآن) فاضت أعينهم من الدمع فأيقنوا أنه حقٌّ منزل
من عند الله تعالى, وصدَّقوا بالله واتبعوا رسوله, وتضرعوا إلى الله أن يكرمهم بشرف
الشهادة مع أمَّة محمد عليه السلام على الأمم يوم القيامة.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...7e062eacf7.gif

وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنْ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ
الصَّالِحِينَ (84)

وقالوا: وأيُّ لوم علينا في إيماننا بالله, وتصديقنا بالحق الذي جاءنا به محمد..
صلى الله عليه وسلم من عند الله, واتباعنا له, ونرجو أن يدخلنا ربنا مع أهل طاعته
في جنته يوم القيامة؟

فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ
الْمُحْسِنِينَ (85)

فجزاهم الله بما قالوا من الاعتزاز بإيمانهم بالإسلام, وطلبهم أن يكونوا مع القوم
الصالحين, جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار, ماكثين فيها لا يخرجون منها,
ولا يُحوَّلون عنها, وذلك جزاء إحسانهم في القول والعمل.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86)
والذين جحدوا وحدانية الله وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, وكذَّبوا بآياته المنزلة
على رسله, أولئك هم أصحاب النار الملازمون لها.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ (87)

يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات أحلَّها الله لكم من المطاعم والمشارب ونكاح النساء,
فتضيقوا ما وسَّع الله عليكم, ولا تتجاوزوا حدود ما حرَّم الله. إن الله لا يحب المعتدين.

وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)
وتمتعوا -أيها المؤمنون- بالحلال الطيب مما أعطاكم الله ومنحكم إياه, واتقوا الله بامتثال
أوامره, واجتناب نواهيه; فإن إيمانكم بالله يوجب عليكم تقواه ومراقبته.

لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ
عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ
فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)

لا يعاقبكم الله -أيها المسلمون- فيما لا تقصدون عَقْدَه من الأيمان, مثل قول بعضكم:
لا والله, وبلى والله, ولكن يعاقبكم فيما قصدتم عقده بقلوبكم, فإذا لم تَفُوا باليمين فإثم
ذلك يمحوه الله بما تقدِّمونه مما شرعه الله لكم كفارة من إطعام عشرة مساكين, لكل
سكين نصف صاع من أوسط طعام أهل البلد, أو كسوتهم, لكل مسكين ما يكفي في
الكسوة عُرفًا, أو إعتاق مملوك من الرق, فالحالف الذي لم يف بيمينه مخير بين هنا
الأمور الثلاثة, فمن لم يجد شيئًا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام. تلك مكفرات عدم
الوفاء بأيمانكم, واحفظوا -أيها المسلمون- أيمانكم: باجتناب الحلف, أو الوفاء إن
حلفتم, أو الكفارة إذا لم تفوا بها. وكما بيَّن الله لكم حكم الأيمان والتحلل منها يُبيِّن لكم
أحكام دينه; لتشكروا له على هدايته إياكم إلى الطريق المستقيم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إنما الخمر: وهي كل مسكر يغطي
العقل, والميسر: وهو القمار, وذلك يشمل المراهنات ونحوها, مما فيه عوض من
الجانبين, وصدٌّ عن ذكر الله, والأنصاب: وهي الحجارة التي كان المشركون يذبحون
عندها تعظيمًا لها, وما ينصب للعبادة تقربًا إليه, والأزلام: وهي القِداح التي يستقسم
بها الكفار قبل الإقدام على الشيء, أو الإحجام عنه, إن ذلك كله إثمٌ مِن تزيين الشيطان,
فابتعدوا عن هذه الآثام, لعلكم تفوزون بالجنة.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...03b4e2ca87.gif

إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ
ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91)

إنما يريد الشيطان بتزيين الآثام لكم أن يُلقِي بينكم ما يوجد العداوة والبغضاء, بسبب
شرب الخمر ولعب الميسر, ويصرفكم عن ذكر الله وعن الصلاة بغياب العقل في شرب
الخمر, والاشتغال باللهو في لعب الميسر, فانتهوا عن ذلك.

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ
الْمُبِينُ (92)

وامتثلوا -أيها المسلمون- طاعة الله وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في
كل ما تفعلون وتتركون, واتقوا الله وراقبوه في ذلك, فإن أعرضتم عن الامتثال
فعملتم ما نهيتم عنه, فاعلموا أنما على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم البلاغ
المبين.

لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)

ليس على المؤمنين الذين شربوا الخمر قبل تحريمها إثم في ذلك, إذا تركوها واتقوا
سخط الله وآمنوا به, وقدَّموا الأعمال الصالحة التي تدل على إيمانهم ورغبتهم في
رضوان الله تعالى عنهم, ثم ازدادوا بذلك مراقبة لله عز وجل وإيمانا به, حتى أصبحوا
مِن يقينهم يعبدونه, وكأنهم يرونه. وإن الله تعالى يحب الذين بلغوا درجة الإحسان
حتى أصبح إيمانهم بالغيب كالمشاهدة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ
يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94)

يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, ليبلونكم الله بشيء من الصيد يقترب
منكم على غير المعتاد حيث تستطيعون أَخْذَ صغاره بغير سلاح وأخذ كباره بالسلاح;
ليعلم الله علمًا ظاهرًا للخلق الذين يخافون ربهم بالغيب, ليقينهم بكمال علمه بهم,
وذلك بإمساكهم عن الصيد, وهم محرمون. فمن تجاوز حَدَّه بعد هذا البيان فأقدم على
الصيد -وهو مُحْرِم- فإنه يستحق العذاب الشديد.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ
مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ
صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ
ذُو انتِقَامٍ (95)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تقتلوا صيد البر, وأنتم محرمون
بحج أو عمرة, أو كنتم داخل الحرم ومَن قتل أيَّ نوعٍ من صيد البرِّ متعمدًا فجزاء ذلك
أن يذبح مثل ذلك الصيد من بهيمة الأنعام: الإبل أو البقر أو الغنم, بعد أن يُقَدِّره اثنان
عدلان, وأن يهديه لفقراء الحرم, أو أن يشتري بقيمة مثله طعامًا يهديه لفقراء الحرم
لكل مسكين نصف صاع, أو يصوم بدلا من ذلك يوما عن كل نصف صاع من ذلك
الطعام, فَرَضَ الله عليه هذا الجزاء; ليلقى بإيجاب الجزاء المذكور عاقبة فِعْله.
والذين وقعوا في شيء من ذلك قبل التحريم فإن الله تعالى قد عفا عنهم, ومَن عاد إلى
المخالفة متعمدًا بعد التحريم, فإنه مُعَرَّض لانتقام الله منه. والله تعالى عزيز قويٌّ
منيع في سلطانه, ومِن عزته أنه ينتقم ممن عصاه إذا أراد, لا يمنعه من ذلك مانع.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2cfffe3a97.gif


لمسة دفئ 01-22-2011 09:01 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f99ffb2715.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...7412f49856.gif

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)

أحل الله لكم -أيها المسلمون- في حال إحرامكم صيد البحر, وهو ما يصاد منه حيًّا,
وطعامه: وهو الميت منه; من أجل انتفاعكم به مقيمين أو مسافرين, وحرم عليكم صيد
البَرِّ ما دمتم محرمين بحج أو عمرة. واخشوا الله ونفذوا جميع أوامِره, واجتنبوا جميع
نواهيه; حتى تظفَروا بعظيم ثوابه, وتَسْلموا من أليم عقابه عندما تحشرون للحساب
والجزاء.

جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)

امتنَّ الله على عباده بأن جعل الكعبة البيت الحرام صلاحًا لدينهم, وأمنًا لحياتهم; وذلك
حيث آمنوا بالله ورسوله وأقاموا فرائضه, وحرَّم العدوان والقتال في الأشهر الحرم
(وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) فلا يعتدي فيها أحد على أحد, وحرَّم تعالى
الاعتداء على ما يُهدَى إلى الحرم من بهيمة الأنعام, وحرَّم كذلك الاعتداء على القلائد,
وهي ما قُلِّد إشعارًا بأنه بقصد به النسك; ذلك لتعلموا أن الله يعلم جميع ما في السموات
وما في الأرض, ومن ذلك ما شرعه لحماية خلقه بعضهم من بعض, وأن الله بكل شيء
عليم, فلا تخفى عليه خافية.

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98)
اعلموا -أيها الناس- أن الله جل وعلا شديد العقاب لمن عصاه, وأن الله غفور رحيم لمن
تاب وأناب.

مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99)
يبيِّن الله تعالى أن مهمة رسوله صلى الله عليه وسلم هداية الدلالة والتبليغ, وبيد الله
-وحده- هداية التوفيق, وأن ما تنطوي عليه نفوس الناس مما يُسرون أو يعلنون من
الهداية أو الضلال يعلمه الله.

قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ (100)

قل -أيها الرسول-: لا يستوي الخبيث والطيب من كل شيء, فالكافر لا يساوي المؤمن,
والعاصي لا يساوي المطيع, والجاهل لا يساوي العالم, والمبتدع لا يساوي المتبع,
والمال الحرام لا يساوي الحلال, ولو أعجبك -أيها الإنسان- كثرة الخبيث وعدد أهله.
فاتقوا الله يا أصحاب العقول الراجحة باجتناب الخبائث, وفعل الطيبات; لتفلحوا بنيل
المقصود الأعظم, وهو رضا الله تعالى والفوز بالجنة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ
الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تسألوا عن أشياء من أمور الدين
لم تؤمروا فيها بشيء, كالسؤال عن الأمور غير الواقعة, أو التي يترتب عليها تشديدات
في الشرع, ولو كُلِّفتموها لشقَّتْ عليكم, وإن تسألوا عنها في حياة رسول الله ..
صلى الله عليه وسلم وحين نزول القرآن عليه تُبيَّن لكم, وقد تُكلَّفونها فتعجزون عنها,
تركها الله معافيًا لعباده منها. والله غفور لعباده إذا تابوا, حليم عليهم فلا يعاقبهم وقد
أنابوا إليه.

قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102)
إن مثل تلك الأسئلة قد سألها قومٌ مِن قبلكم رسلَهم, فلما أُمِروا بها جحدوها, ولم ينفذوها
, فاحذروا أن تكونوا مثلهم.

مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى
اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (103)

ما شرع الله للمشركين ما ابتدعوه في بهيمة الأنعام مِن تَرْك الانتفاع ببعضها وجعلها
للأصنام, وهي: البَحيرة التي تُقطع أذنها إذا ولدت عددًا من البطون, والسائبة وهي التي
تُترك للأصنام, والوصيلة وهي التي تتصل ولادتها بأنثى بعد أنثى, والحامي وهو الذكر
من الإبل إذا وُلد من صلبه عدد من الإبل, ولكن الكفار نسبوا ذلك إلى الله تعالى افتراء
عليه, وأكثر الكافرين لا يميزون الحق من الباطل.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...b31ecbabd2.gif

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ
كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104)

وإذا قيل لهؤلاء الكفار المحرِّمين ما أحل الله: تعالوا إلى تنزيل الله وإلى رسوله ليتبين
لكم الحلال والحرام, قالوا: يكفينا ما ورثناه عن آبائنا من قول وعمل, أيقولون ذلك
ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا أي: لا يفهمون حقًّا ولا يعرفونه, ولا يهتدون إليه؟
فكيف يتبعونهم, والحالة هذه؟ فإنه لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم وأضل سبيلا.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ألزموا أنفسكم بالعمل بطاعة الله
واجتناب معصيته, وداوموا على ذلك وإن لم يستجب الناس لكم, فإذا فعلتم ذلك فلا
يضركم ضلال مَن ضلَّ إذا لزمتم طريق الاستقامة, وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر,
إلى الله مرجعكم جميعًا في الآخرة, فيخبركم بأعمالكم, ويجازيكم عليها.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ
أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا
مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنْ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ
شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنْ الآثِمِينَ (106)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إذا قرب الموت من أحدكم, فلْيُشْهِد
على وصيته اثنين أمينين من المسلمين أو آخرين من غير المسلمين عند الحاجة,
وعدم وجود غيرهما من المسلمين, تُشهدونهما إن أنتم سافرتم في الأرض فحلَّ بكم
الموت, وإن ارتبتم في شهادتهما فقفوهما من بعد الصلاة -أي صلاة المسلمين,
وبخاصة صلاة العصر-، فيقسمان بالله قسمًا خالصًا لا يأخذان به عوضًا من الدنيا,
ولا يحابيان به ذا قرابة منهما, ولا يكتمان به شهادة لله عندهما, وأنهما إن فَعَلا ذلك
فهما من المذنبين.

فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ
الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنْ
الظَّالِمِينَ (107)

فإن اطلع أولياء الميت على أن الشاهدين المذكورين قد أثما بالخيانة في الشهادة
أو الوصية فليقم مقامهما في الشهادة اثنان من أولياء الميت فيقسمان بالله:
لَشهادتنا الصادقة أولى بالقبول من شهادتهما الكاذبة, وما تجاوزنا الحق في شهادتنا,
إنا إن اعتدينا وشهدنا بغير الحق لمن الظالمين المتجاوزين حدود الله.

ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)

ذلك الحكم عند الارتياب في الشاهدين من الحلف بعد الصلاة وعدم قبول شهادتهما,
أقرب إلى أن يأتوا بالشهادة على حقيقتها خوفًا من عذاب الآخرة, أو خشية من أن
ترد اليمين الكاذبة من قِبَل أصحاب الحق بعد حلفهم, فيفتضح الكاذب الذي ردت يمينه
في الدنيا وقت ظهور خيانته. وخافوا الله -أيها الناس- وراقبوه أن تحلفوا كذبًا, وأن
تقتطعوا بأيمانكم مالا حرامًا, واسمعوا ما توعظون به. والله لا يهدي القوم الفاسقين
الخارجين عن طاعته.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...612bed17ad.gif

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109)
واذكروا -أيها الناس- يوم القيامة يوم يجمع الله الرسل عليهم السلام, فيسألهم عن
جواب أممهم لهم حينما دعوهم إلى التوحيد فيجيبون: لا علم لنا, فنحن لا نعلم ما في
صدور الناس, ولا ما أحدثوا بعدنا. إنك أنت عليم بكل شيء مما ظهر وخفي.

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ
تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ
مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ
بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (110)

إذ قال الله يرم القيامة: يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك إذ خلقتك من غير أب,
وعلى والدتك حيث اصطفيتها على نساء العالمين, وبرأتها مما نُسِب إليها, ومن هذه
النعم على عيسى أنه قوَّاه وأعانه بجبريل عليه السلام, يكلم الناس وهو رضيع,
ويدعوهم إلى الله وهو كبير بما أوحاه الله إليه من التوحيد, ومنها أن الله تعالى علَّمه
الكتابة والخط بدون معلم, ووهبه قوة الفهم والإدراك, وعَلَّمه التوراة التي أنزلها على
موسى عليه السلام, والإنجيل الذي أنزل عليه هداية للناس, ومن هذه النعم أنه يصوِّر
من الطين كهيئة الطير فينفخ في تلك الهيئة, فتكون طيرًا بإذن الله, ومنها أنه يشفي
الذي وُلِد أعمى فيبصر, ويشفي الأبرص, فيعود جلده سليمًا بإذن الله, ومنها أنه يدعو
الله أن يحييَ الموتى فيقومون من قبورهم أحياء, وذلك كله بإرادة الله تعالى وإذنه,
وهي معجزات باهرة تؤيد نبوة عيسى عليه السلام, ثم يذكِّره الله جل وعلا نعمته عليه
إذ منع بني إسرائيل حين همُّوا بقتله, وقد جاءهم بالمعجزات الواضحة الدالة على
نبوته, فقال الذين كفروا منهم: إنَّ ما جاء به عيسى من البينات سحر ظاهر.

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
واذكر نعمتي عليك, إذ ألهمتُ, وألقيتُ في قلوب جماعة من خلصائك أن يصدقوا
بوحدانية الله تعالى ونبوتك, فقالوا: صدَّقنا يا ربنا, واشهد بأننا خاضعون لك منقادون
لأمرك.

إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ
قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (112)

واذكر إذ قال الحواريون: يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك إن سألته أن ينزل علينا
مائدة طعام من السماء؟ فكان جوابه أن أمرهم بأن يتقوا عذاب الله تعالى, إن كانوا
مؤمنين حقَّ الإيمان.

قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ
الشَّاهِدِينَ (113)

قال الحواريون: نريد أن نأكل من المائدة وتسكن قلوبنا لرؤيتها, ونعلم يقينا صدقك
في نبوتك, وأن نكون من الشاهدين على هذه الآية أن الله أنزلها حجة له علينا في
توحيده وقدرته على ما يشاء, وحجة لك على صدقك في نبوتك.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...aec46b15f8.gif

قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا
وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114)

أجاب عيسى ابن مريم طلب الحواريين فدعا ربه جل وعلا قائلا ربنا أنزل علينا مائدة
طعام من السماء, نتخذ يوم نزولها عيدًا لنا, نعظمه نحن ومَن بعدنا, وتكون المائدة
علامة وحجة منك يا ألله على وحدانيتك وعلى صدق نبوتي, وامنحنا من عطائك الجزيل,
وأنت خير الرازقين.

قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنْ
الْعَالَمِينَ (115)

قال الله تعالى: إني منزل مائدة الطعام عليكم, فمن يجحد منكم وحدانيتي ونبوة عيسى
عليه السلام بعد نزول المائدة فإني أعذبه عذابًا شديدًا, لا أعذبه أحدًا من العالمين.
وقد نزلت المائدة كما وعد الله.

وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ
قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا
فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)

واذكر إذ قال الله تعالى يوم القيامة: يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اجعلوني
وأمي معبودين من دون الله؟ فأجاب عيسى -منزِّهًا الله تعالى-: ما ينبغي لي أن أقول
للناس غير الحق. إن كنتُ قلتُ هذا فقد علمتَه; لأنه لا يخفى عليك شيء, تعلم
ما تضمره نفسي, ولا أعلم أنا ما في نفسك. إنك أنت عالمٌ بكل شيء مما ظهر أو خفي.

مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ
فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)

قال عيسى عليه السلام: يا ربِّ ما قلتُ لهم إلا ما أوحيته إليَّ, وأمرتني بتبليغه من
إفرادك بالتوحيد والعبادة, وكنتُ على ما يفعلونه -وأنا بين أظهرهم- شاهدًا عليهم
وعلى أفعالهم وأقوالهم, فلما وفيتني أجلي على الأرض, ورفعتني إلى السماء حيًّا,
كنت أنت المطَّلِع على سرائرهم, وأنت على كل شيء شهيد, لا تخفى عليك خافية
في الأرض ولا في السماء.

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)
إنك يا ألله إن تعذبهم فإنهم عبادك -وأنت أعلم بأحوالهم-، تفعل بهم ما تشاء بعدلك, وإن
تغفر برحمتك لمن أتى منهم بأسباب المغفرة, فإنك أنت العزيز الذي لا يغالَبُ, الحكيم
في تدبيره وأمره. وهذه الآية ثناء على الله -تعالى- بحكمته وعدله, وكمال علمه.

قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)

قال الله تعالى لعيسى عليه السلام يوم القيامة: هذا يوم الجزاء الذي ينفع الموحدين
توحيدهم ربهم, وانقيادهم لشرعه, وصدقهم في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم, لهم جنات
تجري من تحت قصورها الأنهار, ماكثين فيها أبدًا, رضي الله عنهم فقبل حسناتهم,
ورضوا عنه بما أعطاهم من جزيل ثوابه. ذلك الجزاء والرضا منه عليهم هو الفوز
العظيم.

لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)
لله وحده لا شريك له ملك السموات والأرض وما فيهن, وهو -سبحانه- على كل شيء
قدير لا يعجزه شيء.



تم بحمد الله تفسير سورة المائدة

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...bd45f8ae78.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:04 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c9630ffde8.gif

سورة الأنعام

- مكية - عدد آياتها 165

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2734166dda.jpg

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ
يَعْدِلُونَ (1)

الثناء على الله بصفاته التي كلّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية
والدنيوية، الذي أنشأ السموات والأرض وما فيهن, وخلق الظلمات والنور, وذلك
بتعاقب الليل والنهار. وفي هذا دلالة على عظمة الله تعالى, واستحقاقه وحده العبادة,
فلا يجوز لأحد أن يشرك به غيره. ومع هذا الوضوح فإن الكافرين يسوون بالله
غيره, ويشركون به.

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2)
هو الذي خلق أباكم آدم من طين وأنتم سلالة منه, ثم كتب مدة بقائكم في هذه الحياة
الدنيا, وكتب أجلا آخر محدَّدًا لا يعلمه إلا هو جل وعلا وهو يوم القيامة, ثم أنتم بعد
هذا تشكُّون في قدرة الله تعالى على البعث بعد الموت.

وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)
والله سبحانه هو الإله المعبود في السموات والأرض. ومن دلائل ألوهيته أنه يعلم
جميع ما تخفونه -أيها الناس- وما تعلنونه, ويعلم جميع أعمالكم من خير أو شر;
ولهذا فإنه -جلَّ وعلا- وحده هو الإله المستحق للعبادة.

وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4)
هؤلاء الكفار الذين يشركون مع الله تعالى غيره قد جاءتهم الحجج الواضحة والدلالات
البينة على وحدانية الله -جل وعلا- وصِدْقِ محمد صلى الله عليه وسلم في نبوته,
وما جاء به, ولكن ما إن جاءتهم حتى أعرضوا عن قبولها, ولم يؤمنوا بها.

فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (5)
لقد جحد هؤلاء الكفار الحقَّ الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم وسخروا
من دعائه; جهلا منهم بالله واغترارًا بإمهاله إياهم, فسوف يرون ما استهزءوا
به أنه الحق والصدق, ويبين الله للمكذبين كذبهم وافتراءهم, ويجازيهم عليه.

أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا
السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا
مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (6)

ألم يعلم هؤلاء الذين يجحدون وحدانية الله تعالى واستحقاقه وحده العبادة, ويكذبون
رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم ما حلَّ بالأمم المكذبة قبلهم من هلاك وتدمير,
وقد مكنَّاهم في الأرض ما لم نمكن لكم أيها الكافرون, وأنعمنا عليهم بإنزال الأمطار
وجريان الأنهار من تحت مساكنهم؛ استدراجًا وإملاءً لهم, فكفروا بنعم الله وكذبوا
الرسل, فأهلكناهم بسبب ذنونهم, وأنشأنا من بعدهم أممًا أخرى خلفوهم في عمارة
الأرض؟

وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ
مُبِينٌ (7)

ولو نزَّلنا عليك -أيها الرسول- كتابًا من السماء في أوراق فلمسه هؤلاء المشركون
بأيديهم لقالوا: إنَّ ما جئت به -أيها الرسول- سحر واضح بيِّن.

وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ (8)
وقال هؤلاء المشركون: هلا أنزل الله تعالى على محمد مَلَكًا من السماء; ليصدقه
فيما جاء به من النبوة, ولوأنزلنا مَلَكًّا من السماء إجابة لطلبهم لقضي الأمر
بإهلاكهم, ثم لا يمهلون لتوبة, فقد سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c9630ffde8.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...b4ceac22ac.jpg

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9)
ولو جعلنا الرسول المرسل إليهم مَلَكًا إذ لم يقتنعوا بمحمد صلى الله عليه وسلم,
لجعلنا ذلك الملك في صورة البشر, حتى يستطيعوا السماع منه ومخاطبته;
إذ ليس بإمكانهم رؤية الملك على صورته الملائكية, ولو جاءهم الملك بصورة
رجل لاشتبه الأمر عليهم, كما اشتبه عليهم أمر محمد صلى الله عليه وسلم.

وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (10)
ولمَّا كان طلبهم إنزال الملك على سبيل الاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسلم
بيَّن الله تعالى له أن الاستهزاء بالرسل عليهم السلام ليس أمرا حادثا, بل قد وقع
من الكفار السابقين مع أنبيائهم, فأحاط بهم العذاب الذي كانوا يهزؤون به وينكرون
وقوعه.

قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)
قل لهم -أيها الرسول- : سيروا في الأرض ثم انظروا كيف أعقب الله المكذبين الهلاك
والخزي؟ فاحذروا مثل مصارعهم, وخافوا أن يحلَّ بكم مثل الذي حل بهم.

قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (12)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: لمن مُلكُ السموات والأرض وما فيهن؟ قل:
هو لله كما تقرون بذلك وتعلمونه, فاعبدوه وحده. كتب الله على نفسه الرحمة فلا
بعجل على عباده بالعقوبة. ليجمعنكم إلى يوم القيامة الذي لا شك فيه للحساب
والجزاء. الذين أشركوا بالله أهلكوا أنفسهم, فهم لا يوحدون الله, ولا يصدقون
بوعده ووعيده, ولا يقرون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13)
ولله ملك كل شيء في السموات والأرض, سكن أو تحرك, خفي أو ظهر, الجميع
عبيده وخلقه, وتحت قهره وتصرفه وتدبيره, وهو السميع لأقوال عباده, الحليم
بحركاتهم وسرائرهم.

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ
أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (14)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين مع الله تعالى غيره: أغير الله تعالى أتخذ وليًّا
ونصيرًا
, وهو خالق السموات والأرض وما فيهن, وهو الذي يرزق خلقه ولا يرزقه
أحد؟ قل -أيها الرسول- : إني أُمِرْتُ أن أكون أول مَن خضع وانقاد له بالعبودية من
هذه الأمة
, ونهيت أن أكون من المشركين معه غيره.

قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين مع الله غيره: إني أخاف إن عصيت ربي, فخالفت
أمره, وأشركت معه غيره في عبادته, أن ينزل بي عذاب عظيم يوم القيامة.

مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)
من يصرف الله عنه ذلك العذاب الشديد فقد رحمه, وذلك الصرف هو الظفر البين
بالنجاة من العذاب العظيم.

وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ (17)

وإن يصبك الله تعالى -أيها الإنسان- بشيء يضرك كالفقر والمرض فلا كاشف له
إلا هو, وإن يصبك بخير كالغنى والصحة فلا راد لفضله ولا مانع لقضائه, فهو
-جل وعلا- القادر على كل شيء.

وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)
والله سبحانه هو الغالب القاهر فوق عباده; خضعت له الرقاب وذَلَّتْ له الجبابرة,
وهو الحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها وَفْق حكمت, الخبير الذي لا يخفى عليه
شيء. ومن اتصف بهذه الصفات يجب ألا يشرك به. وفي هذه الآية إثبات الفوقية لله
-تعالى- على جميع خلقه, فوقية مطلقة تليق بجلاله سبحانه.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1260341963.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:05 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...038026eb36.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...34f67d12e4.jpg

قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ
وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ
وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19)

قل -أيها الرسول لهؤلاء المشركين-: أيُّ شيء أعظم شهادة في إثبات صدقي فيما
أخبرتكم به أني رسول الله؟ قل: الله شهيد بيني وبينكم أي: هو العالم بما جئتكم به
وما أنتم قائلونه لي, وأوحى الله إليَّ هذا القرآن مِن أجل أن أنذركم به عذابه أن يحلَّ
بكم, وأنذر به مَن وصل إليه من الأمم. إنكم لتقرون أن مع الله معبودات أخرى
تشركونها به. قل لهم -أيها الرسول-: إني لا أشهد على ما أقررتم به, إنما الله
إله واحد لا شريك له, وإنني بريء من كل شريك تعبدونه معه.

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ
لا يُؤْمِنُونَ (20)

الذين آتيناهم التوراة والإنجيل, يعرفون محمدًا صلى الله عليه وسلم بصفاته المكتوبة
عندهم كمعرفتهم أبناءهم, فكما أن أبناءهم لا يشتبهون أمامهم بغيرهم, فكذلك
محمد صلى الله عليه وسلم لا يشتبه بغيره لدقة وصفه في كتبهم, ولكنهم اتبعوا
أهواءهم, فخسروا أنفسهم حبن كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به.

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)
لا أحد أشد ظلمًا ممَّن تَقَوَّلَ الكذب على الله تعالى, فزعم أن له شركاء في العبادة,
أو ادَّعى أن له ولدًا أو صاحبة, أو كذب ببراهينه وأدلته التي أيَّد بها رسله عليهم
السلام. إنه لا يفلح الظالمون الذين افتروا الكذب على الله, ولا يظفرون بمطالبهم
في الدنيا ولا في الآخرة.

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22)
وليحذر هؤلاء المشركون المكذبون بآيات الله تعالى يوم نحشرهم ثم نقول لهم:
أين آلهتكم التي كنتم تدَّعون أنهم شركاء مع الله تعالى ليشفعوا لكم؟

ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)
ثم لم تكن إجابتهم حين فتنوا واختبروا بالسؤال عن شركائهم إلا أن تبرؤوا منهم,
وأقسموا بالله ربهم أنهم لم يكونوا مشركين مع الله غيره.

انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)
تأمل -أيها الرسول- كيف كذب هؤلاء المشركون على أنفسهم وهم في الآخرة قد
تبرؤوا من الشرك؟ وذهب وغاب عنهم ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا
كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ
الأَوَّلِينَ (25)

ومن هؤلاء المشركين من يستمع إليك القرآن -أيها الرسول-، فلا يصل إلى قلوبهم;
لأنهم بسبب اتباعهم أهواءهم جعلنا على قلوبهم أغطية; لئلا يفقهوا القرآن, وجعلنا
في آذانهم ثقلا وصممًا فلا تسمع ولا تعي شيئًا, وإن يروا الآيات الكثيرة الدالة على
صدق محمد صلى الله عليه وسلم لا يصدقوا بها, حتى إذا جاؤوك -أيها الرسول-
بعد معاينة الآيات الدالة على صدقك يخاصمونك: يقول الذين جحدوا آيات الله:
ما هذا الذي نسمع إلا ما تناقله الأولون من حكايات لا حقيقة لها.

وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26)
وهؤلاء المشركون ينهون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع
إليه, ويبتعدون بأنفسهم عنه, وما يهلكون -بصدهم عن سبيل الله- إلا أنفسهم,
وما يحسون أنهم يعملون لهلاكها.

وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ
الْمُؤْمِنِينَ (27)

ولو ترى -أيها الرسول- هؤلاء المشركين يوم القيامة لرأيت أمرًا عظيمًا, وذلك حين
يُحْبَسون على النار, ويشاهدون ما فيها من السلاسل والأغلال, ورأوا بأعينهم تلك
الأمور العظام والأهوال, فعند ذلك قالوا: ياليتنا نُعاد إلى الحياة الدنيا, فنصدق بآيات
الله ونعمل بها, ونكون من المؤمنين.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...038026eb36.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...20c0b8112e.jpg

بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)
ليس الأمر كذلك, بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق
ما جاءت به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن
أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في
قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا, وكنا من المؤمنين.

وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)
وقال هؤلاء المشركون المنكرون للبعث: ما الحياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها,
وما نحن بمبعوثين بعد موتنا.

وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ
بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30)

ولو ترى -أيها الرسول- منكري البعث إذ حُبسوا بين يدي الله تعالى لقضائه فيهم يوم
القيامة, لرأيت أسوأ حال, إذ يقول الله جل وعلا أليس هذا بالحق, أي: أليس هذا
البعث الذي كنتم تنكرونه في الدنيا حقًّا؟
قالوا: بلى وربنا إنه لحق, قال الله تعالى:
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أي: العذاب الذي كنتم تكذبون به في الدنيا بسبب
جحودكم بالله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.


قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى
مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31)

قد خسر الكفار الذين أنكروا البعث بعد الموت, حتى إذا قامت القيامة, وفوجئوا بسوء
المصير, نادَوا على أنفسهم بالحسرة على ما ضيَّعوه في حياتهم الدنيا, وهم يحملون
آثامهم على ظهورهم, فما أسوأ الأحمال الثقيلة السيئة التي يحملونها!!

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (32)
وما الحياة الدنيا في غالب أحوالها إلا غرور وباطل, والعمل الصالح للدار الآخرة
خير للذين يخشون الله, فيتقون عذابه بطاعته واجتناب معاصيه. أفلا تعقلون
-أيها المشركون المغترون بزينة الحياة الدنيا- فتقدِّموا ما يبقى على ما يفنى؟

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ
يَجْحَدُونَ (33)

إنا نعلم إنه ليُدْخل الحزنَ إلى قلبك تكذيبُ قومك لك في الظاهر, فاصبر واطمئن;
فإنهم لا يكذبونك في قرارة أنفسهم, بل يعتقدون صدقك, ولكنهم لظلمهم وعدوانهم
يجحدون البراهين الواضحة على صدقك, فيكذبونك فيما جئت به.

وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ
لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)

ولقد كذَّب الكفارُ رسلا من قبلك أرسلهم الله تعالى إلى أممهم وأوذوا في سبيله,
فصبروا على ذلك ومضوا في دعوتهم وجهادهم حتى أتاهم نصر الله. ولا مبدل لكلمات
الله, وهي ما أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مِن وعده إياه بالنصر على
مَن عاداه. ولقد جاءك -أيها الرسول- مِن خبر مَن كان قبلك من الرسل, وما تحقق
لهم من نصر الله, وما جرى على مكذبيهم من نقمة الله منهم وغضبه عليهم, فلك
فيمن تقدم من الرسل أسوة وقدوة. وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.

وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي
السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْجَاهِلِينَ (35)

وإن كان عَظُمَ عليك -أيها الرسول- صدود هؤلاء المشركين وانصرافهم عن
الاستجابة لدعوتك, فإن استطعت أن تتخذ نفقًا في الأرض, أو مصعدًا تصعد فيه إلى
السماء, فتأتيهم بعلامة وبرهان على صحة قولك غير الذي جئناهم به فافعل. ولو
شاء الله لَجَمعهم على الهدى الذي أنتم عليه ووفَّقهم للإيمان, ولكن لم يشأ ذلك لحكمة
يعلمها سبحانه, فلا تكونن -أيها الرسول- من الجاهلين الذين اشتد حزنهم, وتحسَّروا
حتى أوصلهم ذلك إلى الجزع الشديد

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...038026eb36.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...3625cb96bc.jpg

إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)
إنما يجيبك -أيها الرسول- إلى ما دعوت إليه من الهدى الذين يسمعون الكلام سماع
قبول. أما الكفار فهم في عداد الموتى; لأن الحياة الحقيقية إنما تكون بالإسلام.
والموتى يخرجهم الله من قبورهم أحياء, ثم يعودون إليه يوم القيامة ليوفوا حسابهم
وجزاءهم.

وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ
لا يَعْلَمُونَ (37)

وقال المشركون -تعنتًا واستكبارًا-: هلا أنزل الله علامة تدل على صدق محمد ...
صلى الله عليه وسلم من نوع العلامات الخارقة, قل لهم -أيها الرسول-:
إن الله قادر على أن ينزل عليهم آية, ولكن أكثرهم لا يعلمون أن إنزال الآيات إنما
يكون وَفْق حكمته تعالى.

وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ
مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)

ليس في الأرض حيوان يَدِبُّ على الأرض أو طائر يطير في السماء بجناحيه إلا جماعات
متجانسة الخلق مثلكم. ما تركنا في اللوح المحفوظ شيئًا إلا أثبتناه, ثم إنهم إلى ربهم
يحشرون يوم القيامة, فيحاسب الله كلا بما عمل.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأْ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)

والذين كذبوا بحجج الله تعالى صمٌّ لا يسمعون ما ينفعهم, بُكْمٌ لا يتكلمون بالحق, فهم
حائرون في الظلمات, لم يختاروا طريقة الاستقامة. من يشأ الله إضلاله يضلله, ومن
يشأ هدايته يجعله على صراط مستقيم.

قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (40)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن جاءكم عذاب الله في الدنيا أو
جاءتكم الساعة التي تبعثون فيها: أغير الله تدعون هناك لكشف ما نزل بكم من
البلاء, إن كتم محقين في زعمكم أن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله تنفع أو تضر؟

بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)
بل تدعون -هناك- ربكم الذي خلقكم لا غيره, وتستغيثون به, فيفرج عنكم البلاء العظيم
النازل بكم إن شاء; لأنه القادر على كل شيء, وتتركون حينئذ أصنامكم وأوثانكم
وأولياءكم.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)
ولقد بعثنا -أيها الرسول- إلى جماعات من الناس من قبلك رسلا يدعونهم إلى الله
تعالى, فكذَّبوهم, فابتليناهم في أموالهم بشدة الفقر وضيق المعيشة, وابتليناهم في
أجسامهم بالأمراض والآلام; رجاء أن يتذللوا لربهم, ويخضعوا له وحده بالعبادة.

فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (43)

فهلا إذ جاء هذه الأمم المكذبة بلاؤنا تذللوا لنا, ولكن قست قلوبهم, وزيَّن لهم
الشيطان ما كانوا يعملون من المعاصي, ويأتون من الشرك.

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ
بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)

فلما تركوا العمل بأوامر الله تعالى معرضين عنها, فتحنا عليهم أبواب كل شيء من
الرزق فأبدلناهم بالبأساء رخاءً في العيش, وبالضراء صحة في الأجسام; استدراجا
منا لهم, حتى إذا بطروا, وأعجبوا بما أعطيناهم من الخير والنعمة أخذناهم بالعذاب
فجأة, فإذا هم آيسون منقطعون من كل خير.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1260341963.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:07 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...832b4de35b.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...d10bce6382.jpg

فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
فاستؤصل هؤلاء القوم وأُهلكوا إذ كفروا بالله وكذَّبوا رسله, فلم يبق منهم أحد. والشكر
والثناء لله تعالى -خالق كل شيء ومالكه- على نصرة أوليائه وهلاك أعدائه.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ
انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن أذهب الله سمعكم فأصمَّكم, وذهب
بأبصاركم فأعماكم, وطبع على قلوبكم فأصبحتم لا تفقهون قولا أيُّ إله غير الله جل
وعلا يقدر على ردِّ ذلك لكم؟! انظر -أيها الرسول- كيف ننوِّع لهم الحجج, ثم هم بعد
ذلك يعرضون عن التذكر والاعتبار؟

قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن نزل بكم عقاب اللة فجأة وأنتم
لا تشعرون به, أو ظاهرًا عِيانًا وأنتم تنظرون إليه: هل يُهلك إلا القوم الظالمون
الذين تجاوزوا الحد, بصرفهم العبادة لغير الله تعالى وبتكذيبهم رسله؟

وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا
هُمْ يَحْزَنُونَ (48)

وما نرسل رسلنا إلا مبشرين أهل طاعتنا بالنعيم المقيم, ومنذرين أهل المعصية
بالعذاب الأليم, فمن آمن وصدَّق الرسل وعمل صالحًا فأولئك لا يخافون عند لقاء
ربهم, ولا يحزنون على شيء فاتهم من حظوظ الدنيا.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)
والذين كذَّبوا بآياتنا من القرآن والمعجزات فأولئك يصيبهم العذاب يوم القيامة, بسبب
كفرهم وخروجهم عن طاعة الله تعالى.

قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ
مَا يُوحَى إِلَيَّقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إني لا أدَّعي أني أملك خزائن السموات والأرض,
فأتصرف فيها, ولا أدَّعي أني أعلم الغيب, ولا أدَّعي أني ملك, وإنما أنا رسول من
عند الله, أتبع ما يوحى إليَّ, وأبلِّغ وحيه إلى الناس,
قل -أيها الرسول- لهؤلاء
المشركين:
هل يستوي الكافر الذي عَمِي عن آيات الله تعالى فلم يؤمن بها والمؤمن
الذي أبصر آيات الله فآمن بها؟ أفلا تتفكرون في آيات الله; لتبصروا الحق فتؤمنوا به؟

وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)

وخوِّف -أيها النبي- بالقرآن الذين يعلمون أنهم يُحشرون إلى ربهم, فهم مصدِّقون
بوعد الله ووعيده, ليس لهم غير الله وليّ ينصرهم, ولا شفيع يشفع لهم عنده تعالى,
فيخلصهم من عذابه; لعلهم يتقون الله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي.

وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ
مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ (52)

ولا تُبْعد -أيها النبي- عن مجالستك ضعفاء المسلمين الذين يعبدون ربهم أول النهار
وآخره, يريدون بأعمالهم الصالحة وجه الله, ما عليك من حساب هؤلاء الفقراء
من شيء, إنما حسابهم على الله, وليس عليهم شيء من حسابك, فإن أبعدتهم فإنك
تكون من المتجاوزين حدود الله, الذين يضعون الشيء في غير موضعه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...832b4de35b.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...8b52cb3a6f.jpg

وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ
بِالشَّاكِرِينَ (53)

وكذالك ابتلى الله تعالى بعض عباده ببعض بتباين حظوظهم من الأرزاق والأخلاق,
فجعل بعضهم غنيًّا وبعضهم فقيرًا, وبعضهم قويًّا وبعضهم ضعيفًا, فأحوج بعضهم إلى
بعض اختبارًا منه لهم بذلك; ليقول الكافرون الأغنياء: أهؤلاء الضعفاء مَنَّ الله عليهم
بالهداية إلى الإسلام مِن بيننا؟ أليس الله تعالى بأعلم بمن يشكرون نعمته, فيوفقهم إلى
الهداية لدينه؟

وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ
عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)

وإذا جاءك -أيها النبي- الذين صَدَّقوا بآيات الله الشاهدة على صدقك من القرآن وغيره
مستفتين عن التوبة من ذنوبهم السابقة, فأكرِمْهم بردِّ السلام عليهم, وبَشِّرهم برحمة
الله الواسعة; فإنه جلَّ وعلا قد كتب على نفسه الرحمة بعباده تفضلا أنه من اقترف
ذنبًا بجهالة منه لعاقبتها وإيجابها لسخط الله -فكل عاص لله مخطئًا أو متعمدًا فهو
جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالمًا بالتحريم- ثم تاب من بعده وداوم على العمل الصالح,
فإنه تعالى يغفر ذنبه, فهو غفور لعباده التائبين, رحيم بهم.

وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)
ومثل هذا البيان الذي بيَّنَّاه لك -أيها الرسول- نبيِّن الحجج الواضحة على كل حق ينكره
أهل الباطل; ليتبين الحق, وليظهر طريق أهل الباطل المخالفين للرسل.

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً
وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (56)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إن الله عز وجل نهاني أن أعبد الأوثان التي
تعبدونها من دونه, وقل لهم: لا أتبع أهواءكم قد ضللت عن الصراط المستقيم إن
اتبعت أهواءَكم, وما أنا من المهتدين.

قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ
الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)

قل -أيها الرسول لهؤلاء المشركين-: إني على بصيرة واضحة من شريعة الله التي
أوحاها إليَّ, وذلك بإفراده وحده بالعبادة, وقد كذَّبتم بهذا, وليس في قدرتي إنزال
العذاب الذي تستعجلون به, وما الحكم في تأخر ذلك إلا إلى الله تعالى, يقصُّ الحقَّ,
وهو خير مَن يفصل بين الحق والباطل بقضائه وحكمه.

قُلْ لَوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)
قل -أيها الرسول- : لو أنني أملك إنزال العذاب الذي تستحجلونه لأنزلته بكم, وقضي
الأمر بيني وبينكم, ولكن ذلك إلى الله تعالى, وهو أعلم بالظالمين الذين تجاوزوا
حدَّهم فأشركوا معه غيره.

وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ
يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)

وعند الله -جل وعلا- مفاتح الغيب أي: خزائن الغيب, لا يعلمها إلا هو,

ومنها: علم
الساعة, ونزول الغيث, وما في الأرحام, والكسب في المستقبل,
ومكان موت الإنسان,
ويعلم كل ما في البر والبحر, وما تسقط من ورقة من نبتة إلا يعلمها, فكل حبة في
خفايا الأرض, وكل رطب ويابس, مثبت في كتاب واضح لا لَبْس فيه, وهو اللوح المحفوظ.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...832b4de35b.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...772de5a3e9.jpg

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)

وهو سبحانه الذي يقبض أرواحكم بالليل بما يشبه قبضها عند الموت, ويعلم ما اكتسبتم
في النهار من الأعمال, ثم يعيد أرواحكم إلى أجسامكم باليقظة من النوم نهارًا بما يشبه
الأحياء بعد الموت; لتُقضى آجالكم المحددة في الدنيا, ثم إلى الله تعالى معادكم بعد بعثكم
من قبوركم أحياءً, ثم يخبركم بما كنتم تعملون في حياتكم الدنيا, ثم يجازيكم بذلك.

وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا
وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61)

والله تعالى هو القاهر فوق عباده, فوقية مطلقة من كل وجه, تليق بجلاله سبحانه
وتعالى. كل شيء خاضع لجلاله وعظمته, ويرسل على عباده ملائكة, يحفظون
أعمالهم ويُحْصونها, حتى إذا نزل الموت بأحدهم قبض روحَه مَلكُ الموت وأعوانه,
وهم لا يضيعون ما أُمروا به.

ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)
ثم أعيد هؤلاء المتوفون إلى الله تعالى مولاهم الحق. ألا له القضاء والفصل يوم القيامة
بين عباده وهو أسرع الحاسبين.

قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ
مِنْ الشَّاكِرِينَ (63)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: من ينقذكم من مخاوف ظلمات البر والبحر؟
أليس هو اللع تعالى الذي تدعونه في الشدائد متذللين جهرًا وسرًّا؟ تقولون:
لئن أنجانا ربنا من هذه المخاوف لنكونن من الشاكرين بعبادته عز وجل وحده لا شريك له.

قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)
قل لهم -أيها الرسول- : الله وحده هو الذي ينقذكم من هذه المخاوف ومن كل شدة,
ثم أنتم بعد ذلك تشركون معه في العبادة غيره.

قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً
وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)

قل -أيها الرسول- : الله عز وجل هو القادر وحده على أن يرسل عليكم عذابًا مِن فوقكم
كالرَّجْم أو الطوفان, وما أشبه ذلك, أو من تحت أرجلكم كالزلازل والخسف, أو يخلط
أمركم عليكم فتكونوا فرقًا متناحرة يقتل بعضكم بعضًا. انظر -أيها الرسول- كيف نُنوِّع
حججنا الواضحات لهؤلاء المشركين لعلهم يفهمون فيعتبروا؟

وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)
وكذَّب بهذا القرآن الكفارُ مِن قومك أيها الرسول, وهو الكتاب الصادق في كل ما جاء
به. قل لهم: لست عليكم بحفيظ ولا رقيب, وإنما أنا رسول الله أبلغكم ما أرسلت إليكم.

لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)
لكل خبر قرار يستقر عنده, ونهاية ينتهي إليها, فيتبيَّن الحق من الباطل, وسوف
تعلمون -أيها الكفار- عاقبة أمركم عند حلول عذاب الله بكم.

وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ
وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)

وإذا رأيت -أيها الرسول- المشركين الذين يتكلمون في آيات القرآن بالباطل والاستهزاء,
فابتعد عنهم حتى يأخذوا في حديث آخر, وإن أنساك الشيطان هذا الأمر فلا تقعد بعد
تذكرك مع القوم المعتدين, الذين تكلموا في آيات الله بالباطل.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1260341963.gif



لمسة دفئ 01-24-2011 03:09 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...e0063e65a6.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...5e46e861f9.jpg

إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ذَلِكُمْ اللَّهُ
فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ (95)

إن الله تعالى يشق الحب, فيخرج منه الزرع, ويشق النوى, فيخرج منه الشجر, يخرج
الحي من الميت كالإنسان والحيوان مثلا من النطفة, ويخرج الميت من الحي كالنطفة
من الإنسان والحيوان, ذلكم الله أي: فاعل هذا هو الله وحده لا شريك له المستحق
للعبادة, فكيف تُصْرَفون عن الحق إلى الباطل فتعبدون معه غيره؟

فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)
والله سبحانه وتعالى هو الذي شق ضياء الصباح من ظلام الليل, وجعل الليل مستقرًا,
يسكن فيه كل متحرك ويهدأ, وجعل الشمس والقمر يجريان في فلكيهما بحساب متقن
مقدَّر, لا يتغير ولا يضطرب, ذلك تقدير العزيز الذي عزَّ سلطانه, العليم بمصالح خلقه
وتدبير شئونهم. والعزيز والعليم من أسماء الله الحسنى يدلان على كمال العز والعلم.

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ (97)

والله سبحانه هو الذي جعل لكم أيها الناس النجوم علامات, تعرفون بها الطرق ليلا إذا
ضللتم بسبب الظلمة الشديدة في البر والبحر, قد بيَّنَّا البراهين الواضحة; ليتدبرها
منكم أولو العلم بالله وشرعه.

وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)
والله سبحانه هو الذي ابتدأ خلقكم أيها الناس من آدم عليه السلام; إذ خلقه من طين,
ثم كنتم سلالة ونسلا منه, فجعل لكم مستقَرًا تستقرون فيه, وهو أرحام النساء,
ومُستودعًا تُحفَظُون فيه, وهو أصلاب الرجال, قد بينا الحجج وميزنا الأدلة,
وأحكمناها لقوم يفهمون مواقع الحجج ومواضع العبر.

وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ
خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ
وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي
ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)

والله سبحانه هو الذي أنزل من السحاب مطرًا فأخرج به نبات كل شيء, فأخرج من
النبات زرعًا وشجرًا أخضر, ثم أخرح من الزرع حَبًّا يركب بعضه بعضًا, كسنابل
القمح والشعير والأرز, وأخرج من طلع النخل -وهو ما تنشأ فيه عذوق الرطب-
عذوقًا قريبة التناول, وأخرج سبحانه بساتين من أعناب, وأخرج شجر الزيتون
والرمان الذي يتشابه في ورقه ويختلف في ثمره شكلا وطعمًا وطبعًا. انظروا أيها
الناس إلى ثمر هذا النبات إذا أثمر, وإلى نضجه وبلوغه حين يبلغ. إن في ذلكم
- أيها الناس - لدلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته لقوم
يصدقون به تعالى ويعملون بشرعه.

وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يَصِفُونَ (100)

وجعل هؤلاء المشركون الجن شركاء لله تعالى في العبادة; اعتقادًا منهم أنهم ينفعون
أو يضرون, وقد خلقهم الله تعالى وما يعبدون من العدم, فهو المستقل بالخلق وحده,
فيجب أن يستقل بالعبادة وحده لا شريك له. ولقد كذب هؤلاء المشركون على الله
تعالى حين نسبوا إليه البنين والبنات; جهلا منهم بما يجب له من صفات الكمال, تنزَّه
وعلا عما نسبه إليه المشركون من ذلك الكذب والافتراء.

بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)

والله تعالى هو الذي أوجد السموات والأرض وما فيهن على غير مثال سابق. كيف
يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟
تعالى الله عما يقول المشركون علوًّا كبيرًا, وهو
الذي خلق كل شيء من العدم, ولا يخفى عليه شيء من أمور الخلق.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...e0063e65a6.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...1224928f97.jpg

ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)
ذلكم -أيها المشركون- هو ربكم جل وعلا لا معبود بحق سواه, خالق كل شيء فانقادوا
واخضعوا له بالطاعة والعبادة. وهو سبحانه على كل شيء وكيل وحفيظ, يدبر أمور
خلقه.

لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)
لا ترى اللهَ الأبصارُ في الدنيا, أما في الدار الآخرة فإن المؤمنين يرون ربهم بغير
إحاطة, وهو سبحانه يدرك الأبصار ويحيط بها, ويعلمها على ما هي عليه, وهو
اللطيف بأوليائه الذي يعلم دقائق الأشياء، الخبير الذي يعلم بواطنها.

قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ
بِحَفِيظٍ (104)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: قد جاءتكم براهين ظاهرة تبصرون بها الهدى
من الضلال, مما اشتمل عليها القرآن, وجاء بها الرسول عليه الصلاة والسلام,
فمَن تبيَّن هذه البراهين وآمن بمدلولها فنَفْغُ ذلك لنفسه, ومَن لم يبصر الهدى بعد
ظهور الحجة عليه فعلى نفسه جنى, وما أنا عليكم بحافظ أحصي أعمالكم, وإنما أنا
مبلغ, والله يهدي مَن يشاء ويضل مَن يشاء وَفْق علمه وحكمته.

وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)
وكما بيَّنَّا في هذا القرآن للمشركين البراهين الظاهرة في أمر التوحيد والنبوة والمعاد
نبيِّن لهم البراهين في كل ما جهلوه فيقولون عند ذلك كذبًا: تعلمت من أهل الكتاب,
ولنبين -بتصريفنا الآيات- الحقَّ لقوم يعلمونه, فيقبلونه ويتبعونه, وهم المؤمنون برسول
الله محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه.

اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106)
اتبع -أيها الرسول- ما أوحيناه إليك من الأوامر والنواهي التي أعظمُها توحيد الله
سبحانه والدعوة إليه, ولا تُبال بعناد المشركين, وادعائهم الباطل.

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)
ولو شماء الله تعالى أن لا يشرك هؤلاء المشركون لما أشركوا, لكنه تعالى عليم
بما سيكون من سوء اختيارهم واتباعهم أهواءهم المنحرفة. وما جعلناك
-أيها الرسول- عليهم رقيبًا تحفظ عليهم أعمالهم, وما أنت بقَيِّمٍ عليهم تدبر مصالحهم.

وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ
عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)

ولا تسبوا -أيها المسلمون- الأوثان التي يعبدها المشركون -سدًّا للذريعة- حتى لا يتسبب
ذلك في سبهم الله جهلا واعتداءً: بغير علم. وكما حسَّنَّا لهؤلاء عملهم السيئ عقوبة
لهم على سوء اختيارهم, حسَّنَّا لكل أمة أعمالها, ثم إلى ربهم معادهم جميعًا
فيخبرهم بأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا, ثم يجازيهم بها.

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ
وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (109)

وأقسم هؤلاء المشركون بأيمان مؤكَّدة: لئن جاءنا محمد بعلامة خارقة لنصدقنَّ بما
جاء به, قل -أيها الرسول- : إنما مجيء المعجزات الخارقة من عند الله تعالى, هو
القادر على المجيء بها إذا شاء, وما يدريكم أيها المؤمنون: لعل هذه المعجزات
إذا جاءت لا يصدِّق بها هؤلاء المشركون.

وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)
ونقلب أفئدتهم وأبصارهم, فنحول بينها وبين الانتفاع بآيات الله, فلا يؤمنون بها كما لم
يؤمنوا بآيات القرآن عند نزولها أول مرة, ونتركهم في تمرُّدهم على الله متحيِّرين,
لا يهتدون إلى الحق والصواب.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...e0063e65a6.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...95df6e3cfe.jpg

وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا
لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)

ولو أننا أجبنا طلب هؤلاء, فنزَّلنا إليهم الملائكة من السماء, وأحيينا لهم الموتى,
فكلموهم, وجمعنا لهم كل شيء طلبوه فعاينوه مواجهة, لم يصدِّقوا بما دعوتهم إليه
-أيها الرسول- ولم يعملوا به, إلا من شاء الله له الهداية, ولكن أكثر هؤلاء الكفار
يجهلون الحق الذي جئت به من عند الله تعالى.

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ
الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)

وكما ابتليناك -أيها الرسول- بأعدائك من المشركين ابتلينا جميع الأنبياء -عليهم السلام-
بأعداء مِن مردة قومهم وأعداء من مردة الجن, يُلقي بعضهم إلى بعض القول الذي
زيَّنوه بالباطل; ليغتر به سامعه, فيضل عن سبيل الله. ولو أراد ربك -جلَّ وعلا- لحال
بينهم وبين تلك العداوة, ولكنه الابتلاء من الله, فدعهم وما يختلقون مِن كذب وزور.

وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)
ولِتميل إليه قلوب الكفار الذين لا يصدقون بالحياة الآخرة ولا يعملون لها, ولتحبَّه
أنفسهم, وليكتسبوا من الأعمال السيئة ما هم مكتسبون. وفي هذا تهديد عظيم لهم.

أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ
يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أغير الله إلهي وإلهكم أطلب حَكَمًا بيني وبينكم,
وهو سبحانه الذي أنزل إليكم القرآن مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري
وأمركم؟ وبنو إسرائيل الذين آتاهم الله التوراة والإنجيل يعلمون علمًا يقينًا أن هذا
القرآن منزل عليك -أيها الرسول- من ربك بالحق, فلا تكونن من الشاكِّين في شيء
مما أوحينا إليك.

وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)
وتمت كلمة ربك -وهي القرآن- صدقًا في الأخبار والأقوال, وعدلا في الأحكام,
فلا يستطيع أحد أن يبدِّل كلماته الكاملة. والله تعالى هو السميع لما يقول عباده,
الحليم بظواهر أمورهم وبواطنها.

وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ
إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116)

ولو فُرض -أيها الرسول- أنك أطعت أكثر أهل الأرض لأضلُّوك عن دين الله,
ما يسيرون إلا على ما ظنوه حقًّا بتقليدهم أسلافهم, وما هم إلا يظنون ويكذبون.

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)
إن ربك هو أعلم بالضالين عن سبيل الرشاد, وهو أعلم منكم ومنهم بمن كان على
استقامة وسداد, لا يخفى عليه منهم أحد.

فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)
فكلوا من الذبائح التي ذُكِرَ اسم الله عليها, إن كنتم ببراهين الله تعالى الواضحة مصدقين.



http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1260341963.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:10 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...6a9e13eac3.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...6d4a59757b.jpg

وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ
إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)

وأيُّ شيء يمنعكم أيها المسلمون من أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه, وقد بيَّن الله
سبحانه لكم جميع ما حرَّم عليكم؟ لكن ما دعت إليه الضرورة بسبب المجاعة, مما
هو محرم عليكم كالميتة, فإنه مباح لكم. وإنَّ كثيرًا من الضالين ليضلون عن سبيل
الله أشياعهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال بأهوائهم؛ جهلا منهم. إن ربك
-أيها الرسول- هو أعلم بمن تجاوز حده في ذلك, وهو الذي يتولى حسابه وجزاءه.

وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120)
واتركوا -أيها الناس- جميع المعاصي, ما كان منها علانية وما كان سرًّا. إن الذين
يفعلون المعاصي سيعاقبهم ربهم; بسبب ما كانوا يعملونه من السيئات.

وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ
لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)
ولا تأكلوا -أيها المسلمون- من الذبائح التي لم يذكر اسم الله عليها عند الذبح, كالميتة
وما ذبح للأوثان والجن, وغير ذلك, وإن الأكل من تلك الذبائح لخروج عن طاعة
الله تعالى. وإن مردة الجن لَيُلْقون إلى أوليائهم من شياطين الإنس بالشبهات حول
تحريم أكل الميتة, فيأمرونهم أن يقولوا للمسلمين في جدالهم معهم: إنكم بعدم أكلكم
الميتة لا تأكلون ما قتله الله, بينما تأكلون مما تذبحونه, وإن أطعتموهم
-أيها المسلمون في تحليل الميتة- فأنتم وهم في الشرك سواء.

أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ
لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)

أوَمن كان ميتًا في الضلالة هالكا حائرا, فأحيينا قلبه بالإيمان, وهديناه له, ووفقناه
لاتباع رسله, فأصبح يعيش في أنوار الهداية, كمن مثله في الجهالات والأهواء
والضلالات المتفرقة, لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص له مما هو فيه؟ لا يستويان,
وكما خذلتُ هذا الكافر الذي يجادلكم -أيها المؤمنون- فزيَّنْتُ له سوء عمله, فرآه
حسنًا, زيَّنْتُ للجاحدين أعمالهم السيئة; ليستوجبوا بذلك العذاب.

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ
وَمَا يَشْعُرُونَ (123)

ومثل هذا الذي حصل مِن زعماء الكفار في "مكة" من الصدِّ عن دين الله تعالى,
جعلنا في كل قرية مجرمين يتزعمهم أكابرهم; ليمكروا فيها بالصد عن دين الله,
وما يكيدون إلا أنفسهم, وما يُحِسُّون بذلك.

وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ
رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)

وإذا جاءت هؤلاء المشركين من أهل "مكة" حجة ظاهرة على نبوة محمد ...
صلى الله عليه وسلم, قال بعض كبرائهم: لن نصدِّق بنبوته حتى يعطينا الله من النبوة
والمعجزات مثل ما أعطى رسله السابقين. فردَّ الله تعالى عليهم بقوله: الله أعلم
حيث يجعل رسالته أي: بالذين هم أهل لحمل رسالته وتبليغها إلى الناس. سينال
هؤلاء الطغاة الذل, ولهم عذاب موجع في نار جهنم; بسبب كيدهم للإسلام وأهله.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...5dc357374d.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...e603f3a1cc.jpg

فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً
حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)

فمن يشأ الله أن يوفقه لقَبول الحق يشرح صدره للتوحيد والإيمان, ومن يشأ أن يضله
يجعل صدره في حال شديدة من الانقباض عن قَبول الهدى, كحال مَن يصعد في طبقات
الجو العليا, فيصاب بضيق شديد في التنفس. وكما يجعل الله صدور الكافرين شديدة
الضيق والانقباض, كذلك يجحل العذاب على الذين لا يؤمنون به.

وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126)
وهذا الذي بيَّنَّاه لك -أيها الرسول- هو الطريق الموصل إلى رضا ربك وجنته. قد بينَّا
البراهين لمن يتذكر من أهل العقول الراجحة.

لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)
للمتذكرين عند ربهم جل وعلا يوم القيامة دار السلامة والأمان من كل مكروه وهي
الجنة, وهو سبحانه ناصرهم وحافظهم جزاءً لهم; بسبب أعمالهم الصالحة.

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ
رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا
إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)

واذكر -أيها الرسول- يوم يحشر الله تعالى الكفار وأولياءهم من شياطين الجن فيقول:
يا معشر الجن قد أضللتم كثيرًا من الإنس, وقال أولياؤهم من كفار الإنس:
ربنا قد انتفع بعضنا من بعض, وبلغنا الأجل الذي أجَّلْتَه لنا بانقضاء حياتنا الدنيا,
قال الله تعالى لهم: النار مثواكم, أي: مكان إقامتكم خالدين فيها, إلا مَن شاء الله
عدم خلوده فيها من عصاة الموحدين. إن ربك حكيم في تدبيره وصنعه,
عليم بجميع أمور عباده.

وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)
وكما سلَّطْنا شياطين الجن على كفار الإنس, فكانوا أولياء لهم, نسلِّط الظالمين من
الإنس بعضهم على بعض في الدنيا; بسبب ما يعملونه من المعاصي.

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ
هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا
كَافِرِينَ (130)

أيها المشركون من الجن والإنس, ألم يأتكم رسل من جملتكم -وظاهر النصوص يدلُّ
على أنَّ الرسل من الإنس فقط
-, يخبرونكم بآياتي الواضحة المشتملة على الأمر
والنهي وبيان الخير والشر, ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامة؟ قال هؤلاء
المشركون من الإنس والجن:
شَهِدْنا على أنفسنا بأن رسلك قد بلغونا آياتك,
وأنذرونا لقاء يومنا هذا, فكذبناهم, وخدعت هؤلاء المشركين زينةُ الحياة الدنيا,
وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين وحدانية الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم
السلام.

ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131)
إنما أعذرنا إلى الثقلين بإرسال الرسل وإنزال الكتب, لئلا يؤاخَذَ أحد بظلمه, وهو لم
تبلغه دعوة, ولكن أعذرنا إلى الأمم, وما عذَّبنا أحدًا إلا بعد إرسال الرسل إليهم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...5dc357374d.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a16311822e.jpg

وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132)
ولكل عامل في طاعة الله تعالى أو معصيته مراتب من عمله, يبلِّغه الله إياها, ويجازيه
عليها. وما ربك -أيها الرسول- بغافل عما يعمل عباده.

وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ
ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133)

وربك -أيها الرسول- الذي أمر الناس بعبادته, هو الغني وحده, وكل خلقه محتاجون إليه,
وهو سبحانه ذو الرحمة الواسعة, لو أراد لأهلككم, وأوجد قومًا غيركم يخلفونكم من بعد
فنائكم, ويعملون بطاعته تعالى, كما أوجدكم من نسل قوم آخرين كانوا قبلكم.

إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134)
إن الذي يوعدكم به ربكم - أيها المشركون - من العقاب على كفركم واقع بكم, ولن
تُعجِزوا ربكم هربًا, فهو قادر على إعادتكم, وإن صرتم ترابًا وعظامًا.

قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ
لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)

قل -أيها الرسول- : يا قوم اعملوا على طريقتكم فإني عامل على طريقتي التي شرعها
لي ربي جل وعلا فسوف تعلمون -عند حلول النقمة بكم- مَنِ الذي تكون له العاقبة
الحسنة؟ إنه لا يفوز برضوان الله تعالى والجنة مَن تجاوز حده وظلم, فأشرك مع الله غيره.

وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا
فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ
مَا يَحْكُمُونَ (136)

وجعل المشركون لله -جلَّ وعلا- جزءًا مما خلق من الزروع والثمار والأنعام يقدمونه
للضيوف والمساكين, وجعلوا قسمًا آخر من هذه الأشياء لشركائهم من الأوثان
والأنصاب, فما كان مخصصًا لشركائهم فإنه يصل إليها وحدها, ولا يصل إلى الله,
وما كان مخصصا لله تعالى
فإنه يصل إلى شركائهم. بئس حكم القوم وقسمتهم.

وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137)

وكما زيَّن الشيطان للمشركين أن يجعلوا لله تعالى من الحرث والأنعام نصيبًا, ولشركائهم
نصيبًا, زيَّنت الشياطين لكثير من المشركين قَتْلَ أولادهم خشية الفقر; ليوقعوا هؤلاء
الآباء في الهلاك بقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق, وليخلطوا عليهم دينهم
فيلتبس, فيضلوا ويهلكوا, ولو شاء الله ألا يفعلوا ذلك ما فعلوه, ولكنه قدَّر ذلك لعلمه
بسوء حالهم ومآلهم, فاتركهم -أيها الرسول- وشأنهم فيما يفترون من كذب, فسيحكم
الله بينك وبينهم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...5dc357374d.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...54f0dda921.jpg

وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا
وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)

وقال المشركون: هذه إبل وزرع حرام, لا يأكلها إلا مَن يأذنون له -حسب ادعائهم-
مِن سدنة الأوثان وغيرهم. وهذه إبل حُرِّمت ظهورها, فلا يحل ركوبها والحملُ عليها
بحال من الأحوال. وهذه إبل لا يَذكرون اسم الله تعالى عليها في أي شأن من شئونها.
فعلوا ذلك كذبًا منهم على الله, سيجزيهم الله بسبب ما كانوا يفترون من كذبٍ عليه سبحانه.

وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً
فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)

وقال المشركون: ما في بطون الأنعام من أجنَّة مباح لرجالنا, ومحرم على نسائنا,
إذا ولد حيًّا, ويشركون فيه إذا ولد ميتًا. سيعاقبهم الله إذ شرَّعوا لأنفسهم من التحليل
والتحريم ما لم يأذن به الله. إنه تعالى حكيم في تدبير أمور خلقه, عليم بهم.

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ
قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)

قد خسر وهلك الذين قتلوا أولادهم لضعف عقولهم وجهلهم, وحرموا ما رزقهم الله كذبًا
على الله. قد بَعُدوا عن الحق, وما كانوا من أهل الهدى والرشاد. فالتحليل والتحريم من
خصائص الألوهية في التشريع, والحلال ما أحله الله, والحرام ما حرَّمه الله, وليس لأحد
من خَلْقه فردًا كان أو جماعة أن يشرع لعباده ما لم يأذن به الله.

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ
وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)

والله سبحانه وتعالى هو الذي أوجد لكم بساتين: منها ما هو مرفوع عن الأرض
كالأعناب, ومنها ما هو غير مرفوع, ولكنه قائم على سوقه كالنخل والزرع, متنوعًا
طعمه, والزيتون والرمان متشابهًا منظره, ومختلفًا ثمره وطعمه. كلوا -أيها الناس-
مِن ثمره إذا أثمر, وأعطوا زكاته المفروضة عليكم يوم حصاده وقطافه, ولا تتجاوزوا
حدود الاعتدال في إخراج المال وأكل الطعام وغير ذلك. إنه تعالى لا يحب المتجاوزين
حدوده بإنفاق المال في غير وجهه.

وَمِنْ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ
عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)

وأوجد من الأنعام ما هو مهيَّأ للحمل عليه لكبره وارتفاعه كالإبل, ومنها ما هو مهيَّأ
لغير الحمل لصغره وقربه من الأرض كالبقر والغنم, كلوا مما أباحه الله لكم
وأعطاكموه من هذه الأنعام, ولا تحرموا ما أحلَّ الله منها اتباعًا لطرق الشيطان, كما
فعل المشركون. إن الشيطان لكم عدو ظاهر العداوة.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1260341963.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:11 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...cd57318e9a.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...3e6d04adb6.jpg

ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنْ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا
اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (143)

هذه الأنعام التي رزقها الله عباده من الإبل والبقر والغنم ثمانية أصناف: أربعة منها من
الغنم, وهي الضأن ذكورًا وإناثًا, والمعز ذكورًا وإناثًا.
قل -أيها الرسول- لأولئك المشركين: هل حَرَّم الله الذكرين من الغنم؟

فإن قالوا:
نعم, فقد كذبوا في ذلك;
لأنهم لا يحرمون كل ذكر من الضأن والمعز, وقل لهم:
هل حَرَّم الله الأنثيين من الغنم؟
فإن قالوا: نعم, فقد كذبوا أيضًا; لأنهم لا يحرمون كل أنثى من ولد الضأن والمعز,
وقل لهم: هل حَرَّم الله ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين من الضأن والمعز من الحمل؟
فإن قالوا: نعم, فقد كذبوا أيضًا; لأنهم لا يحرمون كل حَمْل مِن ذلك, خبِّروني بعلم يدل على
صحة ما ذهبتم إليه, إن كنتم صادقين فيما تنسبونه إلى ربكم.

وَمِنْ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ
الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمْ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ
النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)

والأصناف الأربعة الأخرى: هي اثنان من الإبل ذكورًا وإناثًا, واثنان من البقر ذكورًا
وإناثًا. قل -أيها الرسول- لأولئك المشركين: أحَرَّم الله الذكرين أم الأنثيين؟ أم حرَّم
ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ذكورًا وإناثًا؟ أم كنتم أيها المشركون حاضرين, إذ
وصاكم الد بهذا التحريم للأنعام, فلا أحد أشد ظلمًا ممن اختلق على الله الكذب; ليصرف
الناس بجهله عن طريق الهدى. إن الله تعالى لا يوفق للرشد مَن تجاوز حدَّه, فكذب على
ربه, وأضلَّ الناس.

قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً
أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)

قل -أيها الرسول- : إني لا أجد فيما أوحى الله إليَّ شيئًا محرمًا على من يأكله مما
تذكرون أنه حُرِّم من الأنعام, إلا أن يكون قد مات بغير تذكية, أو يكون دمًا مراقًا,
أو يكون لحم خنزير فإنه نجس, أو الذي كانت ذكاته خروجًا عن طاعة الله تعالى; كما
إذا كان المذبوح قد ذكر عليه اسم غير الله عند الذبح. فمن اضطر إلى الأكل من هذه
المحرمات بسبب الجوع الشديد غير طالب بأكله منها تلذذًا, ولا متجاوز حد الضرورة,
فإن الله تعالى غفور له, رحيم به. وقد ثبت - فيما بعد - بالسنة تحريم كل ذي ناب من
السباع, ومخلب من الطير, والحمر الأهلية, والكلاب.

وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ
مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوْ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146)

واذكر -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين ما حرمَّنا على اليهود من البهائم والطير:
وهو كل ما لم يكن مشقوق الأصابع كالإبل والنَّعام, وشحوم البقر والغنم, إلا ما عَلِق
من الشحم بظهورها أو أمعائها, أو اختلط بعظم الألْية والجنب ونحو ذلك.
ذلك التحرم المذكور على اليهود عقوبة مِنَّا لهم بسبب أعمالهم السيئة, وإنَّا لصادقون
فيما أخبرنا به عنهم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...cd57318e9a.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a018cbdd31.jpg

فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ( 147 )
فَإِنْ كَذَّبُوك فِيمَا جِئْت بِهِ -فَقُلْ لَهُمْ -رَبّكُمْ ذُو رَحْمَة وَاسِعَة حَيْثُ لَمْ يُعَاجِلكُمْ
بِالْعُقُوبَةِ وَفِيهِ تَلَطُّف بِدُعَائِهِمْ إلَى الْإِيمَان "وَلَا يُرَدّ بَأْسه" عَذَابه إذَا جَاءَ .

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا
الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ( 148 )

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّه مَا أَشْرَكنَا- نَحْنُ -وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْء
فَإِشْرَاكنَا وَتَحْرِيمنَا بِمَشِيئَتِهِ فَهُوَ رَاضٍ بِهِ -كَذَلِكَ- كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ "كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ"
رُسُلهمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسنَا عَذَابنَا-قُلْ- هَلْ عِنْدكُمْ مِنْ عِلْم بِأَنَّ اللَّه رَاضٍ- بِذَلِكَ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا-
أَيْ لَا عِلْم عِنْدكُمْ "إنْ" مَا "تَتَّبِعُونَ" فِي ذَلِكَ "إلَّا الظَّنّ وَإِنْ مَاأَنْتُمْ إلَّا تَخْرُصُونَ تَكْذِبُونَ
فِيهِ.

قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ( 149 )
يَقُول تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ :- لَهُمْ يَا مُحَمَّد فَلِلَّهِ الْحُجَّة الْبَالِغَة -
أَيْ لَهُ الْحِكْمَة التَّامَّة وَالْحُجَّة الْبَالِغَة فِي هِدَايَة مِنْ هُدًى وَإِضْلَال مَنْ ضَلَّ فَلَوْ شَاءَ
لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ فَكُلّ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَته وَاخْتِيَاره وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْضَى عَنْ الْمُؤْمِنِينَ
وَيَبْغَض الْكَافِرِينَ -كَمَا قَالَ تَعَالَى - وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى- وَقَالَ تَعَالَى -
وَلَوْ شَاءَ رَبّك لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْض - وَقَوْله- وَلَوْ شَاءَ رَبّك لَجَعَلَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة
وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبّك لَأَمْلَأَن جَهَنَّم مِنْ
الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ " قَالَ الضَّحَّاك : لَا حُجَّة لِأَحَدٍ عَصَى اللَّه وَلَكِنْ الْحُجَّة الْبَالِغَة
عَلَى عِبَاده .

قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ
أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ( 150 )

وَقَوْله تَعَالَى - قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ - أَيْ أَحْضِرُوا شُهَدَاءَكُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّه حَرَّمَ
هَذَا - أَيْ هَذَا الَّذِي حَرَّمْتُمُوهُ وَكَذَّبْتُمْ وَافْتَرَيْتُمْ عَلَى اللَّه فِيهِ فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَد مَعَهُمْ
أَيْ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَشْهَدُونَ وَالْحَالَة هَذِهِ كَذِبًا وَزُورًا وَلَا تَتَّبِع أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
وَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ- وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ- أَيْ يُشْرِكُونَ بِهِ وَيَجْعَلُونَ لَهُ عَدِيلًا .

قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا
أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ( 151 )

-قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ- أَقْرَأ مَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ أنْ مُفَسِّرَة لَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَ أَحْسِنُوا
-بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ بِالْوَأْدِ -مِنْ أَجْل إمْلَاق فَقْر تَخَافُونَهُ نَحْنُ نَرْزُقكُمْ
وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِش- الْكَبَائِر كَالزِّنَا-مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ- أَيْ عَلَانِيَتهَا وَسِرّهَا
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إلَّا بِالْحَقِّ" كَالْقَوَدِ وَحَدّ الرِّدَّة وَرَجْم الْمُحْصَن -ذَلِكُمْ-
الْمَذْكُور "وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" تَتَدَبَّرُونَ.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1260341963.gif



لمسة دفئ 01-24-2011 03:12 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...1bbdcfde63.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0ce84b1064.jpg

وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ
لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ
وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( 152 )

-وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي- أَيْ بِالْخَصْلَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَن وَهِيَ مَا فِيهِ صَلَاحه حَتَّى
يَبْلُغ أَشُدّهُ بِأَنْ يَحْتَلِم "وَأَوْفُوا الْكَيْل وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ بِالْعَدْلِ وَتَرْك الْبَخْس -لَا نُكَلِّف نَفْسًا
إلَّا وُسْعهَا
- طَاقَتهَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْكَيْل وَالْوَزْن وَاَللَّه يَعْلَم صِحَّة نِيَّته فَلَا مُؤَاخَذَة
عَلَيْهِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيث -وَإِذَا قُلْتُمْ- فِي حُكْم أَوْ غَيْره فَاعْدِلُوا بِالصِّدْقِ وَلَوْ كَانَ الْمَقُول
لَهُ أَوْ عَلَيْهِ -ذَا قُرْبَى- قَرَابَة وَبِعَهْدِ اللَّه أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ بِالتَّشْدِيدِ
تَتَّعِظُونَ وَالسُّكُون.

وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ
بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( 153 )

-وَأَنَّ- بِالْفَتْحِ عَلَى تَقْدِير اللَّام وَالْكَسْر اسْتِئْنَافًا -هَذَا -الَّذِي وَصَّيْتُكُمْ بِهِ -صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا-
حَال فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُل الطُّرُق الْمُخَالِفَة لَهُ فَتَفَرَّقَ فِيهِ حَذْف إحْدَى التَّاءَيْنِ تَمِيل
بِكُمْ عَنْ سَبِيله دِينه .

ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً
لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ( 154 )

-ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب- التَّوْرَاة وَثُمَّ لِتَرْتِيبِ الْأَخْبَار تَمَامًا لِلنِّعْمَةِ عَلَى الَّذِي أَحْسَن
بِالْقِيَامِ بِهِ "وَتَفْصِيلًا" بَيَانًا لِكُلِّ شَيْء يُحْتَاج إلَيْهِ فِي الدِّين -وَهُدًى وَرَحْمَة لَعَلَّهُمْ-
أَيْ بَنِي إسْرَائِيل بِلِقَاءِ رَبّهمْ، بِالْبَعْثِ .

وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( 155 )
وَبَعْدهَا - وَهَذَا كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَك- الْآيَة . وَقَالَ تَعَالَى- مُخْبِرًا عَنْ الْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا
جَاءَهُمْ الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى- قَالَ تَعَالَى - أَوَلَمْ يَكْفُرُوا
بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ-" وَقَالَ تَعَالَى-
مُخْبِرًا عَنْ الْجِنّ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا قَوْمنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْد مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا
بَيْن يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ - الْآيَة وَقَوْله تَعَالَى - تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَن وَتَفْصِيلًا -
أَيْ آتَيْنَاهُ الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْهِ تَمَام كَامِلًا جَامِعًا لِمَا يَحْتَاج إِلَيْهِ فِي شَرِيعَته -كَقَوْلِهِ-
وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاح مِنْ كُلّ شَيْء ، الْآيَة . وَقَوْله تَعَالَى -" عَلَى الَّذِي أَحْسَن "
أَيْ جَزَاء عَلَى إِحْسَانه فِي الْعَمَل وَقِيَامه بِأَوَامِرِنَا وَطَاعَتنَا -كَقَوْلِهِ-
" هَلْ جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان - وَكَقَوْلِهِ - وَإِذْ اِبْتَلَى إِبْرَاهِيم رَبّه بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهنَّ
قَالَ إِنِّي جَاعِلك لِلنَّاسِ إِمَامًا - وَكَقَوْلِهِ- وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا
و كَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَاب تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَن يَقُول أَحْسَن فِيمَا أَعْطَاهُ اللَّه وَقَالَ قَتَادَة مَنْ أَحْسَنَ فِي
الدُّنْيَا تَمَّمَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة وَاخْتَارَ اِبْن جَرِير أَنَّ تَقْدِيره ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب تَمَامًا
عَلَى إِحْسَانه فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي مَصْدَرِيَّة كَمَا قِيلَ فِي- قَوْله تَعَالَى- وَخُضْتُمْ كَاَلَّذِي خَاضُوا-
أَيْ كَخَوْضِهِمْ وَقَالَ اِبْن رَوَاحَة .

أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ( 156 )
قَالَ اِبْن جَرِير مَعْنَاهُ وَهَذَا كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ لِئَلَّا تَقُولُوا - إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَاب عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلنَا -
يَعْنِي لِيَنْقَطِع عُذْركُمْ- كَقَوْلِهِ تَعَالَى - وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبهُمْ مُصِيبَة بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ فَيَقُولُوا
رَبّنَا لَوْلَا أَرْسَلْت إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِع آيَاتك الْآيَة . وَقَوْله تَعَالَى- عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلنَا -
قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ
وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد وَقَوْله - وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتهمْ لَغَافِلِينَ - أَيْ وَمَا كُنَّا نَفْهَم مَا يَقُولُونَ
لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِلِسَانِنَا وَنَحْنُ فِي غَفْلَة وَشُغْل مَعَ ذَلِكَ عَمَّا هُمْ فِيهِ .

أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى
وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ
آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ( 157 )

-وَقَوْله - أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَاب لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ ، أَيْ وَقَطَعْنَا تَعَلُّلكُمْ أَنْ
تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فِيمَا أُوتُوهُ- كَقَوْلِهِ- وَأَقْسَمُوا
بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِير لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَم " الْآيَة . وَهَكَذَا قَالَ
هَهُنَا - فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَة مِنْ رَبّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَة - يَقُول فَقَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّه عَلَى لِسَان
مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ النَّبِيّ الْعَرَبِيّ قُرْآن عَظِيم فِيهِ بَيَان لِلْحَلَالِ وَالْحَرَام
وَهُدًى لِمَا فِي الْقُلُوب وَرَحْمَة مِنْ اللَّه بِعِبَادِهِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَهُ وَيَقْتَفُونَ مَا فِيهِ
-وَقَوْله تَعَالَى- فَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّه وَصَدَفَ عَنْهَا أَيْ لَمْ يَنْتَفِع بِمَا جَاءَ بِهِ
الرَّسُول وَلَا اِتَّبَعَ مَا أُرْسِلَ بِهِ وَلَا تَرَكَ غَيْره بَلْ صَدَفَ عَنْ اِتِّبَاع آيَات اللَّه أَيْ صَرَفَ
النَّاس وَصَدَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ قَالَهُ السُّدِّيّ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَصَدَفَ عَنْهَا
أَعْرَضَ عَنْهَا وَقَوْل السُّدِّيّ هَهُنَا فِيهِ قُوَّة لِأَنَّهُ قَالَ " فَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّه
وَصَدَفَ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل السُّورَة
" وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ
إِلَّا أَنْفُسهمْ- وَقَالَ تَعَالَى - الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّه زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْق الْعَذَاب
وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة " سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتنَا سُوء الْعَذَاب بِمَا كَانُوا
يَصْدِفُونَ ، وَقَدْ يَكُون الْمُرَاد فِيمَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة - فَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ كَذَّبَ
بِآيَاتِ اللَّه وَصَدَف عَنْهَا
- أَيْ لَا آمَنَ بِهَا وَلَا عَمِلَ بِهَا -كَقَوْلِهِ تَعَالَى - فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى
وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى اِشْتِمَال الْكَافِر عَلَى التَّكْذِيب بِقَلْبِهِ
وَتَرْك الْعَمَل بِجَوَارِحِهِ وَلَكِنَّ كَلَام السُّدِّيّ أَقْوَى وَأَظْهَر وَاَللَّه أَعْلَم لِأَنَّ اللَّه قَالَ ،
فَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّه وَصَدَف عَنْهَا " كَقَوْلِهِ تَعَالَى " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا
عَنْ سَبِيل اللَّه زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْق الْعَذَاب بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ .

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...1bbdcfde63.gif
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2f480d3440.jpg

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ
آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلْ
انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158)

هل ينتظر الذين أعرضوا وصدوا عن سبيل الله إلا أن يأتيهم ملك الموت وأعوانه لقبض
أرواحهم, أو ياتي ربك -أيها الرسول- للفصل بين عباده يوم القيامة, أو يأتي بعض
أشراط الساعة وعلاماتها الدالة على مجيئها, وهي طلوع الشمس من مغربها؟
فحين يكون ذلك لا ينفع نفسا إيمانها, إن لم تكن آمنت من قبل, ولا يُقبل منها إن كانت
مؤمنة كسب عمل صالح إن لم تكن عاملة به قبل ذلك. قل لهم -أيها الرسول- :
انتظروا مجيء ذلك; لتعلموا المحق من المبطل, والمسيء من المحسن, إنا منتظرون ذلك.

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ
بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)

إن الذين فرقوا دينهم بعد ما كانوا مجتمعين على توحيد الله والعمل بشرعه, فأصبحوا
فرقا وأحزابا, إنك -أيها الرسول- بريء منهم, إنما حكمهم إلى الله تعالى, ثم يخبرهم
بأعمالهم, فيجازي من تاب منهم وأحسن بإحسانه, ويعاقب المسيء بإساءته.

مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ
لا يُظْلَمُونَ (160)

من لقي ربه يوم القيامة بحسنة من الأعمال الصالحة فله عشر حسنات أمثالها, ومن
لقي ربه بسيئة فلا يعاقب إلا بمثلها, وهم لا يظلمون مثقال ذرة.

قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ
الْمُشْرِكِينَ (161)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنني أرشدني ربي إلى الطريق القويم الموصل
إلى جنته, وهو دين الإسلام القائم بأمر الدنيا والآخرة, وهو دين التوحيد دين إبراهيم
عليه السلام, وما كان إبراهيم عليه السلام من المشركين مع الله غيره.

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إن صلاتي, ونسكي, أي: ذبحي لله وحده, لا للأصنام,
ولا للأموات, ولا للجن, ولا لغير ذلك مما تذبحونه لغير الله, وعلى غير اسمه كما تفعلون,
وحياتي وموتي لله تعالى رب العالمين.

لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)
لا شريك له في ألوهيته ولا في ربوبيته ولا في صفاته وأسمائه, وبذلك التوحيد الخالص
أمرني ربي جل وعلا وأنا أول من أقر وانقاد لله من هذه الأمة.

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)

قل -أيها الرسول- : أغير الله أطلب إلها, وهو خالق كل شيء ومالكه ومدبره؟
ولا يعمل أي إنسان عملا سيئا إلا كان إثمه عليه, ولا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى,
ثم إلى ربكم معادكم يوم القيامة, فيخبركم بما كنتم تختلفون فيه من أمر الدين.

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ
إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)

والله سبحانه هو الذي جعلكم تخلفون من سبقكم في الأرض بعد أن أهلكهم الله,
واستخلفكم فيها; لتعمروها بعدهم بطاعة ربكم, ورفع حكم في الرزق والقوة فوق
بعض درجات, ليبلوكم فيما أعطاكم من نعمه, فيظهر للناس الشاكر من غيره. إن ربك
سريع العقاب لمن كفر به وعصاه, وإنه لغفور لمن آمن به وعمل صالحا وتاب من
الموبقات, رحيم به, والغفور والرحيم اسمان كريمان من أسماء الله الحسنى.


http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1260341963.gif



تم بحمدالله تفسير سورة الأنعام

لمسة دفئ 01-24-2011 03:12 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gif

سورة الأعراف


- مكية - عدد آياتها 206

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...690a448d4c.png

المص (1)
(المص
) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.

كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)
هذا القرآن كتاب عظيم أنزله الله عليك -أيها الرسول
- فلا يكن في صدرك شك منه في أنه
أنزل من عند الله، ولا تتحرج في إبلاغه والإنذار به، أنزلناه إليك; لتخوف به الكافرين وتذكر
المؤمنين.

اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3)

اتبعوا -أيها الناس- ما أُنزل إليكم من ربكم من الكتاب والسنة بامتثال الأوامر واجتناب
النواهي، ولا تتبعوا من دون الله أولياء كالشياطين والأحبار والرهبان. إنكم قليلا
ما تتعظون، وتعتبرون، فترجعون إلى الحق.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gif

وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4)
وكثير من القرى أهلكنا أهلها بسبب مخالفة رسلنا وتكذيبهم، فأعقبهم ذلك خزي الدنيا
موصولا بذلِّ الآخرة، فجاءهم عذابنا مرة وهم نائمون ليلا ومرة وهم نائمون نهارًا.
وخَصَّ الله هذين الوقتين; لأنهما وقتان للسكون والاستراحة، فمجيء العذاب فيهما
أفظع وأشد.

فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)

فما كان قولهم عند مجيء العذاب إلا الإقرار بالذنوب والإساءة، وأنهم حقيقون بالعذاب
الذي نزل بهم.

فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)
المرسلون:
ماذا أجبتم رسلنا إليكم؟ ولنسْألَنَّ المرسلين عن تبليغهم لرسالات ربهم،
وعمَّا أجابتهم به أممهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gif

فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)
فلَنقُصَّنَّ على الخلق كلهم ما عملوا بعلم منا لأعمالهم في الدنيا فيما أمرناهم به،
وما نهيناهم عنه، وما كنا غائبين عنهم في حال من الأحوال.

وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8)

ووزن أعمال الناس يوم القيامة يكون بميزان حقيقي بالعدل والقسط الذي لا ظلم فيه،
فمن ثقلت موازين أعماله -لكثرة حسناته- فأولئك هم الفائزون.

وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)

ومن خَفَّتْ موازين أعماله -لكثرة سيئاته- فأولئك هم الذين أضاعوا حظَّهم من رضوان الله
تعالى، بسبب تجاوزهم الحد بجحد آيات الله تعالى وعدم الانقياد لها.

وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (10)

ولقد مكَّنَّا لكم -أيها الناس- في الأرض، وجعلناها قرارًا لكم، وجعلنا لكم فيها ما تعيشون
به من مطاعم ومشارب، ومع ذلك فشكركم لنعم الله قليل.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gif

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ
مِنْ السَّاجِدِينَ (11)

ولقد أنعمنا عليكم بخلق أصلكم -وهو أبوكم آدم من العدم
- ثم صوَّرناه على هيئته المفضلة
على كثير من الخلق، ثم أمرنا ملائكتنا عليهم السلام بالسجود له -إكرامًا واحترامًا
وإظهارًا لفضل آدم- فسجدوا جميعًا، لكنَّ إبليس الذي كان معهم لم يكن من الساجدين
لآدم; حسدًا له على هذا التكريم العظيم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...351a32bca3.png

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)
قال تعالى منكرًا على إبليس تَرْكَ السجود:
ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك؟
فقال إبليس:
أنا أفضل منه خلقًا; لأني مخلوق من نار, وهو مخلوق من طين. فرأى
أن النار أشرف من الطين.

قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13)

قال الله لإبليس: فاهبط من الجنة, فما يصح لك أن تتكبر فيها, فاخرج من الجنة, إنك
من الذليلين الحقيرين.

قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14)

قال إبليس لله -جل وعلا- حينما يئس من رحمته: أمهلني إلى يوم البعث; وذلك لأتمكن
من إغواء مَن أقدر عليه من بني آدم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gif

قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (15)
قال الله تعالى:
إنك ممن كتبتُ عليهم تأخير الأجل إلى النفخة الأولى في القرن, إذ يموت
الخلق كلهم.

قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)

قال إبليس لعنه الله: فبسبب ما أضللتني لأجتهدنَّ في إغواء بني آدم عن طريقك القويم,
ولأصدَّنَّهم عن الإسلام الذي فطرتهم عليه.

ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ
شَاكِرِينَ (17)

ثم لآتينَّهم من جميع الجهات والجوانب, فأصدهم عن الحق, وأُحسِّن لهم الباطل,
وأرغبهم في الدنيا, وأشككهم في الآخرة, ولا تجد أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتك.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gif

قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)
قال الله تعالى لإبليس:
اخرج من الجنة ممقوتًا مطرودًا, لأملأنَّ جهنم منك وممن تبعك
من بني آدم أجمعين.
ويا آدم اسكن أنت وزوجك حواء الجنة, فكُلا من ثمارها حيث شئتما, ولا تأكلا من ثمرة
شجرة (
عَيَّنها لهما
), فإن فعلتما ذلك كنتما من الظالمين المتجاوزين حدود الله.

وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا
مِنْ الظَّالِمِينَ (19)

فألقى الشيطان لآدم وحواء وسوسة لإيقاعهما في معصية الله تعالى بالأكل من تلك
الشجرة التي نهاهما الله عنها; لتكون عاقبتهما انكشاف ما سُتر من عوراتهما,
وقال
لهما في محاولة المكر بهما:
إنما نهاكما ربكما عن الأكل مِن ثمر هذه الشجرة مِن أجل
أن لا تكونا ملَكين, ومِن أجل أن لا تكونا من الخالدين في الحياة.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9375923174.gif

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا
عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20)

وأقسم الشيطان لآدم وحواء بالله إنه ممن ينصح لهما في مشورته عليهما بالأكل من
الشجرة, وهو كاذب في ذلك.

وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21)
وأقسم الشيطان لآدم وحواء بالله إنه ممن ينصح لهما في مشورته عليهما بالأكل من
الشجرة, وهو كاذب في ذلك.

فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ
الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ
مُبِينٌ (22)

فجرَّأهما وغرَّهما, فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الاقتراب منها, فلما أكلا منها
انكشفت لهما عوراتهما, وزال ما سترهما الله به قبل المخالفة, فأخذا يلزقان بعض
ورق الجنة على عوراتهما, وناداهما ربهما جل وعلا ألم أنهكما عن الأكل من تلك
الشجرة, وأقل لكما: إن الشيطان لكما عدو ظاهر العداوة؟ وفي هذه الآية دليل على أن
كشف العورة من عظائم الأمور, وأنه كان ولم يزل مستهجَنًا في الطباع, مستقبَحًا في
العقول.

لمسة دفئ 01-24-2011 03:13 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...ee5923eda2.png

قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23)
قال آدم وحواء: ربنا ظلمنا أنفسنا بالأكل من الشجرة, وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن
ممن أضاعوا حظَّهم في دنياهم وأخراهم. (وهذه الكلمات هي التي تلقاها آدم من ربه,
فدعا بها فتاب الله عليه
).

قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)
قال تعالى مخاطبًا آدم وحواء لإبليس: اهبطوا من السماء إلى الأرض, وسيكون
بعضكم لبعض عدوًا, ولكم في الأرض مكان تستقرون فيه, وتتمتعون إلى انقضاء آجالكم.

قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)
قال الله تعالى لآدم وحوَّاء وذريتهما: فيها تحيون, أي: في الأرض تقضون أيام حياتكم
الدنيا, وفيها تكون وفاتكم, ومنها يخرجكم ربكم, ويحشركم أحياء يوم البعث.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ
آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)

يا بني آدم قد جعلنا لكم لباسًا يستر عوراتكم, وهو لباس الضرورة, ولباسًا للزينة والتجمل,
وهو من الكمال والتنعم. ولباسُ تقوى الله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي هو خير
لباس للمؤمن. ذلك الذي مَنَّ الله به عليكم من الدلائل على ربوبية الله تعالى ووحدانيته
وفضله ورحمته بعباده; لكي تتذكروا هذه النعم, فتشكروا لله عليها. وفي ذلك امتنان من
الله تعالى على خَلْقه بهذه النعم.

يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا
سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ (27)

يا بني آدم لا يخدعنَّكم الشيطان, فيزين لكم المعصية, كما زيَّنها لأبويكم آدم وحواء,
فأخرجهما بسببها من الجنة, ينزع عنهما لباسهما الذي سترهما الله به; لتنكشف لهما
عوراتهما. إن الشيطان يراكم هو وذريته وجنسه وأنتم لا ترونهم فاحذروهم. إنَّا جعلنا
الشياطين أولياء للكفار الذين لا يوحدون الله, ولا يصدقون رسله, ولا يعملون بهديه.

وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ
أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28)

وإذا أتى الكفار قبيحًا من الفعل اعتذروا عن فعله بأنه مما ورثوه عن آبائهم, وأنه مما
أمر الله به. قل لهم -أيها الرسول- : إن الله تعالى لا يأمر عباده بقبائح الأفعال ومساوئها,
أتقولون على الله -أيها المشركون- ما لا تعلمون كذبًا وافتراءً؟
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا
بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أمر ربي بالعدل, وأمركم بأن تخلصوا له العبادة
في كل موضع من مواضعها, وبخاصة في المساجد, وأن تدعوه مخلصين له الطاعة
والعبادة, وأن تؤمنوا بالبعث بعد الموت. وكما أن الله أوجدكم من العدم فإنه قادر على
إعادة الحياة إليكم مرة أخرى.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...81b8439c6f.png

فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلالَةُ إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)

جعل الله عباده فريقين: فريقًا وفَّقهم للهداية إلى الصراط المستقيم, وفريقًا وجبت عليهم
الضلالة عن الطريق المستقيم, إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله, فأطاعوهم
جهلا منهم وظنًا بأنهم قد سلكوا سبيل الهداية.

يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)
يا بني آدم كونوا عند أداء كل صلاة على حالة من الزينة المشروعة من ثياب ساترة
لعوراتكم ونظافة وطهارة ونحو ذلك, وكلوا واشربوا من طيبات ما رزقكم الله, ولا تتجاوزوا
حدود الاعتدال في ذلك. إن الله لا يحب المتجاوزين المسرفين في الطعام والشراب وغير ذلك.

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء الجهلة من المشركين: مَن الذي حرم عليكم اللباس الحسن الذي
جعله الله تعالى زينة لكم؟ ومَن الذي حرَّم عليكم التمتع بالحلال الطيب من رزق الله تعالى؟
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنَّ ما أحله الله من الملابس والطيبات من المطاعم
والمشارب حق للذين آمنوا في الحياة الدنيا يشاركهم فيها غيرهم, خالصة لهم يوم القيامة.
مثل ذلك التفصيل يفصِّل الله الآيات لقوم يعلمون ما يبيِّن لهم, ويفقهون ما يميز لهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا
بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33)

قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنما حَرَّم الله القبائح من الأعمال, ما كان منها
ظاهرًا, وما كان خفيًّا, وحَرَّم المعاصي كلها, ومِن أعظمها الاعتداء على الناس,
فإن ذلك مجانب للحق, وحرَّم أن تعبدوا مع الله تعالى غيره مما لم يُنَزِّل به دليلا وبرهانًا,
فإنه لا حجة لفاعل ذلك, وحرَّم أن تنسبوا إلى الله تعالى ما لم يشرعه افتراءً وكذبًا,
كدعوى أن لله ولدًا, وتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكل.

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (34)
ولكل جماعة اجتمعت على الكفر بالله تعالى وتكذيب رسله -عليهم الصلاة والسلام-
وقت لحلول العقوبة بهم, فإذا جاء الوقت الذي وقَّته الله لإهلاكهم لا يتأخرون عنه
لحظة, ولا يتقدمون عليه.

يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)

يا بني آدم إذا جاءكم رسلي من أقوامكم, يتلون عليكم آيات كتابي, ويبينون لكم البراهين
على صدق ما جاؤوكم به فأطيعوهم, فإنه من اتقى سخطي وأصلح عمله فلا خوف
عليهم يوم القيامة من عقاب الله تعالى, ولا ههم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)
والكفار الذين كذَّبوا بالدلائل على توحيد الله, واستعلَوا عن اتباعها, أولئك أصحاب النار
ماكثين فيها, لا يخرجون منها أبدًا.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...d6acf0c81e.png

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا
جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا
عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37)

لا أحد أشد ظلمًا ممن اختلق على الله تعالى الكذب, أو كذَّب بآياته المنزلة, أولئك يصل
إليهم حظُّهم من العذاب مما كتب لهم في اللوح المحفوظ, حتى إذا جاءهم ملك الموت
وأعوانه يقبضون أرواحهم قالوا لهم: أين الذين كنتم تعبدونهم من دون الله من الشركاء
والأولياء والأوثان ليخلِّصوكم مما أنتم فيه؟ قالوا: ذهبوا عنا, واعترفوا على أنفسهم
حينئذ أنهم كانوا في الدنيا جاحدين مكذبين وحدانية الله تعالى.

قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ
أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً
ضِعْفاً مِنْ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ (38)

قال الله تعالى -لهؤلاء المشركين المفترين- : ادخلوا النار في جملة جماعات من
أمثالكم في الكفر, قد سلفت من قبلكم من الجن والإنس, كلما دخلت النارَ جماعةٌ
من أهل ملة لعنت نظيرتها التي ضلَّتْ بالاقتداء بها, حتى إذا تلاحق في النار الأولون
من أهل الملل الكافرة والآخرون منهم جميعًا, قال الآخرون المتبعون في الدنيا لقادتهم:
ربنا هؤلاء هم الذين أضلونا عن الحق, فآتهم عذابًا مضاعفا من النار, قال الله تعالى:
لكل ضعف, أي: لكل منكم ومنهم عذاب مضاعف من النار, ولكن لا تدركون أيها
الأتباع ما لكل فريق منكم من العذاب والآلام.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (39)
وقال المتبوعون من الرؤساء وغيرهم لأتباعهم: نحن وأنتم متساوون في الغيِّ
والضلال، وفي فِعْلِ أسباب العذاب فلا فَضْلَ لكم علينا, قال الله تعالى لهم جميعًا:
فذوقوا العذاب أي عذاب جهنم; بسبب ما كسبتم من المعاصي.

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)

إن الكفار الذين لم يصدِّقوا بحججنا وآياتنا الدالة على وحدانيتنا, ولم يعملوا بشرعنا
تكبرًا واستعلاءً, لا تُفتَّح لأعمالهم في الحياة ولا لأرواحهم عند الممات أبواب السماء,
ولا يمكن أن يدخل هؤلاء الكفار الجنة إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة, وهذا مستحيل.
ومثل ذلك الجزاء نجزي الذين كثر إجرامهم, واشتدَّ طغيانهم.

لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)
هؤلاء الكفار مخلدون في النار, لهم مِن جهنم فراش مِن تحتهم, ومن فوقهم أغطية
تغشاهم. وبمثل هذا العقاب الشديد يعاقب الله تعالى الظالمين الذين تجاوزوا حدوده
فكفروا به وعصَوْه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ (42)

والذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحة في حدود طاقاتهم -لا يكلف الله نفسًا
من الأعمال إلا ما تطيق- أولئك أهل الجنة, هم فيها ماكثون أبدًا لا يخرجون منها.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...270e067b4a.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:14 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...46d04f9c39.png

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا
وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ
أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43)

وأذهب الله تعالى ما في صدور أهل الجنة من حقد وضغائن, ومن كمال نعيمهم أن الأنهار
تجري في الجنة من تحتهم. وقال أهل الجنة حينما دخلوها: الحمد لله الذي وفَّقنا للعمل
الصالح الذي أكسبنا ما نحن فيه من النعيم, وما كنا لنوفَّق إلى سلوك الطريق المستقيم
لولا أَنْ هدانا الله سبحانه لسلوك هذا الطريق, ووفَّقنا للثبات عليه, لقد جاءت رسل ربنا
بالحق من الإخبار بوعد أهل طاعته ووعيد أهل معصيته, ونُودوا تهنئة لهم وإكرامًا:
أن تلكم الجنة أورثكم الله إياها برحمته, وبما قدَّمتموه من الإيمان والعمل الصالح.

وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ
حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44)

ونادى أصحاب الجنة -بعد دخولهم فيها- أهلَ النار قائلين لهم: إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا
على ألسنة رسله حقًا من إثابة أهل طاعته, فهل وجدتم ما وعدكم ربكم على ألسنة رسله
حقًا من عقاب أهل معصيته؟ فأجابهم أهل النار قائلين: نعم قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا.
فأذَّن مؤذن بين أهل الجنة وأهل النار: أنْ لعنة الله على الظالمين الذين تجاوزوا حدود
الله, وكفروا بالله ورسله.

الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45)
هؤلاء الكافرون هم الذين كانوا يُعْرِضون عن طريق الله المستقيم, ويمنعون الناس من
سلوكه, ويطلبون أن تكون السبيل معوجة حتى لا يتبينها أحد, وهم بالآخرة -وما فيها-
جاحدون.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gif

وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ
سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)

وبين أصحاب الجنة وأصحاب النار حاجز عظيم يقال له الأعراف, وعلى هذا الحاجز رجال
يعرفون أهل الجنة وأهل النار بعلاماتهم, كبياض وجوه أهل الجنة, وسواد وجوه أهل النار,
وهؤلاء الرجال قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم يرجون رحمة الله تعالى. ونادى رجال
الأعراف أهل الجنة بالتحية قائلين لهم: سلام عليكم, وأهل الأعراف لم يدخلوا الجنة بعد,
وهم يرجون دخولها.

وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)
وإذا حُوِّلَتْ أبصار رجال الأعراف جهة أهل النار قالوا: ربنا لا تُصيِّرنا مع القوم الظالمين
بشركهم وكفرهم.

وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ
تَسْتَكْبِرُونَ (48)

ونادى أهل الأعراف رجالا من قادة الكفار الذين في النار, يعرفونهم بعلامات خاصة
تميزهم, قالوا لهم: ما نفعكم ما كنتم تجمعون من الأموال والرجال في الدنيا, وما نفعكم
استعلاؤكم عن الإيمان بالله وقَبول الحق.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...3b9742e54a.png

أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمْ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)
أهؤلاء الضعفاء والفقراء من أهل الجنة الذين أقسمتم في الدنيا أن الله لا يشملهم يوم
القيامة برحمة, ولن يدخلهم الجنة؟ ادخلوا الجنة يا أصحاب الأعراف فقد غُفِرَ لكم,
لا خوف عليكم من عذاب الله, ولا أنتم تحزنون على ما فاتكم من حظوظ الدنيا.

وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا
إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)

واستغاث أهل النار بأهل الجنة طالبين منهم أن يُفيضوا عليهم من الماء, أو مما رزقهم الله
من الطعام, فأجابوهم بأن الله تعالى قد حَرَّم الشراب والطعام على الذين جحدوا توحيده,
وكذَّبوا رسله.

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ
هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)

الذين حَرَمهم الله تعالى من نعيم الآخرة هم الذين جعلوا الدين الذي أمرهم الله باتباعه
باطلا ولهوًا, وخدعتهم الحياة الدنيا وشغلوا بزخارفها عن العمل للآخرة, فيوم القيامة
ينساهم الله تعالى ويتركهم في العذاب الموجع, كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا, ولكونهم
بأدلة الله وبراهينه ينكرون مع علمهم بأنها حق.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gif

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)
ولقد جئنا الكفار بقرآن أنزلناه عليك -أيها الرسول- بيَّنَّاه مشتملا على علم عظيم, هاديًا
من الضلالة إلى الرشد ورحمة لقوم يؤمنون بالله ويعملون بشرعه. وخصَّهم دون غيرهم;
لأنهم هم المنتفعون به.

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا
بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ
وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53)

هل ينتظر الكفار إلا ما وُعِدوا به في القرآن من العقاب الذي يؤول إليه أمرهم؟ يوم يأتي
ما يئول إليه الأمر من الحساب والثواب والعقاب يوم القيامة يقول الكفار الذين تركوا
القرآن, وكفروا به في الحياة الدنيا: قد تبيَّن لنا الآن أنَّ رسل ربنا قد جاؤوا بالحق,
ونصحوا لنا, فهل لنا من أصدقاء وشفعاء, فيشفعوا لنا عند ربنا, أو نعاد إلى الدنيا مرة
أخرى فنعمل فيها بما يرضي الله عنا؟ قد خسروا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها,
وذهب عنهم ما كانوا يعبدونه من دون الله, ويفترونه في الدنيا مما يَعِدُهم به الشيطان.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gif

إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي
اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ
تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)

إن ربكم -أيها الناس- هو الله الذي أوجد السموات والأرض من العدم في ستة أيام, ثم
استوى -سبحانه- على العرش -أي علا وارتفع- استواءً يليق بجلاله وعظمته, يُدخل
سبحانه الليل على النهار, فيلبسه إياه حتى يذهب نوره, ويُدخل النهار على الليل فيذهب
ظلامه, وكل واحد منهما يطلب الآخر سريعًا دائمًا, وهو -سبحانه- الذي خلق الشمس
والقمر والنجوم مذللات له يسخرهن -سبحانه- كما يشاء, وهنَّ من آيات الله العظيمة.
ألا له سبحانه وتعالى الخلق كله وله الأمر كله, تعالى الله وتعاظم وتنزَّه عن كل نقص,
رب الخلق أجمعين.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...609ebf6d09.png

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)
ادعوا -أيها المؤمنون- ربكم متذللين له خفية وسرًّا, وليكن الدعاء بخشوع وبُعْدٍ عن
الرياء. إن الله تعالى لا يحب المتجاوزين حدود شرعه, وأعظم التجاوز الشرك بالله,
كدعاء غير الله من الأموات والأوثان, ونحو ذلك.

وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ
الْمُحْسِنِينَ (56)

ولا تُفْسدوا في الأرض بأيِّ نوع من أنواع الفساد, بعد إصلاح الله إياها ببعثة الرسل
-عليهم السلام- وعُمْرانها بطاعة الله, وادعوه -سبحانه- مخلصين له الدعاء; خوفًا من
عقابه ورجاء لثوابه. إن رحمة الله قريب من المحسنين.

وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ
فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)

والله تعالى هو الذي يرسل الرياح الطيبة اللينة مبشرات بالغيث الذي تثيره بإذن الله, فيستبشر
الخلق برحمة الله, حتى إذا حملت الريح السحاب المحمل بالمطر ساقه الله بها لإحياء بلد,
قد أجدبت أرضه, ويَبِست أشجاره وزرعه, فأنزل الله به المطر, فأخرج به الكلأ والأشجار
والزروع, فعادت أشجاره محملة بأنواع الثمرات. كما نحيي هذا البلد الميت بالمطر نخرج
الموتى من قبورهم أحياءً بعد فنائهم; لتتعظوا, فتستدلوا على توحيد الله وقدرته على البعث.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gif

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ
لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)

والأرض النقية إذا نزل عليها المطر تُخْرج نباتًا -بإذن الله ومشيئته- طيبًا ميسرًا, وكذلك
المؤمن إذا نزلت عليه آيات الله انتفع بها, وأثمرت فيه حياة صالحة, أما الأرض السَّبِخة
الرديئة فإنها لا تُخرج النبات إلا عسرًا رديئا لا نفع فيه, ولا تُخرج نباتًا طيبًا, وكذلك
الكافر لا ينتفع بآيات الله. مثل ذلك التنويع البديع في البيان نُنوِّع الحجج والبراهين لإثبات
الحق لأناس يشكرون نعم الله, ويطيعونه.

لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ
عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)

لقد بعثنا نوحًا إلى قومه; ليدعوهم إلى توحيد الله سبحانه وإخلاص العبادة له, فقال:
يا قوم اعبدوا الله وحده, ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا فأخلصوا له
العبادة فإن لم تفعلوا وبقيتم على عبادة أوثانكم, فإنني أخاف أن يحلَّ عليكم عذاب يوم
يعظم فيه بلاؤكم, وهو يوم القيامة.

قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60)
قال له سادتهم وكبراؤهم: إنا لنعتقد -يا نوح- أنك في ضلال بيِّن عن طريق الصواب.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gif

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61)
قال نوح: يا قوم لست ضالا في مسألة من المسائل بوجه من الوجوه, ولكني رسول من
رب العالمين ربي وربكم ورب جميع الخلق.

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (62)
أُبلِّغكم ما أُرسلت به من ربي, وأنصح لكم محذرًا لكم من عذاب الله ومبشرًا بثوابه,
وأعلم من شريعته ما لا تعلمون.

أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63)
وهل أثار عجبكم أن أنزل الله تعالى إليكم ما يذكركم بما فيه الخير لكم, على لسان رجل
منكم, تعرفون نسبه وصدقه; ليخوِّفكم بأس الله تعالى وعقابه, ولتتقوا سخطه بالإيمان به,
ورجاء أن تظفروا برحمته وجزيل ثوابه؟


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f1a377279a.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:14 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...ace3c16283.png

فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً
عَمِينَ (64)

فكذبوا نوحًا فأنجيناه ومَن آمن معه في السفينة, وأغرقنا الكفار الذين كذبوا بحججنا
الواضحة. إنهم كانوا عُمْيَ القلوب عن رؤية الحق.

وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (65)
ولقد أرسلنا إلى قبيلة عاد أخاهم هودا حين عبدوا الأوثان من دون الله, فقال لهم:
اعبدوا الله وحده, ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا فأخلصوا له العبادة
أفلا تتقون عذاب الله وسخطه عليكم؟

قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (66)
قال الكبراء الذين كفروا من قوم هود: إنا لنعلم أنك بدعوتك إيانا إلى ترك عبادة آلهتنا
وعبادة الله وحده ناقص العقل, وإنا لنعتقد أنك من الكاذبين على الله فيما تقول.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67)
قال هود: يا قوم ليس بي نقص في عقلي, ولكني رسول إليكم من رب الخلق أجمعين.

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)
أُبلِّغكم ما أرسلني به ربي إليكم, وأنا لكم - فيما دعوتكم إليه من توحيد الله والعمل بشريعته -
ناصح, أمين على وحي الله تعالى.

أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ
بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)

وهل أثار عجبكم أن أنزل الله تعالى إليكم ما يذكركم بما فيه الخير لكم, على لسان رجل
منكم, تعرفون نسبه وصدقه; ليخوِّفكم بأس الله وعقابه؟ واذكروا نعمة الله عليكم إذ
جعلكم تخلفون في الأرض مَن قبلكم من بعد ما أهلك قوم نوح, وزاد في أجسامكم قوة
وضخامة, فاذكروا نِعَمَ الله الكثيرة عليكم; رجاء أن تفوزوا الفوز العظيم في الدنيا
والآخرة.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ
الصَّادِقِينَ (70)

قالت عاد لهود عليه السلام: أدعوتنا لعبادة الله وحله وهَجْر عبادة الأصنام التي ورثنا
عبادتها عن آبائنا؟ فأتنا بالعذاب الذي تخوفنا به إن كنت من أهل الصدق فيما تقول.

قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ
مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنتَظِرِينَ (71)

قال هود لقومه: قد حلَّ بكم عذاب وغضب من ربكم جل وعلا أتجادلونني في هذه الأصنام
التي سميتموها آلهة أنتم وآباؤكم؟ ما نزَّل الله بها من حجة ولا برهان; لأنها مخلوقة
لا تضر ولا تنفع, وإنما المعبود وحده هو الخالق سبحانه, فانتظروا نزول العذاب عليكم
فإني منتظر معكم نزوله, وهذا غاية في التهديد والوعيد.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...776a5d9284.png

فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)
فوقع عذاب الله بإرسال الريح الشديدة عليهم, فأنجى الله هودًا والذين آمنوا معه برحمة
عظيمة منه تعالى, وأهلك الكفار من قومه جميعا ودمَّرهم عن آخرهم, وما كانوا
مؤمنين لجمعهم بين التكذيب بآيات الله وترك العمل الصالح.

وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ
مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)

ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحًا لـمَّا عبدوا الأوثان من دون الله تعالى
. فقال صالح لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده; ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل
وعلا، فأخلصوا له العبادة, قد جئتكم بالبرهان على صدق ما أدعوكم إليه, إذ دعوتُ الله
أمامكم, فأخرج لكم من الصخرة ناقة عظيمة كما سألتم, فاتركوها تأكل في أرض الله من
المراعي, ولا تتعرضوا لها بأي أذى, فيصيبكم بسبب ذلك عذاب موجع.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً
وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74)

واذكروا نعمة الله عليكم, إذ جعلكم تَخْلُفون في الأرض مَن قبلكم, من بعد قبيلة عاد,
ومكَّن لكم في الأرض الطيبة تنزلونها, فتبنون في سهولها البيوت العظيمة, وتنحتون
من جبالها بيوتًا أخرى, فاذكروا نِعَمَ الله عليكم, ولا تَسْعَوا في الأرض بالإفساد.

قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً
مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75)

قال السادة والكبراء من الذين استعلَوا -من قوم صالح- للمؤمنين الذين استضعفوهم,
واستهانوا بهم: أتعلمون حقيقة أن صالحًا قد أرسله الله إلينا؟ قال الذين آمنوا:
إنا مصدقون بما أرسله الله به, متَّبعون لشرعه.

قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76)
قال الذين استعلَوْا: إنَّا بالذي صدَّقتم به واتبعتموه من نبوة صالح جاحدون.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ
الْمُرْسَلِينَ (77)

فنحروا الناقة استخفافا منهم بوعيد صالح, واستكبروا عن امتثال أمر ربهم, وقالوا
على سبيل الاستهزاء واستبعاد العذاب:
يا صالح ائتنا بما تتوعَّدنا به من العذاب, إن
كنت مِن رسل الله.

فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)
فأخذَت الذين كفروا الزلزلةُ الشديدة التي خلعت قلوبهم, فأصبحوا في بلدهم هالكين,
لاصقين بالأرض على رُكَبهم ووجوههم, لم يُفْلِت منهم أحد.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...5a116e40e0.png

فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ
النَّاصِحِينَ (79)

فأعرض صالح عليه السلام عن قومه -حين عقروا الناقة وحل بهم الهلاك- وقال لهم:
يا قوم لقد أبلغتكم ما أمرني ربي بإبلاغه من أمره ونهيه, وبَذَلْت لكم وسعي في
الترغيب والترهيب والنصح, ولكنكم لا تحبون الناصحين, فرددتم قولهم, وأطعتم كل
شيطان رجيم.

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ (80)
واذكر -أيها الرسول- لوطًا عليه السلام حين قال لقومه: أتفعلون الفعلة المنكرة التي
بلغت نهاية القبح؟ ما فعلها مِن أحد قبلكم من المخلوقين.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)
إنكم لتأتون الذكور في أدبارهم, شهوة منكم لذلك, غير مبالين بقبحها, تاركين الذي أحلَّه
الله لكم من نسائكم, بل أنتم قوم متجاوزون لحدود الله في الإسراف. إن إتيان الذكور دون
الإناث من الفواحش التي ابتدعها قوم لوط, ولم يسبقهم بها أحد من الخلق.

وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)
وما كان جواب قوم لوط حين أنكر عليهم فعلهم الشنيع إلا أن قال بعضهم لبعض:
أخرجوا لوطًا وأهله من بلادكم, إنه ومن تبعه أناس يتنزهون عن إتيان أدبار الرجال
والنساء.

فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ (83)
فأنجى الله لوطًا وأهله من العذاب حيث أمره بمغادرة ذلك البلد, إلا امرأته, فإنها كانت من
الهالكين الباقين في عذاب الله.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)
وعذَّب الله الكفار من قوم لوط بأن أنزل عليهم مطرًا من الحجارة, وقلب بلادهم, فجعل
عاليها سافلها, فانظر -أيها الرسول- كيف صارت عاقبة الذين اجترؤوا على معاصي الله
وكذبوا رسله.

وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ
رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ
إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (85)

ولقد أرسلنا إلى قبيلة "مدين" أخاهم شعيبًا عليه السلام, فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله
وحده لا شريك له; ليس لكم مِن إله يستحق العبادة غيره جل وعلا فأخلصوا له العبادة,
قد جاءكم برهان من ربكم على صِدْق ما أدعوكم إليه, فأدوا للناس حقوقهم بإيفاء الكيل,
الميزان, ولا تنقصوهم حقوقهم فتظلموهم, ولا تفسدوا في الأرض -بالكفر والظلم-
بعد إصلاحها بشرائع الأنبياء السابقين عليهم السلام. ذلك الذي دعوتكم إليه خير لكم في
دنياكم وأخراكم, إن كنتم مصدقيَّ فيما دعوتكم إليه, عاملين بشرع الله.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً
وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)

ولا تقعدوا بكل طريق تتوعدون الناس بالقتل, إن لم يعطوكم أموالهم, وتصدُّون عن سبيل الله
القويم من صدَّق به عز وجل, وعمل صالحًا, وتبغون سبيل الله أن تكون معوجة, وتميلونها
اتباعًا لأهوائكم, وتنفِّرون الناس عن اتباعها. واذكروا نعمة الله تعالى عليكم إذ كان عددكم
قليلا فكثَّركم, فأصبحتم أقوياء عزيزين, وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين في الأرض,
وما حلَّ بهم من الهلاك والدمار؟


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...11e7fa480f.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:15 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c443536dbc.png

وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا
وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87)

وإن كان جماعة منكم صدَّقوا بالذي أرسلني الله به, وجماعة لم يصدِّقوا بذلك, فانتظروا
أيها المكذبون قضاء الله الفاصل بيننا وبينكم حين يحلُّ عليكم عذابه الذي أنذرتكم به.
والله -جلَّ وعلا- هو خير الحاكمين بين عباده.

قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا
أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)

قال السادة والكبراء من قوم شعيب الذين تكبروا عن الإيمان بالله واتباع رسوله شعيب
عليه السلام: لنخرجنك يا شعيب ومَن معك من المؤمنين من ديارنا, إلا إذا صرتم إلى
ديننا, قال شُعيب منكرًا ومتعجبًا من قولهم: أنتابعكم على دينكم ومِلَّتكم الباطلة, ولو كنا
كارهين لها لعِلْمِنا ببطلانها؟

قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ
فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ
قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)

وقال شعيب لقومه مستدركًا: قد اختلقنا على الله الكذب إن عُدْنا إلى دينكم بعد أن أنقذنا
الله منه, وليس لنا أن نتحول إلى غير دين ربنا إلا أن يشاء الله ربنا, وقد وسع ربنا كل
شيء علمًا, فيعلم ما يصلح للعباد, على الله وحده اعتمادنا هداية ونصرة, ربنا احكم بيننا
وبين قومنا بالحق, وأنت خير الحاكمين.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

وَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ (90)
وقال السادة والكبراء المكذبون الرافضون لدعوة التوحيد إمعانًا في العتوِّ والتمرد, محذرين
من اتباع شعيب: لئن اتبعتم شعيبًا إنكم إذًا لهالكون.

فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91)
فأخذَتْ قومَ شعيب الزلزلةُ الشديدة, فأصبحوا في دارهم صرعى ميتين.

الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمْ الْخَاسِرِينَ (92)
الذين كذَّبوا شعيبًا كأنهم لم يقيموا في ديارهم, ولم يتمتعوا فيها, حيث استؤصلوا, فلم يبق لهم
أثر, وأصابهم الخسران والهلاك في الدنيا والآخرة.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ
كَافِرِينَ (93)

فأعرض شعيب عنهم حينما أيقن بحلول العذاب بهم, وقال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالات
ربي, ونصحت لكم بالدخول في دين الله والإقلاع عما أنتم عليه, فلم تسمعوا ولم تطيعوا,
فكيف أحزن على قوم جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسله؟

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...bec62245c3.png

وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)
وما أرسلنا في قرية من نبي يدعوهم إلى عبادة الله, وينهاهم عمَّا هم فيه من الشرك,
فكذَّبه قومه, إلا ابتليناهم بالبأساء والضراء, فأصبناهم في أبدانهم بالأمراض والأسقام,
وفي أموالهم بالفقر والحاجة; رجاء أن يستكينوا, وينيبوا إلى الله, ويرجعوا إلى الحق.

ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ
بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (95)

ثم بدَّلنا الحالة الطيبة الأولى مكان الحالة السيئة, فأصبحوا في عافية في أبدانهم, وسَعَة
ورخاء في أموالهم; إمهالا لهم, ولعلهم يشكرون, فلم يُفِد معهم كل ذلك, ولم يعتبروا ولم
ينتهوا عمَّا هم فيه, وقالوا: هذه عادة الدهر في أهله, يوم خير ويوم شر, وهو ما جرى
لآبائنا من قبل, فأخذناهم بالعذاب فجأة وهم آمنون, لا يخطر لهم الهلاك على بال.

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)

ولو أنَّ أهل القرى صدَّقوا رسلهم واتبعوهم واجتنبوا ما نهاهم الله عنه, لفتح الله لهم
أبواب الخير من كلِّ وجه, ولكنهم كذَّبوا, فعاقبهم الله بالعذاب المهلك بسبب كفرهم
ومعاصيهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ (97)
أيظن أهل القرى أنهم في منجاة ومأمن من عذاب الله, أن يأتيهم ليلا وهم نائمون؟

أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)
أوَأمن أهل القرى أن يأتيهم عذاب الله وقت الضحى, وهم غافلون متشاغلون بأمور دنياهم؟
وخصَّ الله هذين الوقتين بالذكر, لأن الإنسان يكون أغْفَل ما يكون فيهما, فمجيء العذاب
فيهما أفظع وأشد.

أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)
أفأمن أهل القرى المكذبة مَكْرَ الله وإمهاله لهم; استدراجًا لهم بما أنعم عليهم في دنياهم
عقوبة لمكرهم؟ فلا يأمن مكر الله إلا القوم الهالكون.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى
قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100)

أوَلم يتبين للذين سكنوا الأرض من بعد إهلاك أهلها السابقين بسبب معاصيهم, فساروا
سيرتهم, أن لو نشاء أصبناهم بسبب ذنوبهم كما فعلنا بأسلافهم, ونختم على قلوبهم,
فلا يدخلها الحق, ولا يسمعون موعظة ولا تذكيرًا؟

تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا
كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)

تلك القرى التي تَقَدَّم ذِكْرُها, وهي قرى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب, نقصُّ
عليك -أيها الرسول- من أخبارها, وما كان من أَمْر رسل الله التي أرسلت إليهم,
ما يحصل به عبرة للمعتبرين وازدجار للظالمين. ولقد جاءت أهلَ القرى رسلنا
بالحجج البينات على صدقهم, فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل; بسبب طغيانهم
وتكذيبهم بالحق, ومثل خَتْمِ الله على قلوب هؤلاء الكافرين المذكورين يختم الله على
قلوب الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)
وما وَجَدْنا لأكثر الأم الماضية من أمانة ولا وفاء بالعهد, وما وجدنا أكثرهم إلا فسقة
عن طاعة الله وامتثال أمره.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...71bf05a2cd.png

ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُفْسِدِينَ (103)

ثم بعثنا من بعد الرسل المتقدم ذِكْرهم موسى بن عمران بمعجزاتنا البينة إلى فرعون
وقومه, فجحدوا وكفروا بها ظلمًا منهم وعنادًا, فانظر -أيها الرسول- متبصرًا كيف
فعلنا بهم وأغرقناهم عن آخرهم بمرأى من موسى وقومه؟ وتلك نهاية المفسدين.

وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)
وقال موسى لفرعون محاورًا مبلِّغًا: إني رسولٌ من الله خالق الخلق أجمعين, ومدبِّر
أحوالهم ومآلهم.

حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِي بَنِي
إِسْرَائِيلَ (105)

جدير بأن لا أقول على الله إلا الحق, وحريٌّ بي أن ألتزمه, قد جئتكم ببرهان وحجة
باهرة من ربكم على صِدْق ما أذكره لكم, فأطلق -يا فرعون- معي بني إسرائيل مِن
أَسْرك وقَهْرك, وخلِّ سبيلهم لعبادة الله.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (106)
قال فرعرن لموسى: إن كنتَ جئتَ بآية حسب زعمك فأتني بها, وأحضرها عندي;
لتصحَّ دعواك ويثبت صدقك, إن كنت صادقًا فيما ادَّعيت أنك رسول رب العالمين.

فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107)
فألقى موسى عصاه, فتحولت حيَّة عظيمة ظاهرة للعيان.

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)
وجذب يده من جيبه أو من جناحه فإذا هي بيضاء كاللبن من غير برص آية لفرعون,
فإذا ردَّها عادت إلى لونها الأول, كسائر بدنه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)
قال الأشراف من قوم فرعون: إن موسى لساحر يأخذ بأعين الناس بخداعه إياهم,
حتى يخيل إليهم أن العصا حية, والشيء بخلاف ما هو عليه, وهو واسع العلم بالسحر
ماهر به.

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)
يريد أن يخرجكم جميعًا من أرضكم, قال فرعون: فبماذا تشيرون عليَّ أيها الملأ في أمر
موسى؟

قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)
قال مَن حضر مناظرة موسى مِن سادة قوم فرعون وكبرائهم: أَخِّر موسى وأخاه هارون,
وابعث في مدائن "مصر" وأقاليمها الشُّرَط.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)
ليجمعوا لك كل ساحر واسع العلم بالسحر.

وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113)
وجاء السحرة فرعون قالوا: أئنَّ لنا لجائزة ومالا إن غَلَبْنا موسى؟

قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (114)
قال فرعون: نعم لكم الأجر والقرب مني إن غَلَبْتُموه.

قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)
قال سحرة فرعون لموسى على سبيل التكبر وعدم المبالاة: يا موسى اختر أن تُلقي
عصاك أولا أو نُلقي نحن أولا.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a10ad57c8b.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:25 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9403c160c4.png

قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)
قال موسى للسحرة: ألقوا أنتم, فلما ألقَوا الحبال والعصيَّ سحروا أعين الناس, فخُيِّل
إلى الأبصار أن ما فعلوه حقيقة, ولم يكن إلا مجرد صنعة وخيال, وأرهبوا الناس
إرهابًا شديدًا, وجاؤوا بسحر قوي كثير.

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)
وأوحى الله إلى عبده ورسوله موسى عليه السلام في ذلك الموقف العظيم الذي فرَّق الله
فيه بين الحق والباطل, يأمره بأن يُلقي ما في يمينه وهي عصاه, فألقاها فإذا هي تبلع
ما يلقونه, ويوهمون الناس أنه حق وهو باطل.

فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)
فظهر الحق واستبان لمن شهده وحضره في أمر موسى عليه السلام, وأنه رسول الله
يدعو إلى الحق, وبطل الكذب الذي كانوا يعملونه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119)
فغُلِبَ جميع السحرة في مكان اجتماعهم, وانصرف فرعون وقومه أذلاء مقهورين مغلوبين.

وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)
وخَرَّ السحرة سُجَّدًا على وجوههم لله رب العالمين لِمَا عاينوا من عظيم قدرة الله.

قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121)
قالوا: آمنا برب العالمين.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)
وهو رب موسى وهارون, وهو الذي يجب أن تصرف له العبادة وحده دون مَن سواه.

قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا
أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)

قال فرعون للسحرة: آمنتم بالله قبل أن آذن لكم بالإيمان به؟ إن إيمانكم بالله وتصديقكم
لموسى وإقراركم بنبوته لحيلة احتلتموها أنتم وموسى; لتخرجوا أهل مدينتكم منها,
وتكونوا المستأثرين بخيراتها, فسوف تعلمون -أيها السحرة- ما يحلُّ بكم من العذاب
والنكال.

لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)
لأقطعنَّ أيديكم وأرجلكم -أيها السحرة- من خلاف: بقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى,
أو اليد اليسرى والرجل اليمنى, ثم لأعلقنَّكم جميعًا على جذوع النخل; تنكيلا بكم وإرهابًا
للناس.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (125)
قال السحرة لفرعون: قد تحققنا أنَّا إلى الله راجعون, وأن عذابه أشد من عذابك, فلنصبرنَّ
اليوم على عذابك; لِننجو من عذاب الله يوم القيامة.

وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا
مُسْلِمِينَ (126)

ولستَ تعيب منا وتنكر -يا فرعون- إلا إيماننا وتصديقنا بحجج ربنا وأدلته التي جاء بها
موسى ولا تقدر على مثلها أنت ولا أحد آخر سوى الله الذي له ملك السموات والأرض,
ربنا أَفِضْ علينا صبرًا عظيمًا وثباتا عليه, وتوفَّنا منقادين لأمرك متبعين رسولك.

وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ
قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)

وقال السادة والكبراء من قوم فرعون لفرعون: أَتَدَعُ موسى وقومه من بني إسرائيل
ليفسدوا الناس في أرض "مصر" بتغيير دينهم بعبادة الله وحده لا شريك له, وترك
عبادتك وعبادة آلهتك؟ قال فرعون: سنُقَتِّل أبناء بني إسرائيل ونستبقي نساءهم أحياء
للخدمة, وإنَّا عالون عليهم بقهر المُلْكِ والسلطان.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)

قال موسى لقومه -من بني إسرائيل-: استعينوا بالله على فرعون وقومه, واصبروا
على ما نالكم من فرعون من المكاره في أنفسكم وأبنائكم. إن الأرض كلها لله يورثها
من يشاء من عباده, والعاقبة المحمودة لمن اتقى الله ففعل أوامره واجتنب نواهيه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...fbbc559de8.png

قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ
وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)


قال قوم موسى -من بني إسرائيل- لنبيهم موسى: ابتُلينا وأُوذينا بذبح أبنائنا واستحياء
نسائنا على يد فرعون وقومه, من قبل أن تأتينا, ومن بعد ما جئتنا, قال موسى لهم:
لعل ربكم أن يهلك عدوكم فرعون وقومه, ويستخلفكم في أرضهم بعد هلاكهم, فينظر
كيف تعملون, هل تشكرون أو تكفرون؟

وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)
ولقد ابتلينا فرعون وقومه بالقحط والجدب, ونَقْص ثمارهم وغَلاتهم; ليتذكروا, وينزجروا
عن ضلالاتهم, ويفزعوا إلى ربهم بالتوبة.

فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا
طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131)

فإذا جاء فرعونَ وقومَه الخِصْبُ والرزقُ قالوا: هذا لنا بما نستحقه, وإن يُصِبْهم جدب
وقحط يتشاءموا, ويقولوا: هذا بسبب موسى ومَن معه. ألا إنَّ ما يصيبهم من الجدب
والقحط إنما هو بقضاء الله وقدره, وبسبب ذنوبهم وكفرهم, ولكن أكثر قوم فرعون
لا يعلمون ذلك; لانغمارهم في الجهل والضلال.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)
وقال قوم فرعون لموسى: أي آية تأتِنا بها, ودلالة وحجة أقمتها لتصرفنا عما نحن عليه
من دين فرعون, فما نحن لك بمصدِّقين.

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا
قَوْماً مُجْرِمِينَ (133)

فأرسلنا عليهم سيلا جارفًا أغرق الزروع والثمار, وأرسلنا الجراد, فأكل زروعهم وثمارهم
وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم, وأرسلنا القُمَّل الذي يفسد الثمار ويقضي على الحيوان
والنبات, وأرسلنا الضفادع فملأت آنيتهم وأطعمتهم ومضاجعهم, وأرسلنا أيضًا الدم
فصارت أنهارهم وآبارهم دمًا, ولم يجدوا ماء صالحًا للشرب, هذه آيات من آيات الله
لا يقدر عليها غيره, مفرقات بعضها عن بعض, ومع كل هذا ترفَّع قوم فرعون, فاستكبروا
عن الإيمان بالله, وكانوا قومًا يعملون بما ينهى الله عنه من المعاصي والفسق عتوًّا
وتمردًا.

وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ
لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)

ولما نزل العذاب على فرعون وقومه فزعوا إلى موسى وقالوا: يا موسى ادع لنا ربك
بما أوحى به إليك مِن رَفْع العذاب بالتوبة, لئن رفعت عنا العذاب الذي نحن فيه لنصدِّقنَّ
بما جئت به, ونتبع ما دعوت إليه, ولنطلقنَّ معك بني إسرائيل, فلا نمنعهم من أن يذهبوا
حيث شاؤوا.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135)
فلما رفع الله عنهم العذاب الذى أنزله بهم إلى أجلٍ هم بالغوه لا محالة فيعذبون فيه,
لا ينفعهم ما تقدَّم لهم من الإمهال وكَشْفِ العذاب إلى حلوله, إذا هم ينقضون عهودهم
التي عاهدوا عليها ربهم وموسى, ويقيمون على كفرهم وضلالهم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...049492f62d.png

فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)
فانتقمنا منهم حين جاء الأجل المحدد لإهلاكهم, وذلك بإحلال نقمتنا عليهم, وهي إغراقهم
في البحر; بسبب تكذيبهم بالمعجزات التي ظهرت على يد موسى, وكانوا عن هذه
المعجزات غافلين, وتلك الغفلة هي سبب التكذيب.

وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ
وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)

وأررثنا بني إسرائيل الذين كانوا يُستَذَلُّون للخدمة, مشارق الأرض ومغاربها
(وهي بلاد "الشام") التي باركنا فيها, بإخراج الزروع والثمار والأنهار, وتمت كلمة
ربك -أيها الرسول- الحسنى على بني إسرائيل بالتمكين لهم في الأرض; بسبب صبرهم
على أذى فرعون وقومه, ودمَّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه من العمارات والمزارع,
وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور وغير ذلك.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى
اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)

وقطعنا ببني إسرائيل البحر, فمرُّوا على قوم يقيمون ويواظبون على عبادة أصنام لهم,
قال بنو إسرائيل: اجعل لنا يا موسى صنمًا نعبده ونتخذه إلهًا, كما لهؤلاء القوم أصنام
يعبدونها, قال موسى لهم: إنكم أيها القوم تجهلون عظمة الله, ولا تعلمون أن العبادة
لا تنبغي إلا لله الواحد القهار.

إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139)
إن هؤلاء المقيمين على هذه الأصنام مُهْلَك ما هم فيه من الشرك, ومدمَّر وباطل ما كانوا
يعملون من عبادتهم لتلك الأصنام, التي لا تدفع عنهم عذاب الله إذا نزل بهم.

قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)
قال موسى لقومه: أغير الله أطلب لكم معبودًا تعبدونه من دونه, والله هو الذي خلقكم,
وفضَّلكم على عالمي زمانكم بكثرة الأنبياء فيكم, وإهلاك عدوكم وما خصَّكم به من الآيات؟
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

وَإِذْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ
وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)

واذكروا - يا بني إسرائيل - نِعَمنا عليكم إذ أنقذناكم من أَسْر فرعون وآله, وما كنتم فيه
من الهوان والذلة من تذبيح أبنائكم واستبقاء نسائكم للخدمة, وفي حَمْلِكم على أقبح
العذاب وأسوئه, ثم إنجائكم, اختبار من الله لكم ونعمة عظيمة.

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى
لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)

وواعد الله سبحانه وتعالى موسى لمناجاة ربه ثلاثين ليلة, ثم زاده في الأجل بعد ذلك عشر
ليال, فتمَّ ما وَقَّتَه الله لموسى لتكليمه أربعين ليلة. وقال موسى لأخيه هارون
-حين أراد المضيَّ لمناجاة ربه-: كن خليفتي في قومي حتى أرجع, وأحمِلَهم على طاعة
الله وعبادته, ولا تسلكْ طريق الذين يفسدون في الأرض.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f033e48cc0.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f033e48cc0.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...f033e48cc0.gif


لمسة دفئ 01-24-2011 03:28 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...30a5a7c9e1.png

وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ
إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى
صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)

ولما جاء موسى في الوقت المحدد وهو تمام أربعين ليلة, وكلَّمه ربه بما كلَّمه من وحيه
وأمره ونهيه, طمع في رؤية الله فطلب النظر إليه, قال الله له: لن تراني, أي لن تقدر
على رؤيتي في الدنيا, ولكن انظر إلى الجبل, فإن استقر مكانه إذا تجلَّيتُ له فسوف تراني,
فلما تجلَّى ربه للجبل جعله دكًّا مستويًا بالأرض, وسقط موسى مغشيًّا عليه, فلما أفاق
من غشيته قال: تنزيهًا لك يا رب عما لا يليق بجلالك, إني تبت إليك من مسألتي إياك
الرؤية في هذه الحياة الدنيا, وأنا أول المؤمنين بك من قومي.

قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ
الشَّاكِرِينَ (144)

قال الله يا موسى: إني اخترتك على الناس برسالاتي إلى خلقي الذين أرسلتك إليهم
وبكلامي إياك مِن غير وساطة, فخذ ما أعطيتك مِن أمري ونهيي, وتمسَّك به, واعمل به,
وكن من الشاكرين لله تعالى على ما آتاك من رسالته, وخصَّك بكلامه.

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ
يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)

وكتبنا لموسى في التوراة من كل ما يحتاج إليه في دينه من الأحكام, موعظة للازدجار
والاعتبار وتفصيلا لتكاليف الحلال والحرام والأمر والنهي والقصص والعقائد والأخبار
والمغيبات, قال الله له: فخذها بقوة, أي: خذ التوراة بجد واجتهاد, وأمر قومك يعملوا
بما شرع الله فيها; فإن مَن أشرك منهم ومِن غيرهم فإني سأريه في الآخرة دار الفاسقين,
وهي نار الله التي أعدَّها لأعدائه الخارجين عن طاعته.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا
وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)

سأصرف عن فَهْم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين
عن طاعتي, والمتكبرين على الناس بغير الحق, فلا يتبعون نبيًا ولا يصغون إليه لتكبرهم,
وإنْ يَرَ هؤلاء المتكبرون عن الإيمان كل آية لا يؤمنوا بها لإعراضهم ومحادَّتهم لله
ورسوله, وإن يروا طريق الصلاح لا يتخذوه طريقًا, وإن يروا طريق الضلال, أي الكفر
يتخذوه طريقًا ودينًا; وذلك بسبب تكذيبهم بآيات الله وغفلتهم عن النظر فيها والتفكر في
دلالاتها.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)
والذين كذَّبوا بآيات الله وحججه وبلقاء الله في الآخرة حبطت أعملهم; بسبب فَقْدِ شرطها,
وهو الإيمان بالله والتصديق بجزائه, ما يجزون في الآخرة إلا جزاء ما كانوا يعملونه
في الدنيا من الكفر والمعاصي, وهو الخلود في النار.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ
سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148)

واتخذ قوم موسى من بعد ما فارقهم ماضيًا لمناجاة ربه معبودًا مِن ذهبهم عِجلا جسدًا
بلا روح, له صوت, ألم يعلموا أنه لا يكلمهم, ولا يرشدهم إلى خير؟ أَقْدَمُوا على ما أقدموا
عليه من هذا الأمر الشنيع, وكانوا ظالمين لأنفسهم واضعين الشيء في غير موضعه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...ad16cae9d9.png

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ
الْخَاسِرِينَ (149)

ولما ندم الذين عبدوا العجل مِن دون الله عند رجوع موسى إليهم, ورأوا أنهم قد ضلُّوا
عن قصد السبيل, وذهبوا عن دين الله, أخذوا في الإقرار بالعبودية والاستغفار, فقالوا: لئن لم يرحمنا ربنا بقَبول توبتنا, ويستر بها ذنوبنا, لنكونن من الهالكين الذين ذهبت
أعمالهم.

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ
رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا
يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)

ولما رجع موسى إلى قومه مِن بني إسرائيل غضبان حزينًا; لأن الله قد أخبره أنه قد فُتِن
قومه, وأن السامريَّ قد أضلَّهم, قال موسى: بئس الخلافة التي خلفتموني مِن بعدي,
أعجلتم أَمْر ربكم؟ أي: أستعجلتم مجيئي إليكم وهو مقدَّر من الله تعالى؟ وألقى موسى
ألواح التوراة غضبا على قومه الذين عبدوا العجل, وغضبًا على أخيه هارون, وأمسك
برأس أخيه يجره إليه, قال هارون مستعطفًا: يا ابن أمي: إن القوم استذلوني وعدُّوني
ضعيفًا وقاربوا أن يقتلوني, فلا تَسرَّ الأعداء بما تفعل بي, ولا تجعلني في غضبك مع القوم
الذين خالفوا أمرك وعبدوا العجل.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151)
قال موسى لما تبين له عذر أخيه, وعلم أنه لم يُفَرِّط فيما كان عليه من أمر الله:
ربِّ اغفر لي غضبي, واغفر لأخي ما سبق بينه وبين بني إسرائيل, وأدخلنا في رحمتك
الواسعة, فإنك أرحم بنا من كل راحم.

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُفْتَرِينَ (152)

إن الذين اتخذوا العجل إلهًا سينالهم غضب شديد مِن ربهم وهوان في الحياة الدنيا; بسبب
كفرهم بربهم, وكما فعلنا بهؤلاء نفعل بالمفترين المبتدعين في دين الله, فكل صاحب بدعة ذليل.

وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153)
والذين عملوا السيئات من الكفر والمعاصي, ثم رجعوا مِن بعد فعلها إلى الإيمان والعمل
الصالح, إن ربك من بعد التوبة النصوح لغفور لأعمالهم غير فاضحهم بها, رحيم بهم
وبكل مَن كان مثلهم من التائبين.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ
يَرْهَبُونَ (154)

ولما سكن عن موسى غضبه أخذ الألواح بعد أن ألقاها على الأرض, وفيها بيان للحق
ورحمة للذين يخافون الله, ويخشون عقابه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...94c4657bb3.png

وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ
مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي
مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)

واختار موسى من قومه سبعين رجلا مِن خيارهم, وخرج بهم إلى طور "سيناء"
للوقت والأجل الذي واعده الله أن يلقاه فيه بهم للتوبة مما كان من سفهاء بني إسرائيل
من عبادة العجل, فلما أتوا ذلك المكان قالوا: لن نؤمن لك -يا موسى- حتى نرى الله
جهرة فإنك قد كلَّمته فأرِنَاهُ, فأخذتهم الزلزلة الشديدة فماتوا, فقام موسى يتضرع إلى الله
ويقول: رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتُهم, وقد أهلكتَ خيارهم؟ لو شئت أهلكتهم
جميعًا من قبل هذا الحال وأنا معهم, فإن ذلك أخف عليَّ, أتهلكنا بما فعله سفهاء الأحلام
منا؟ ما هذه الفعلة التي فعلها قومي من عبادتهم العجل إلا ابتلاءٌ واختبارٌ, تضلُّ بها
مَن تشاء مِن خلقك, وتهدي بها من تشاء هدايته, أنت وليُّنا وناصرنا, فاغفر ذنوبنا,
وارحمنا برحمتك, وأنت خير مَن صفح عن جُرْم, وستر عن ذنب.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا
يُؤْمِنُونَ (156)

واجعلنا ممن كتبتَ له الصالحات من الأعمال في الدنيا وفي الآخرة, إنا رجعنا تائبين إليك,
قال الله تعالى لموسى: عذابي أصيب به مَن أشاء مِن خلقي, كما أصبتُ هؤلاء الذين
أصبتهم من قومك, ورحمتي وسعت خلقي كلَّهم, فسأكتبها للذين يخافون الله, ويخشون
عقابه, فيؤدون فرائضه, ويجتنبون معاصيه, والذين هم بدلائل التوحيد وبراهينه يصدقون.

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي
أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157)

هذه الرحمة سأكتبها للذين يخافون الله ويجتنبون معاصيه, ويتبعون الرسول النبي الأمي
الذي لا يقرأ ولا يكتب, وهو محمد صلى الله عليه وسلم, الذي يجدون صفته وأمره مكتوبَيْن
عندهم في التوراة والإنجيل, يأمرهم بالتوحيد والطاعة وكل ما عرف حُسْنه, وينهاهم عن
الشرك والمعصية وكل ما عرف قُبْحه, ويُحِلُّ لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والمناكح,
ويُحرِّم عليهم الخبائث منها كلحم الخنزير, وما كانوا يستحلُّونه من المطاعم والمشارب التي
حرَّمها الله, ويذهب عنهم ما كُلِّفوه من الأمور الشاقة كقطع موضع النجاسة من الثوب,
وإحراق الغنائم, والقصاص حتمًا من القاتل عمدًا كان القتل أم خطأ, فالذين صدَّقوا بالنبي
الأمي محمد صلى الله عليه وسلم وأقروا بنبوته, ووقروه وعظَّموه ونصروه, واتبعوا القرآن
المنزل عليه, وعملوا بسنته, أولئك هم الفائزون بما وعد الله به عباده المؤمنين.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ
هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)

قل -أيها الرسول- للناس كلهم: إني رسول الله إليكم جميعًا لا إلى بعضكم دون بعض,
الذي له ملك السموات والأرض وما فيهما, لا ينبغي أن تكون الألوهية والعبادة إلا له
جل ثناؤه, القادر على إيجاد الخلق وإفنائه وبعثه, فصدَّقوا بالله وأقرُّوا بوحدانيته,
وصدَّقوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأميِّ الذي يؤمن بالله وما أنزل إليه
من ربه وما أنزل على النبيين من قبله, واتبعوا هذا الرسول, والتزموا العمل بما أمركم
به من طاعة الله, رجاء أن توفقوا إلى الطريق المستقيم.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dd0b823bdc.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:29 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0b0090a7b4.png

وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)
ومِن بني إسرائيل من قوم موسى جماعة يستقيمون على الحق, يهدون الناس به, ويعدلون
به في الحكم في قضاياهم.

وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذْ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنْ اضْرِب
بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمْ
الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا
أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)

وفرَّقنا قوم موسى مِن بني إسرائيل اثنتي عشرة قبيلة بعدد الأسباط -وهم أبناء يعقوب-
كل قبيلة معروفة من جهة نقيبها. وأوحينا إلى موسى إذ طلب منه قومه السقيا حين
عطشوا في التِّيْه: أن اضرب بعصاك الحجر, فضربه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا من
الماء, قد علمت كل قبيلة من القبائل الاثنتي عشرة مشربهم, لا تدخل قبيلة على غيرها
في شربها, وظلَّلنا عليهم السحاب, وأنزلنا عليهم المنَّ -وهو شيء يشبه الصَّمغ, طعمه
كالعسل
- والسلوى, وهو طائر يشبه السُّمَانَى, وقلنا لهم: كلوا من طيبات ما رزقناكم, فكر
هوا ذلك وملُّوه من طول المداومة عليه, وقالوا: لن نصبر على طعام واحد, وطلبوا استبدال
الذي هو أدنى بالذي هو خير. وما ظلمونا حين لم يشكروا لله, ولم يقوموا بما أوجب الله
عليهم, ولكن كانوا أنفسهم يظلمون; إذ فوَّتوا عليها كل خير, وعرَّضوها للشر والنقمة.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

وَإِذْ قِيلَ لَهُمْ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً
نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161)

واذكر -أيها الرسول- عصيان بني إسرائيل لربهم سبحانه وتعالى ولنبيهم موسى عليه السلام,
وتبديلهم القول الذي أمروا أن يقولوه حين قال الله لهم: اسكنوا قرية "بيت المقدس",
وكلوا من ثمارها وحبوبها ونباتها أين شئتم ومتى شئتم, وقولوا: حُطَّ عنا ذنوبنا, وادخلوا
الباب خاضعين لله, نغفر لكم خطاياكم, فلا نؤاخذكم عليها, وسنزيد المحسنين مِن خَيْرَيِ
الدنيا والآخرة.

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا
يَظْلِمُونَ (162)

فغيَّر الذين كفروا بالله منهم ما أمرهم الله به من القول, ودخلوا الباب يزحفون على
أستاههم, وقالوا: حبة في شعرة, فأرسلنا عليهم عذابًا من السماء, أهلكناهم به; بسبب
ظلمهم وعصيانهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ
سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163)

واسأل -أيها الرسول- هؤلاء اليهود عن خبر أهل القرية التي كانت بقرب البحر, إذ يعتدي
أهلها في يوم السبت على حرمات الله, حيث أمرهم أن يعظموا يوم السبت ولا يصيدوا فيه
سمكًا, فابتلاهم الله وامتحنهم; فكانت حيتانهم تأتيهم يوم السبت كثيرة طافية على وجه
البحر, وإذا ذهب يوم السبت تذهب الحيتان في البحر, ولا يرون منها شيئًا, فكانوا يحتالون
على حبسها في يوم السبت في حفائر, ويصطادونها بعده. وكما وصفنا لكم من الاختبار
والابتلاء, لإظهار السمك على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده فيه, وإخفائه
عليهم في اليوم المحلل لهم فيه صيده, كذلك نختبرهم بسبب فسقهم عن طاعة الله
وخروجهم عنها.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2eb82244ec.png

وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى
رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)

واذكر -أيها الرسول- إذ قالت جماعة منهم لجماعة أخرى كانت تعظ المعتدين في يوم
السبت, وتنهاهم عن معصية الله فيه: لِمَ تعظون قومًا الله مهلكهم في الدنيا بمعصيتهم
إياه أو معذبهم عذابا شديدًا في الآخرة؟ قال الذين كانوا ينهَوْنهم عن معصية الله:
نَعِظهم وننهاهم لِنُعْذَر فيهم, ونؤدي فرض الله علينا في الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر, ورجاء أن يتقوا الله, فيخافوه, ويتوبوا من معصيتهم ربهم وتعذِّيهم على ما حرَّم
عليهم.

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ
بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)

فلما تركت الطائفة التي اعتدت في يوم السبت ما ذُكِّرت به, واستمرت على غيِّها واعتدائها
فيه, ولم تستجب لما وَعَظَتْها به الطائفة الواعظة, أنجى الله الذين ينهون عن معصيته,
وأخذ الذين اعتدَوْا في يوم السبت بعذاب أليم شديد; بسبب مخالفتهم أمر الله وخروجهم
عن طاعته.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)
فلما تمردت تلك الطائفة, وتجاوزت ما نهاها الله عنه من عدم الصيد في يوم السبت,
قال لهم الله: كونوا قردة خاسئين مبعدين من كل خير, فكانوا كذلك.

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ
الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)

واذكر -أيها الرسول- إذ علم ذلك إعلامًا صريحًا ليبعثن على اليهود مَن يذيقهم سوء
العذاب والإذلال إلى يوم القيامة. إن ربك -أيها الرسول- لسريع العقاب لِمَن استحقه
بسبب كفره ومعصيته, وإنه لغفور عن ذنوب التائبين, رحيم بهم.

وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمْ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)

وفرَّقنا بني إسرائيل في الأرض جماعات, منهم القائمون بحقوق الله وحقوق عباده, ومنهم
المقصِّرون الظالمون لأنفسهم, واختبرنا هؤلاء بالرخاء في العيش والسَّعَة في الرزق,
واختبرناهم أيضًا بالشدة في العيش والمصائب والرزايا; رجاء أن يرجعوا إلى طاعة
ربهم ويتوبوا من معاصيه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَيَقُولُونَ
سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا
عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169)

فجاء من بعد هؤلاء الذين وصفناهم بَدَلُ سوء أخذوا الكتاب من أسلافهم, فقرءوه وعلموه,
وخالفوا حكمه, يأخذون ما يعرض لهم من متاع الدنيا من دنيء المكاسب كالرشوة وغيرها;
وذلك لشدة حرصهم ونَهَمهم, ويقولون مع ذلك: إن الله سيغفر لنا ذنوبنا تمنيًا على الله
الأباطيل, وإن يأت هؤلاء اليهودَ متاعٌ زائلٌ من أنواع الحرام يأخذوه ويستحلوه, مصرِّين
على ذنوبهم وتناولهم الحرام, ألَمْ يؤخذ على هؤلاء العهود بإقامة التوراة والعمل بما فيها,
وألا يقولوا على الله إلا الحق وألا يكذبوا عليه, وعلموا ما في الكتاب فضيعوه, وتركوا
العمل به, وخالفوا عهد الله إليهم في ذلك؟ والدار الآخرة خير للذين يتقون الله, فيمتثلون
أوامره, ويجتنبون نواهيه, أفلا يعقل هؤلاء الذين يأخذون دنيء المكاسب أن ما عند الله
خير وأبقى للمتقين؟

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...d3b671e583.png

وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)
والذين يتمسَّكون بالكتاب, ويعملون بما فيه من العقائد والأحكام, ويحافظون على الصلاة
بحدودها, ولا يضيعون أوقاتها, فإن الله يثيبهم على أعمالهم الصالحة, ولا يضيعها.

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)

واذكر -أيها الرسول- إذ رفعنا الجبل فوق بني إسرائيل كأنه سحابة تظلهم, وأيقنوا أنه
واقع بهم إن لم يقبلوا أحكام التوراة, وقلنا لهم: خذوا ما آتيناكم بقوة, أي اعملوا بما
أعطيناكم باجتهاد منكم, واذكروا ما في كتابنا من العهود والمواثيق التي أخذناها عليكم
بالعمل بما فيه; كي تتقوا ربكم فتنجوا من عقابه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا
بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)

واذكر -أيها النبي- إذ استخرج ربك أولاد آدم مِن أصلاب آبائهم, وقررهم بتوحيده بما
أودعه في فطرهم من أنه ربهم وخالقهم ومليكهم, فأقروا له بذلك, خشية أن ينكروا
يوم القيامة, فلا يقروا بشيء فيه, ويزعموا أن حجة الله ما قامت عليهم, ولا عندهم علم
بها, بل كانوا عنها غافلين.

أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)
أو لئلا تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبلنا ونقضوا العهد, فاقتدينا بهم من بعدهم, أفتعذبنا
بما فعل الذين أبطلوا أعمالهم بجعلهم مع الله شريكا في العبادة؟

وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)
وكما فَصَّلْنا الآيات, وبيَّنَّا فيها ما فعلناه بالأمم السابقة, كذلك نفصِّل الآيات ونبيِّنها لقومك
أيها الرسول; رجاء أن يرجعوا عن شركهم, وينيبوا إلى ربهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175)
واقصص -أيها الرسول- على أمتك خبر رجل من بني إسرائيل أعطيناه حججنا وأدلتنا,
فتعلَّمها, ثم كفر بها, ونبذها وراء ظهره, فاستحوذ عليه الشيطان, فصار من الضالين
الهالكين; بسبب مخالفته أمر ربه وطاعته الشيطان.

وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ
عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ (176)

ولو شئنا أن نرفع قدره بما آتيناه من الآيات لفعلنا, ولكنه رَكَنَ إلى الدنيا واتبع هواه,
وآثر لَذَّاته وشهواته على الآخرة, وامتنع عن طاعة الله وخالف أمره. فَمَثَلُ هذا الرجل
مثل الكلب, إن تطرده أو تتركه يُخْرج لسانه في الحالين لاهثًا, فكذلك الذي انسلخ من آيات
الله يظل على كفره إن اجتهدْتَ في دعوتك له أو أهملته, هذا الوصف -أيها الرسول-
وصف هؤلاء القوم الذين كانوا ضالين قبل أن تأتيهم بالهدى والرسالة, فاقصص
-أيها الرسول- أخبار الأمم الماضية, ففي إخبارك بذلك أعظم معجزة, لعل قومك يتدبرون
فيما جئتهم به فيؤمنوا لك.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...96a97ed88d.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:30 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...4c42b6c96c.png

سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)
قَبُحَ مثلا مثلُ القوم الذين كذَّبوا بحجج الله وأدلته, فجحدوها, وأنفسهم كانوا يظلمونها; بسبب
تكذيبهم بهذه الحجج والأدلة.

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (178)
من يوفقه الله للإيمان به وطاعته فهو الموفَّق, ومن يخذله فلم يوفقه فهو الخاسر الهالك,
فالهداية والإضلال من الله وحده.

وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا
وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ
هُمْ الْغَافِلُونَ (179)

ولقد خلقنا للنار -التي يعذِّب الله فيها مَن يستحق العذاب في الآخرة - كثيرًا من الجن
والإنس, لهم قلوب لا يعقلون بها, فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا, ولهم أعين
لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته, ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله فيتفكروا فيها,
هؤلاء كالبهائم التي لا تَفْقَهُ ما يقال لها, ولا تفهم ما تبصره, ولا تعقل بقلوبها الخير والشر
فتميز بينهما, بل هم أضل منها; لأن البهائم تبصر منافعها ومضارها وتتبع راعيها,
وهم بخلاف ذلك, أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ (180)

ولله سبحانه وتعالى الأسماء الحسنى, الدالة على كمال عظمته, وكل أسمائه حسن,
فاطلبوا منه بأسمائه ما تريدون, واتركوا الذين يُغيِّرون في أسمائه بالزيادة أو النقصان
أو التحريف, كأن يُسمَّى بها من لا يستحقها, كتسمية المشركين بها آلهتهم, أو أن يجعل
لها معنى لم يُردْه الله ولا رسوله, فسوف يجزون جزاء أعمالهم السيئة التي كانوا يعملونها
في الدنيا من الكفر بالله, والإلحاد في أسمائه وتكذيب رسوله.

وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)
ومن الذين خَلَقْنا جماعة فاضلة يهتدون بالحق ويَدْعون إليه, وبه يقضون وينصفون الناس,
وهم أئمة الهدى ممن أنعم الله عليهم بالإيمان والعمل الصالح.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182)
والذين كذَّبوا بآياتنا, فجحدوها, ولم يتذكروا بها, سنفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش
في الدنيا, استدراجًا لهم حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء, ثم نعاقبهم على
غِرَّة من حيث لا يعلمون. وهذه عقوبة من الله على التكذيب بحجج الله وآياته.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)
وأمهل هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا حتى يظنوا أنهم لا يعاقبون, فيزدادوا كفرًا وطغيانًا, وبذلك
يتضاعف لهم العذاب. إن كيدي متين, أي: قوي شديد لا يُدْفع بقوة ولا بحيلة.

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)
أولم يتفكر هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا فيتدبروا بعقولهم, ويعلموا أنه ليس بمحمد جنون؟
ما هو إلا نذير لهم من عقاب الله على كفرهم به إن لم يؤمنوا, ناصح مبين.

أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ
قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)

أولم ينظر هؤلاء المكذبون بآيات الله في ملك الله العظيم وسلطانه القاهر في السموات
والأرض, وما خلق الله -جلَّ ثناؤه- من شيء فيهما, فيتدبروا ذلك ويعتبروا به, وينظروا
في آجالهم التي عست أن تكون قَرُبَتْ فيهلكوا على كفرهم, ويصيروا إلى عذاب الله
وأليم عقابه؟ فبأي تخويف وتحذير بعد تحذير القرآن يصدقون ويعملون؟
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)
مَن يضلله الله عن طريق الرشاد فلا هادي له, ويتركُهم في كفرهم يتحيرون ويترددون.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...529edad045.png

يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ
ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا
عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187)

يسألك -أيها الرسول- كفار "مكة" عن الساعة متى قيامها؟ قل لهم: عِلْمُ قيامها عند الله
لا يظهرها إلا هو, ثَقُلَ علمها, وخفي على أهل السموات والأرض, فلا يعلم وقت قيامها
ملَك مقرَّب ولا نبي مرسل, لا تجيء الساعة إلا فجأة, يسألك هؤلاء القوم عنها كأنك
حريص على العلم بها, مستقص بالسؤال عنها, قل لهم: إنما علمها عند الله الذي يعلم
غيب السموات والأرض, ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك لا يعلمه إلا الله.

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ
وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)

قل -أيها الرسول-: لا أقدرُ على جَلْبِ خير لنفسي ولا دفع شر يحل بها إلا ما شاء الله,
ولو كنت أعلم الغيب لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تكثِّر لي المصالح والمنافع, ولاتَّقيتُ
ما يكون من الشر قبل أن يقع, ما أنا إلا رسول الله أرسلني إليكم, أخوِّف من عقابه,
وأبشر بثوابه قومًا يصدقون بأني رسول الله, ويعملون بشرعه.

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً
خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (189)

هو الذي خلقكم -أيها الناس- من نفس واحدة, وهي آدم عليه السلام وخَلَق منها زوجها,
وهي حواء; ليأنس بها ويطمئن, فلما جامعها -والمراد جنس الزوجين من ذرية آدم-
حملت ماءً خفيفًا, فقامت به وقعدت وأتمت الحمل, فلما قَرُبت ولادتها وأثقلت دعا الزوجان
ربهما: لئن أعطيتنا بشرًا سويًا صالحًا لنكونن ممن يشكرك على ما وهبت لنا من الولد
الصالح.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)
فلما رزق الله الزوجين ولدًا صالحًا, جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بخلقه
فعبَّداه لغير الله, فتعالى الله وتنزه عن كل شرك.

أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191)
أيشرك هؤلاء المشركون في عبادة الله مخلوقاته, وهي لا تقدر على خَلْق شيء, بل هي
مخلوقة؟

وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192)
ولا تستطيع أن تنصر عابديها أو تدفع عن نفسها سوءًا, فإذا كانت لا تخلق شيئًا, بل
هي مخلوقة, ولا تستطيع أن تدفع المكروه عمن يعبدها, ولا عن نفسها, فكيف تُتَّخذ
مع الله آلهة؟ إنْ هذا إلا أظلم الظلم وأسفه السَّفَه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (193)
وإن ندعوا -أيها المشركون- هذه الأصنام التي عبدتموها من دون الله إلى الهدى, لا تسمع
دعاءكم ولا تتبعكم; يستوي دعاؤكم لها وسكوتكم عنها; لأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تَهدِي
ولا تُهدى.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...157245f0fb.png

إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194)
إن الذين تعبدون من غير الله -أيها المشركون- هم مملوكون لربهم كما أنكم مملوكون
لربكم, فإن كنتم كما تزعمون صادقين في أنها تستحق من العبادة شيئًا فادعوهم فليستجيبوا
لكم, فإن استجابوا لكم وحصَّلوا مطلوبكم, وإلا تبين أنكم كاذبون مفترون على الله أعظم الفرية.

أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ
يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِي فَلا تُنظِرُونِ (195)

ألهذه الآلهة والأصنام أرجل يسعَوْن بها معكم في حوائجكم؟ أم لهم أيدٍ يدفعون بها عنكم
وينصرونكم على من يريد بكم شرًا ومكروهًا؟ أم لهم أعين ينظرون بها فيعرِّفونكم
ما عاينوا وأبصروا مما يغيب عنكم فلا ترونه؟ أم لهم آذان يسمعون بها فيخبرونكم بما
لم تسمعوه؟ فإذا كانت آلهتكم التي تعبدونها ليس فيها شيء من هذه الآلات, فما وجه
عبادتكم إياها, وهي خالية من هذه الأشياء التي بها يتوصل إلى جلب النفع أو دفع الضر؟
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان: ادعوا آلهتكم الذين جعلتموهم لله
شركاء في العبادة, ثم اجتمعوا على إيقاع السوء والمكروه بي, فلا تؤخروني وعجِّلوا بذلك,
فإني لا أبالي بآلهتكم; لاعتمادي على حفظ الله وحده.

إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)
إن وليِّيَ الله, الذي يتولى حفظي ونصري, هو الذي نزَّل عليَّ القرآن بالحق, وهو يتولى
الصالحين مِن عباده, وينصرهم على أعدائهم ولا يخذلهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (197)
والذين تدعون -أنتم أيها المشركون- مِن غير الله من الآلهة لا يستطيعون نصركم, ولا يقدرون
على نصرة أنفسهم.

وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198)
وإن تدعوا -أيها المشركون- آلهتكم إلى الاستقامة والسداد لا يسمعوا دعاءكم, وترى
-أيها الرسول- آلهة هؤلاء المشركين مِن عبدة الأوثان يقابلونك كالناظر إليك وهم
لا يبصرون; لأنهم لا أبصار لهم ولا بصائر.

خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199)
اقْبَلْ -أيها النبي أنت وأمتك- الفضل من أخلاق الناس وأعمالهم, ولا تطلب منهم ما يشق
عليهم حتى لا ينفروا, وأْمر بكل قول حسن وفِعْلٍ جميل, وأعرض عن منازعة السفهاء
ومساواة الجهلة الأغبياء.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)
وإما يصيبنَّك -أيها النبي- من الشيطان غضب أو تُحِس منه بوسوسة وتثبيط عن الخير
أو حث على الشرِّ, فالجأ إلى الله مستعيذًا به, إنه سميع لكل قول, عليم بكل فعل.

إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)
إن الذين اتقوا الله مِن خلقه, فخافوا عقابه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه, إذا أصابهم
عارض من وسوسة الشيطان تذكَّروا ما أوجب الله عليهم من طاعته, والتوبة إليه, فإذا
هم منتهون عن معصية الله على بصيرة, آخذون بأمر الله, عاصون للشيطان.

وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (202)

وإخوان الشياطين, وهم الفجَّار من ضلال الإنس تمدهم الشياطين من الجن في الضلالة
والغَواية, ولا تدَّخر شياطين الجن وُسْعًا في مدِّهم شياطين الإنس في الغيِّ, ولا تدَّخر
شياطين الإنس وُسْعًا في عمل ما توحي به شياطين الجن.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ
رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)


وإذا لم تجئ -أيها الرسول- هؤلاء المشركين بآية قالوا
: هلا أحدَثْتها واختلقتها من عند
نفسك, قل لهم -أيها الرسول- : إن هذا ليس لي, ولا يجوز لي فِعْله; لأن الله إنما أمرني
باتباع ما يوحى إليَّ من عنده, وهو هذا القرآن الذي أتلوه عليكم حججًا وبراهين من ربكم,
وبيانًا يهدي المؤمنين إلى الطريق المستقيم, ورحمة يرحم الله بها عباده المؤمنين.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...3b5a01ba6f.png

وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له أيها الناس وأنصتوا, لتعقلوه رجاء أن يرحمكم الله به.

وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ
مِنْ الْغَافِلِينَ (205)

واذكر -أيها الرسول- ربك في نفسك تخشعًا وتواضعًا لله خائفًا وجل القلب منه، وادعه
متوسطًا بين الجهر والمخافتة في أول النهار وآخره, ولا تكن من الذين يَغْفُلون عن ذكر
الله, ويلهون عنه في سائر أوقاتهم.

إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩(206)
إن الذين عند ربك من الملائكة لا يستكبرون عن عبادة الله, بل ينقادون لأوامره,
ويسبحونه بالليل والنهار, وينزهونه عما لا يليق به, وله وحده لا شريك له يسجدون.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gifhttp://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9619b5abe6.gif


تم بحمدالله تفسير سورة الأعراف

لمسة دفئ 01-24-2011 03:31 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

سورة الأنفال

- مدنية - عدد آياتها 75

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...1683a622a1.png

يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ
وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)

يسألك أصحابك -أيها النبي- عن الغنائم يوم "بدر" كيف تقسمها بينهم؟ قل لهم: إنَّ أمرها
إلى الله ورسوله, فالرسول يتولى قسمتها بأمر ربه, فاتقوا عقاب الله ولا تُقَدموا على
معصيته, واتركوا المنازعة والمخاصمة بسبب هذه الأموال, وأصلحوا الحال بينكم,
والتزموا طاعة الله ورسوله إن كنتم مؤمنين; فإن الإيمان يدعو إلى طاعة الله ورسوله.

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)

إنما المؤمنون بالله حقًا هم الذين إذا ذُكِر الله فزعت قلوبهم, وإذا تليت عليهم آيات القرآن
زادتهم إيمانًا مع إيمانهم, لتدبرهم لمعانيه وعلى الله تعالى يتوكلون, فلا يرجون غيره,
ولا يرهبون سواه.

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3)
الذين يداومون على أداء الصلوات المفروضة في أوقاتها, ومما رزقناهم من الأموال
ينفقون فيما أمرناهم به.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)
هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال هم المؤمنون حقًا ظاهرًا وباطنًا بما أنزل الله عليهم,
لهم منازل عالية عند الله, وعفو عن ذنوبهم, ورزق كريم, وهو الجنة.

كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5)
كما أنكم لما اختلفتم في المغانم فانتزعها الله منكم, وجعلها إلى قَسْمه وقَسْم رسوله
صلى الله عليه وسلم, كذلك أمرك ربك -أيها النبي- بالخروج من "المدينة" للقاء عِيْر
قريش, وذلك بالوحي الذي أتاك به جبريل مع كراهة فريق من المؤمنين للخروج.

يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6)
يجادلك -أيها النبي- فريق من المؤمنين في القتال مِن بعد ما تبيَّن لهم أن ذلك واقع,
كأنهم يساقون إلى الموت, وهم ينظرون إليه عِيانًا.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ
اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)

واذكروا -أيها المجادلون- وَعْدَ الله لكم بالظَّفْر بإحدى الطائفتين: العير وما تحمله مِن
أرزاق, أو النفير, وهو قتال الأعداء والانتصار عليهم, وأنتم تحبون الظَّفْر بالعير دون
القتال, ويريد الله أن يحق الإسلام, ويُعْليه بأمره إياكم بقتال الكفار, ويستأصل الكافرين
بالهلاك.

لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)
ليعزَّ الله الإسلام وأهله, ويذهب الشرك وأهله, ولو كره المشركون ذلك.

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)
اذكروا نعمة الله عليكم يوم "بدر" إذ تطلبون النصر على عدوكم, فاستجاب الله لدعائكم
قائلا إني ممدُّكم بألف من الملائكة من السماء, يتبع بعضهم بعضًا.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...63ab79f8ca.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:32 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...6e96c4aea9.png

وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ (10)

وما جعل الله ذلك الإمداد إلا بشارة لكم بالنصر, ولتسكن به قلوبكم, وتوقنوا بنصر الله
لكم, وما النصر إلا من عند الله, لا بشدة بأسكم وقواكم. إن الله عزيز في ملكه, حكيم
في تدبيره وشرعه.

إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ
رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (11)

إذ يُلْقي الله عليكم النعاس أمانًا منه لكم من خوف عدوكم أن يغلبكم, وينزل عليكم من
السحاب ماء طهورًا, ليطهركم به من الأحداث الظاهرة, ويزيل عنكم في الباطن وساوس
الشيطان وخواطره, وليشدَّ على قلوبكم بالصبر عند القتال, ويثبت به أقدام المؤمنين
بتلبيد الأرض الرملية بالمطر حتى لا تنزلق فيها الأقدام.

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا
الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)

إذ يوحي ربك -أيها النبي- إلى الملائكة الذين أمدَّ الله بهم المسلمين في غزوة "بدر"
أني معكم أُعينكم وأنصركم, فقوُّوا عزائم الذين آمنوا, سألقي في قلوب الذين كفروا
الخوف الشديد والذلة والصَّغَار, فاضربوا -أيها المؤمنون- رؤوس الكفار, واضربوا
منهم كل طرف ومِفْصل.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)
ذلك الذي حدث للكفار من ضَرْب رؤوسهم وأعناقهم وأطرافهم; بسبب مخالفتهم لأمر
الله ورسوله, ومَن يخالف أمر الله ورسوله, فإن الله شديد العقاب له في الدنيا والآخرة.

ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14)
ذلكم العذاب الذي عجَّلته لكم -أيها الكافرون المخالفون لأوامر الله ورسوله في الدنيا-
فذوقوه في الحياة الدنيا, ولكم في الآخرة عذاب النار.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ (15)
يا أيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا قابلتم الذين كفروا في القتال
متقاربين منكم فلا تُوَلُّوهم ظهوركم, فتنهزموا عنهم, ولكن اثبتوا لهم, فإن الله معكم
وناصركم عليهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ
وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)

ومن يُوَلِّهم منكم ظهره وقت الزحف إلا منعطفًا لمكيدة الكفار أو منحازًا إلى جماعة
المسلمين حاضري الحرب حيث كانوا, فقد استحق الغضب من الله, ومقامه جهنم,
وبئس المصير والمنقلب.

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ
بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)

فلم تقتلوا -أيها المؤمنون- المشركين يوم "بدر", ولكن الله قتلهم, حيث أعانكم على ذلك,
وما رميت حين رميت -أيها النبي- ولكن الله رمى, حيث أوصل الرمية التي رميتها إلى
وجوه المشركين; وليختبر المؤمنين بالله ورسوله ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات,
ويعرِّفهم نعمته عليهم, فيشكروا له سبحانه على ذلك. إن الله سميع لدعائكم وأقوالكم
ما أسررتم به وما أعلنتم, عليم بما فيه صلاح عباده.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c89a0ec44e.png

ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18)
هذا الفعل مِن قتل المشركين ورميهم حين انهزموا, والبلاء الحسن بنصر المؤمنين
على أعدائهم, هو من الله للمؤمنين, وأن الله -فيما يُسْتقبل- مُضعِف ومُبطِل مكر
الكافرين حتى يَذِلُّوا وينقادوا للحق أو يهلكوا.

إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ
فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)

إن تطلبوا -أيها الكفار- من الله أن يوقع بأسه وعذابه على المعتدين الظالمين فقد أجاب
الله طلبكم, حين أوقع بكم مِن عقابه ما كان نكالا لكم وعبرة للمتقين, فإن تنتهوا
-أيها الكفار- عن الكفر بالله ورسوله وقتال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فهو خير
لكم في دنياكم وأخراكم, وإن تعودوا إلى الحرب وقتال محمد صلى الله عليه وسلم وقتال
أتباعه المؤمنين نَعُدْ بهزيمتكم كما هُزمتم يوم "بدر", ولن تغني عنكم جماعتكم شيئًا,
كما لم تغن عنكم يوم "بدر" مع كثرة عددكم وعتادكم وقلة عدد المؤمنين وعدتهم,
وأن الله مع المؤمنين بتأييده ونصره.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله أطيعوا الله ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه,
ولا تتركوا طاعة الله وطاعة رسوله, وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم في القرآن من
الحجج والبراهين.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21)
ولا تكونوا أيها المؤمنون في مخالفة الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كالمشركين
والمنافقين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم قالوا: سمعنا بآذاننا, وهم في الحقيقة
لا يتدبرون ما سمعوا, ولا يفكرون فيه.

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22)
إنَّ شر ما دبَّ على الأرض -مِنْ خَلْق الله- عند الله الصمُّ الذين انسدَّت آذانهم عن سماع
الحق فلا يسمعون, البكم الذين خرست ألسنتهم عن النطق به فلا ينطقون, هؤلاء هم
الذين لا يعقلون عن الله أمره ونهيه.

وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)
ولو علم الله في هؤلاء خيرًا لأسمعهم مواعظ القرآن وعبره حتى يعقلوا عن الله عز وجل
حججه وبراهينه, ولكنه علم أنه لا خير فيهم وأنهم لا يؤمنون, ولو أسمعهم
-على الفرض والتقدير- لتولَّوا عن الإيمان قصدًا وعنادًا بعد فهمهم له, وهم معرضون
عنه, لا التفات لهم إلى الحق بوجه من الوجوه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ
بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)

يا أيها الذين صدِّقوا بالله ربًا وبمحمد نبيًا ورسولا استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا
دعاكم لما يحييكم من الحق, ففي الاستجابة إصلاح حياتكم في الدنيا والآخرة, واعلموا
-أيها المؤمنون- أن الله تعالى هو المتصرف في جميع الأشياء, والقادر على أن يحول
بين الإنسان وما يشتهيه قلبه, فهو سبحانه الذي ينبغي أن يستجاب له إذا دعاكم; إذ بيده
ملكوت كل شيء, واعلموا أنكم تُجمعون ليوم لا ريب فيه, فيجازي كلا بما يستحق.

وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)
واحذروا -أيها المؤمنون- اختبارًا ومحنة يُعَمُّ بها المسيء وغيره لا يُخَص بها أهل
المعاعي ولا مَن باشر الذنب, بل تصيب الصالحين معهم إذا قدروا على إنكار الظلم
ولم ينكروه, واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره ونهيه.

وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ
بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)

واذكروا أيها المؤمنون نِعَم الله عليكم إذ أنتم بـ"مكة" قليلو العدد مقهورون, تخافون
أن يأخذكم الكفار بسرعة, فجعل لكم مأوى تأوون إليه وهو "المدينة", وقوَّاكم بنصره
عليهم يوم "بدر", وأطعمكم من الطيبات -التي من جملتها الغنائم-; لكي تشكروا له
على ما رزقكم وأنعم به عليكم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...3345306bfd.png

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تخونوا الله ورسوله بترك ما أوجبه
الله عليكم وفِعْل ما نهاكم عنه, ولا تفرطوا فيما ائتمنكم الله عليه, وأنتم تعلمون أنه
أمانة يجب الوفاء بها.

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)
واعلموا -أيها المؤمنون- أن أموالكم التي استخلفكم الله فيها, وأولادكم الذين وهبهم
الله لكم اختبار من الله وابتلاء لعباده; ليعلم أيشكرونه عليها ويطيعونه فيها, أو ينشغلون
بها عنه؟ واعلموا أن الله عنده خير وثواب عظيم لمن اتقاه وأطاعه.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو
الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إن تتقوا الله بفعل أوامره واجتناب
نواهيه يجعل لكم فصلا بين الحق والباطل, ويَمحُ عنكم ما سلف من ذنوبكم ويسترها
عليكم, فلا يؤاخذكم بها. والله ذو الفضل العظيم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ
خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)

واذكر -أيها الرسول- حين يكيد لك مشركو قومك بـ"مكَّة"; ليحبسوك أو يقتلوك أو ينفوك
من بلدك. ويكيدون لك, وردَّ الله مكرهم عليهم جزاء لهم, ويمكر الله, والله خير الماكرين.

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ
الأَوَّلِينَ (31)

وإذا تتلى على هؤلاء الذين كفروا بالله آيات القرآن العزيز قالوا جهلا منهم وعنادًا للحق:
قد سمعنا هذا من قبل, لو نشاء لقلنا مثل هذا القرآن, ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا
-يا محمد- إلا أكاذيب الأولين.

قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32)

واذكر -أيها الرسول- قول المشركين من قومك داعين الله: إن كان ما جاء به محمد
هو الحق مِن عندك فأمطر علينا حجارة من السماء, أو ائتنا بعذاب شديد موجع.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)
وما كان الله سبحانه وتعالى ليعذِّب هؤلاء المشركين, وأنت -أيها الرسول- بين ظهر
انَيْهم, وما كان الله معذِّبهم, وهم يستغفرون من ذنوبهم.

وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ
إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34)

وكيف لا يستحقُّون عذاب الله, وهم يصدون أولياءه المؤمنين عن الطواف بالكعبة والصلاة
في المسجد الحرام؟ وما كانوا أولياء الله, إنْ أولياء الله إلا الذين يتقونه بأداء فرائضه
واجتناب معاصيه, ولكن أكثر الكفار لا يعلمون; فلذلك ادَّعوا لأنفسهم أمرًا, غيرهم أولى به.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...8008b52504.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:33 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...6c58e98b86.png

وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (35)
وما كان صلاتهم عند المسجد الحرام إلا صفيرًا وتصفيقًا. فذوقوا عذاب القتل والأسر يوم
"بدر" ; بسبب جحودكم وأفعالكم التي لا يُقْدم عليها إلا الكفرة, الجاحدون توحيد ربهم
ورسالة نبيهم.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً
ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)

إن الذين جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله ينفقون أموالهم فيعطونها أمثالهم من
المشركين وأهل الضلال, ليصدوا عن سبيل الله ويمنعوا المؤمنين عن الإيمان بالله
ورسوله, فينفقون أموالهم في ذلك, ثم تكون عاقبة نفقتهم تلك ندامة وحسرة عليهم;
لأن أموالهم تذهب, ولا يظفرون بما يأمُلون مِن إطفاء نور الله والصد عن سبيله, ثم
يهزمهم المؤمنون آخر الأمر. والذين كفروا إلى جهنم يحشرون فيعذبون فيها.

لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي
جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (37)

يحشر الله ويخزي هؤلاء الذين كفروا بربهم, وأنفقوا أموالهم لمنع الناس عن الإيمان
بالله والصد عن سبيله; ليميز الله تعالى الخبيث من الطيب, ويجعل الله المال الحرام
الذي أُنفق للصدِّ عن دين الله بعضه فوق بعض متراكمًا متراكبًا, فيجعله في نار جهنم,
هؤلاء الكفار هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (38)
قل -أيها الرسول- للذين جحدوا وحدانية الله مِن مشركي قومك: إن ينزجروا عن الكفر
وعداوة النبي صلى الله عليه وسلم, ويرجعوا إلى الإيمان بالله وحده وعدم قتال الرسول
والمؤمنين, يغفر الله لهم ما سبق من الذنوب, فالإسلام يجُبُّ ما قبله. وإن يَعُدْ هؤلاء
المشركون لقتالك -أيها الرسول- بعد الوقعة التي أوقعتها بهم يوم "بدر" فقد سبقت
طريقة الأولين, وهي أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم أننا نعاجلهم بالعذاب والعقوبة.

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ (39)

وقاتلوا -أيها المؤمنون- المشركين حتى لا يكون شِرْكٌ وصدٌّ عن سبيل الله; ولا يُعْبَدَ إلا
الله وحده لا شريك له, فيرتفع البلاء عن عباد الله في الأرض, وحتى يكون الدين والطاعة
والعبادة كلها لله خالصة دون غيره, فإن انزجروا عن قتنة المؤمنين وعن الشرك بالله
وصاروا إلى الدين الحق معكم, فإن الله لا يخفى عليه ما يعملون مِن ترك الكفر والدخول
في الإسلام.

وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)
وإن أعرض هؤلاء المشركون عمَّا دعوتموهم إليه -أيها المؤمنون- من الإيمان بالله
ورسوله وترك قتالكم, وأبَوْا إلا الإصرار على الكفر وقتالكم, فأيقِنوا أن الله معينكم
وناصركم عليهم. نِعْمَ المعين والناصر لكم ولأوليائه على أعدائكم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ
الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)

واعلموا -أيها المؤمنون- أن ما ظَفِرتم به مِن عدوكم بالجهاد في سبيل الله فأربعة
أخماسه للمقاتلين الذين حضروا المعركة, والخمس الباقي يجزَّأُ خمسة أقسام:
الأول لله وللرسول, فيجعل في مصالح المسلمين العامة, والثاني لذوي قرابة رسول
الله صلى الله عليه وسلم, وهم بنو هاشم وبنو المطلب, جُعِل لهم الخمس مكان الصدقة
فإنها لا تحلُّ لهم, والثالث لليتامى, والرابع للمساكين, والخامس للمسافر الذي انقطعت
به النفقة, إن كنتم مقرِّين بتوحيد الله مطيعين له, مؤمنين بما أنزل على عبده محمد
صلى الله عليه وسلم من الآيات والمدد والنصر يوم فَرَق بين الحق والباطل بـ"بدر",
يوم التقى جَمْعُ المؤمنين وجَمْعُ المشركين. والله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...dc2c10f3ff.png

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي
الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ
بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)

واذكروا حينما كنتم على جانب الوادي الأقرب إلى "المدينة", وعدوكم نازل بجانب الوادي
الأقصى, وعِير التجارة في مكان أسفل منكم إلى ساحل "البحر الأحمر", ولو حاولتم أن
تضعوا موعدًا لهذا اللقاء لاختلفتم, ولكنَّ الله جمعكم على غير ميعاد; ليقضي أمرًا كان
مفعولا بنصر أوليائه, وخِذْلان أعدائه بالقتل والأسر; وذلك ليهلك من هلك منهم عن حجة
لله ثبتت له فعاينها وقطعت عذره, وليحيا مَن حيَّ عن حجة لله قد ثبتت وظهرت له.
وإن الله لسميع لأقوال الفريقين, لا يخفى عليه شيء, عليم بنيَّاتهم.

إِذْ يُرِيكَهُمْ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ
سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43)

واذكر -أيها النبي- حينما أراك الله قلة عدد عدوك في منامك, فأخبرت المؤمنين بذلك,
فقوِيت قلوبهم, واجترؤوا على حربهم, ولو أراك ربك كثرة عددهم لتردد أصحابك في
ملاقاتهم, وجَبُنتم واختلفتم في أمر القتال, ولكن الله سلَّم من الفشل, ونجَّى من عاقبة ذلك.
إنه عليم بخفايا القلوب وطبائع النفوس.

وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ
اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (44)

واذكر أيضًا حينما برز الأعداء إلى أرض المعركة فرأيتموهم قليلا فاجترأتم عليهم,
وقلَّلكم في أعينهم, ليتركوا الاستعداد لحربكم; ليقضي الله أمرًا كان مفعولا فيتحقق وَعْدُ
الله لكم بالنصر والغلبة, فكانت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى. وإلى الله
مصير الأمور كلها, فيجازي كلا بما يستحق.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0e2dab6fec.gif

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا لقيتم جماعة من أهل الكفر قد
استعدوا لقتالكم, فاثبتوا ولا تنهزموا عنهم, واذكروا الله كثيرًا داعين مبتهلين لإنزال
النصر عليكم والظَّفَر بعدوكم; لكي تفوزوا.

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ (46)

والتزموا طاعة الله وطاعة رسوله في كل أحوالكم, ولا تختلفوا فتتفرق كلمتكم وتختلف
قلوبكم, فتضعفوا وتذهب قوتكم ونصركم, واصبروا عند لقاه العدو. إن الله مع الصابرين
بالعون والنصر والتأييد, ولن يخذلهم.

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ
بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)

ولا تكونوا مثل المشركين الذين خرجوا من بلدهم كبرًا ورياءً; ليمنعوا الناس عن الدخول
في دين الله. والله بما يعملون محيط لا يغيب عنه شيء.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...d533ced2cd.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:34 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...222ca6bc8f.png

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا
تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ
اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)

واذكروا حين حسَّن الشيطان للمشركين ما جاؤوا له وما همُّوا به, وقال لهم:
لن يغلبكم أحد اليوم, فإني ناصركم, فلما تقابل الفريقان: المشركون ومعهم الشيطان,
والمسلمون ومعهم الملائكة, رجع الشيطان مُدْبرًا, وقال للمشركين: إني بريء منكم,
إني أرى ما لا ترون من الملائكة الذين جاؤوا مددًا للمسلمين, إني أخاف الله, فخذلهم وتبرأ
منهم. والله شديد العقاب لمن عصاه ولم يتب توبة نصوحًا.

إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)

واذكروا حين يقول أهل الشرك والنفاق ومرضى القلوب, وهم يرون قلة المسلمين وكثرة
عدوهم: غرَّ هؤلاء المسلمين دينُهم, فأوردهم هذه الموارد, ولم يدرك هؤلاء المنافقون
أنه من يتوكل على الله ويثق بوعده فإن الله لن يخذله, فإن الله عزيز لا يعجزه شيء, حكيم
في تدبيره وصنعه.

وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ
الْحَرِيقِ (50)

ولو تعاين -أيها الرسول- حال قبض الملائكة أرواح الكفار وانتزاعها, وهم يضربون
وجوههم في حال إقبالهم, ويضربون ظهورهم في حال فرارهم, ويقولون لهم: ذوقوا
العذاب المحرق, لرأيت أمرًا عظيمًا، وهذا السياق وإن كان سببه وقعة "بدر" ، ولكنه
عام في حق كلِّ كافر.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51)
ذلك الجزاء الذي أصاب المشركين فبسبب أعمالهم السيئة في حياتهم الدنيا, ولا يظلم
الله أحدًا من خَلْقه مثقال ذرة, بل هو الحَكَمُ العدل الذي لا يجور.

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (52)

إنَّ ما نزل بالمشركين يومئذ سُنَّة الله في عقاب الطغاة من الأمم السابقة من أمثال
فرعون والسابقين له, عندما كذَّبوا رسل الله وجحدوا آياته, فإن الله أنزل بهم عقابه
بسبب ذنوبهم. إن الله قوي لا يُقْهر, شديد العقاب لمن عصاه ولم يتب من ذنبه.

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ (53)

ذلك الجزاء السيِّئ بأن الله إذا أنعم على قوم نعمة لم يسلبها منهم حتى يغيِّروا حالهم
الطيبة إلى حال سيئة, وأن الله سميع لأقوال خلقه, عليم بأحوالهم، فيجري عليهم ما اقتضاه
علمه ومشيئته.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ
وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54)

شأن هؤلاء الكافرين في ذلك كشأن آل فرعون الذين كذبوا موسى, وشأن الذين كذبوا
رسلهم من الأمم السابقة فأهلكهم الله بسبب ذنوبهم, وأغرق آل فرعون في البحر, وكل
منهم كان فاعلا ما لم يكن له فِعْلُه من تكذيبهم رسل الله وجحودهم آياته, وإشراكهم في
العبادة غيره.

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55)
إن شر ما دبَّ على الأرض عند الله الكفار المصرُّون على الكفر, فهم لا يصدقون رسل
الله, ولا يُقرون بوحدانيته, ولا يتبعون شرعه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...127fad096e.png

الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56)
مِن أولئك الأشرار اليهود الذين دخلوا معك في المعاهدات بأن لا يحاربوك ولا يظاهروا
عليك أحدًا, ثم ينقضون عهدهم المرة تلو المرة, وهم لا يخافون الله.

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)
فإن واجهت هؤلاء الناقضين للعهود والمواثيق في المعركة, فأنزِلْ بهم من العذاب
ما يُدْخل الرعب في قلوب الآخرين, ويشتت جموعهم; لعلهم يذّكرون, فلا يجترئون على
مثل الذي أقدم عليه السابقون.

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58)
وإن خفت -أيها الرسول- من قومٍ خيانة ظهرت بوادرها فألق إليهم عهدهم, كي يكون
الطرفان مستويين في العلم بأنه لا عهد بعد اليوم. إن الله لا يحب الخائنين في عهودهم
الناقضين للعهد والميثاق.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59)
ولا يظنن الذين جحدوا آيات الله أنهم فاتوا ونجَوْا, وأن الله لا يقدر عليهم, إنهم لن يُفْلِتوا
من عذاب الله.

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ
مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ
لا تُظْلَمُونَ (60)

وأعدُّوا - يا معشر المسلمين - لمواجهة أعدائكم كل ما تقدرون عليه مِن عدد وعدة,
لتُدْخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائكم المتربصين بكم, وتخيفوا آخرين
لا تظهر لكم عداوتهم الآن, لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه. وما تبذلوا من مال
وغيره في سبيل الله قليلا أو كثيرًا يخلفه الله عليكم في الدنيا, ويدخر لكم ثوابه إلى يوم
القيامة, وأنتم لا تُنْقصون من أجر ذلك شيئًا.

وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)
وإن مالوا إلى ترك الحرب ورغبوا في مسالمتكم فمِلْ إلى ذلك -أيها النبي- وفَوِّضْ أمرك
إلى الله, وثق به. إنه هو السميع لأقوالهم, العليم بنيَّاتهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ
بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)

وإن أراد الذين عاهدوك المكر بك فإن الله سيكفيك خداعهم; إنه هو الذي أنزل عليك
نصره وقوَّاك بالمؤمنين من المهاجرين والأنصار, وجَمَع بين قلوبهم بعد التفرق,
لو أنفقت مال الدنيا على جمع قلوبهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا ولكن الله جمع بينها
على الإيمان فأصبحوا إخوانًا متحابين, إنه عزيز في مُلْكه, حكيم في أمره وتدبيره.

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (64)
يا أيها النبي إن الله كافيك, وكافي الذين معك من المؤمنين شرَّ أعدائكم.


http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0335afb84c.gif

لمسة دفئ 01-24-2011 03:35 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...7a1d24c3d4.png

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ
وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65)

يا أيها النبي حُثَّ المؤمنين بك على القتال, إن يكن منكم عشرون صابرون عند لقاء
العدو يغلبوا مائتين منهم, فإن يكن منكم مائة مجاهدة صابرة يغلبوا ألفًا من الكفار;
لأنهم قوم لا عِلْم ولا فهم عندهم لما أعدَّ الله للمجاهدين في سبيله, فهم يقاتلون من
أجل العلو في الأرض والفساد فيها.

الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ
يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)

الآن خفف الله عنكم أيها المؤمنون لما فيكم من الضعف, فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا
مائتين من الكافرين, وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين منهم بإذن الله تعالى. والله مع
الصابرين بتأييده ونصره.

مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ
الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)

لا ينبغي لنبي أن يكون له أسرى مِن أعدائه حتى يبالغ في القتل; لإدخال الرعب في قلوبهم
ويوطد دعائم الدين, تريدون -يا معشر المسلمين- بأخذكم الفداء من أسرى "بدر" متاع
الدنيا, والله يريد إظهار دينه الذي به تدرك الآخرة. والله عزيز لا يُقْهر, حكيم في شرعه.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)
لولا كتاب من الله سبق به القضاء والقدر بإباحة الغنيمة وفداء الأسرى لهذه الأمة, لنالكم
عذاب عظيم بسبب أخْذكم الغنيمة والفداء قبل أن ينزل بشأنهما تشريع.

فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)
فكلوا من الغنائم وفداء الأسرى فهو حلال طيب, وحافظوا على أحكام دين الله وتشريعاته.
إن الله غفور لعباده, رحيم بهم.

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا
أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70)

يا أيها النبي قل لمن أسرتموهم في "بدر": لا تأسوا على الفداء الذي أخذ منكم, إن يعلم
الله تعالى في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أُخذ منكم من المال بأن يُيَسِّر لكم من فضله
خيرًا كثيرًا -وقد أنجز الله وعده للعباس رضي الله عنه وغيره-, ويغفر لكم ذنوبكم. والله
سبحانه غفور لذنوب عباده إذا تابوا, رحيم بهم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71)
وإن يرد الذين أَطْلَقْتَ صراحهم -أيها النبي- من الأسرى الغدر بك مرة أخرى فلا تَيْئسْ,
فقد خانوا الله من قبل وحاربوك, فنصرك الله عليهم. والله عليم بما تنطوي عليه الصدور,
حكيم في تدبير شؤون عباده.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...7795855709.png

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا
أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى
يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)

إن الذين صدَّقوا الله, ورسوله وعملوا بشرعه, وهاجروا إلى دار الإسلام, أو بلد يتمكنون
فيه من عبادة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله بالمال والنفس, والذين أنزلوا المهاجرين في
دورهم, وواسوهم بأموالهم, ونصروا دين الله, أولئك بعضهم نصراء بعض. أما الذين
آمنوا ولم يهاجروا من دار الكفر فلستم مكلفين بحمايتهم ونصرتهم حتى يهاجروا, وإن
وقع عليهم ظلم من الكفار فطلبوا نصرتكم فاستجيبوا لهم, إلا على قوم بينكم وبينهم عهد
مؤكد لم ينقضوه. والله بصير بأعمالكم, بجزي كلا على قدر نيته وعمله.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)
والذين كفروا بعضهم نصراء بعض, وإن لم تكونوا -أيها المؤمنون- نصراء بعض تكن
في الأرض فتنة للمؤمنين عن دين الله, وفساد عريض بالصد عن سبيل الله وتقوية دعائم
الكفر.

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ
حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)

والذين آمنوا بالله ورسوله, وتركوا ديارهم قاصدين دار الإسلام أو بلدًا يتمكنون فيه من
عبادة ربهم, وجاهدوا لإعلاء كلمة الله, والذين نصروا إخوانهم المهاجرين وآووهم
وواسوهم بالمال والتأييد, أولئك هم المؤمنون الصادقون حقًا, لهم مغفرة لذنوبهم,
ورزق كريم واسع في جنات النعيم.
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...2706af9de6.gif

وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)

والذين آمنوا مِن بعد هؤلاء المهاجرين والأنصار, وهاجروا وجاهدوا معكم في سبيل الله,
فأولئك منكم -أيها المؤمنون- لهم ما لكم وعليهم ما عليكم, وأولو القرابة بعضهم أولى
ببعض في التوارث في حكم الله من عامة المسلمين. إن الله بكل شيء عليم يعلم ما يصلح
عباده مِن توريث بعضهم من بعض في القرابة والنسب دون التوارث بالحِلْف, وغير ذلك
مما كان في أول الإسلام.



http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...0335afb84c.gif


تم بحمد الله تفسير سورة الأنفال

لمسة دفئ 01-24-2011 03:36 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
سورة التوبة

- مدنية - عدد آيتها 129

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...eab68d3213.gif

بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1)
هذه براءة من الله ورسوله, وإعلان بالتخلي عن العهود التي كانت بين المسلمين والمشركين.

فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)
فسيروا -أيها المشركون- في الأرض مدَّة أربعة أشهر, تذهبون حيث شئتم آمنين من
المؤمنين, واعلموا أنكم لن تُفْلِتوا من العقوبة, وأن الله مذل الكافرين ومورثهم العار في
الدنيا, والنار في الآخرة. وهذه الآية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة, أو من له
عهد دون أربعة أشهر, فيكمَّل له أربعة أشهر، أو مَن كان له عهد فنقضه.

وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ
فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)

وإعلام من الله ورسوله وإنذار إلى الناس يوم النحر أن الله بريء من المشركين,
ورسوله بريء منهم كذلك. فإن رجعتم -أيها المشركون- إلى الحق وتركتم شرككم
فهو خير لكم, وإن أعرضتم عن قَبول الحق وأبيتم الدخول في دين الله فاعلموا أنكم
لن تُفْلِتوا من عذاب الله. وأنذر -أيها الرسول- هؤلاء المعرضين عن الإسلام عذاب الله
الموجع.

إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا
إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)

ويُستثنى من الحكم السابق المشركون الذين دخلوا معكم في عهد محدد بمدة, ولم يخونوا
العهد, ولم يعاونوا عليكم أحدا من الأعداء, فأكملوا لهم عهدهم إلى نهايته المحدودة.
إن الله يحب المتقين الذين أدَّوا ما أمروا به, واتقوا الشرك والخيانة, وغير ذلك من
المعاصي.

فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا
لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (5)

فإذا انقضت الأشهر الأربعة التي أمَّنتم فيها المشركين, فأعلنوا الحرب على أعداء الله
حيث كانوا, واقصدوهم بالحصار في معاقلهم, وترصدوا لهم في طرقهم, فإن رجعوا عن
كفرهم ودخلوا الإسلام والتزموا شرائعه من إقام الصلاة وإخراج الزكاة, فاتركوهم, فقد
أصبحوا إخوانكم في الإسلام, إن الله غفور لمن تاب وأناب, رحيم بهم.

وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6)

وإذا طلب أحد من المشركين الذين استبيحت دماؤهم وأموالهم الدخول في جوارك
-أيها الرسول- ورغب في الأمان, فأجبه إلى طلبه حتى يسمع القرآن الكريم ويطَّلع على
هدايته, ثم أَعِدْه من حيث أتى آمنًا; وذلك لإقامة الحجة عليه; ذلك بسبب أن الكفار
قوم جاهلون بحقائق الإسلام, فربما اختاروه إذا زال الجهل عنهم.

كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7)

لا ينبغي أن يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله, إلا الذين عاهدتم عند المسجد
الحرام في صلح (الحديبية) فما أقاموا على الوفاء بعهدكم فأقيموا لهم على مثل ذلك.
إن الله يحب المتقين الموفِّين بعهودهم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...82319c2bf5.gif

كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ
وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8)

إن شأن المشركين أن يلتزموا بالعهود ما دامت الغلبة لغيرهم, أما إذا شعروا بالقوة
على المؤمنين فإنهم لا يراعون القرابة ولا العهد, فلا يغرنكم منهم ما يعاملونكم به وقت
الخوف منكم, فإنهم يقولون لكم كلامًا بألسنتهم; لترضوا عنهم, ولكن قلوبهم تأبى ذلك,
وأكثرهم متمردون على الإسلام ناقضون للعهد.

اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9)
استبدلوا بآيات الله عرض الدنيا التافه, فأعرضوا عن الحق ومنعوا الراغبين في الإسلام
عن الدخول فيه, لقد قَبُح فعلهم, وساء صنيعهم.

لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ (10)
إن هؤلاء المشركين حرب على الإيمان وأهله, فلا يقيمون وزنًا لقرابة المؤمن ولا لعهده,
وشأنهم العدوان والظلم.

فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)
فإن أقلعوا عن عبادة غير الله, ونطقوا بكلمة التوحيد, والتزموا شرائع الإسلام من إقام
الصلاة وإيتاء الزكاة, فإنهم إخوانكم في الإسلام. ونبين الآيات, ونوضحها لقوم ينتفعون بها.

وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ
لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)

وإنْ نَقَضَ هؤلاء المشركون العهود التي أبرمتموها معهم, وأظهروا الطعن في دين
الإسلام, فقاتلوهم فإنهم رؤساء الضلال, لا عهد لهم ولا ذمة, حتى ينتهوا عن كفرهم
وعداوتهم للإسلام.

أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ
فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (13)

لا تترددوا في قتال هؤلاء القوم الذين نقضوا عهودهم, وعملوا على إخراج الرسول
من (مكة), وهم الذين بدؤوا بإيذائكم أول الأمر, أتخافونهم أو تخافون ملاقاتهم في
الحرب؟ فالله أحق أن تخافوه إن كنتم مؤمنين حقًا.


لمسة دفئ 01-24-2011 03:37 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...357627b1dc.gif

قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)
وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)

يا معشر المؤمنين قاتلوا أعداء الله يعذبهم عز وجل بأيديكم, ويذلهم بالهزيمة والخزي,
وينصركم عليهم, ويُعْلِ كلمته, ويشف بهزيمتهم صدوركم التي طالما لحق بها الحزن
والغم من كيد هؤلاء المشركين, ويُذْهِب عن قلوب المؤمنين الغيظ. ومن تاب من هؤلاء
المعاندين فإن الله يتوب على من يشاء. والله عليم بصدق توبة التائب, حكيم في تدبيره
وصنعه ووَضْع تشريعاته لعباده.

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ
وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)

مِن سنة الله الابتلاء, فلا تظنوا يا معشر المؤمنين أن يترككم الله دون اختبار; ليعلم الله
علمًا ظاهرًا للخلق الذين أخلصوا في جهادهم, ولم يتخذوا غير الله ورسوله والمؤمنين
بطانة وأولياء. والله خبير بجميع أعمالكم ومجازيكم بها.

مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ
وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17)

ليس من شأن المشركين إعمار بيوت الله, وهم يعلنون كفرهم بالله ويجعلون له شركاء.
هؤلاء المشركون بطلت أعمالهم يوم القيامة, ومصيرهم الخلود في النار.

إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ
فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (18)

لا يعتني ببيوت الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر, ويقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة, ولا يخافون في الله لومة لائم, هؤلاء العُمَّار هم المهتدون إلى الحق.

أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19)

أجعلتم -أيها القوم- ما تقومون به من سقي الحجيج وعِمارة المسجد الحرام كإيمان من
آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ لا تتساوى حال المؤمنين وحال الكافرين
عند الله, لأن الله لا يقبل عملا بغير الإيمان. والله سبحانه لا يوفق لأعمال الخير القوم
الظالمين لأنفسهم بالكفر.

الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ
هُمْ الْفَائِزُونَ (20)

الذين آمنوا بالله وتركوا دار الكفر قاصدين دار الإسلام, وبذلوا أموالهم وأنفسهم في الجهاد
لإعلاء كلمة الله, هؤلاء أعظم درجه عند الله, وأولئك هم الفائزون برضوانه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...129c18fe57.gif

يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21)
إن هؤلاء المؤمنين المهاجرين لهم البشرى من ربهم بالرحمة الواسعة والرضوان الذي
لا سخط بعده, ومصيرهم إلى جنات الخلد والنعيم الدائم.

خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)
ماكثين في تلك الجنان لا نهاية لإقامتهم وتنعمهم, وذلك ثواب ما قدَّموه من الطاعات
والعمل الصالح في حياتهم الدنيا. إن الله تعالى عنده أجر عظيم لمن آمن وعمل صالحا
بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (23)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تتخذوا أقرباءكم -من الآباء والإخوان
وغيرهم
- أولياء, تفشون إليهم أسرار المسلمين, وتستشيرونهم في أموركم, ما داموا
على الكفر معادين للإسلام. ومن يتخذهم أولياء ويُلْقِ إليهم المودة فقد عصى الله تعالى,
وظلم نفسه ظلمًا عظيمًا.

قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ
تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا
حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)

قل -يا أيها الرسول- للمؤمنين: إن فَضَّلتم الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات
والأموال التي جمعتموها والتجارة التي تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التي
أقمتم فيها, إن فَضَّلتم ذلك على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب الله
ونكاله بكم. والله لا يوفق الخارجين عن طاعته.

لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ
عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)

لقد أنزل الله نَصْرَه عليكم في مواقع كثيرة عندما أخذتم بالأسباب وتوكلتم على الله.
ويوم غزوة (حنين) قلتم: لن نُغْلَبَ اليوم من قلة, فغرَّتكم الكثرة فلم تنفعكم, وظهر
عليكم العدو فلم تجدوا ملجأً في الأرض الواسعة ففررتم منهزمين.

ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)

ثم أنزل الله الطمأنينة على رسوله وعلى المؤمنين فثبتوا, وأمدَّهم بجنود من الملائكة لم
يروها, فنصرهم على عدوهم, وعذَّب الذين كفروا. وتلك عقوبة الله للصادِّين عن دينه,
المكذِّبين لرسوله.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...45c52a974f.gif

ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)
ومن رجع عن كفره بعد ذلك ودخل الإسلام فإن الله يقبل توبة مَن يشاء منهم, فيغفر ذنبه.
والله غفور رحيم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ
خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)

يا معشر المؤمنين إنما المشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم
بعد هذا العام التاسع من الهجرة, وإن خفتم فقرًا لانقطاع غارتهم عنكم, فإن الله
سيعوضكم عنها, ويكفيكم من فضله إن شاء, إن الله عليم بحالكم, حكيم في تدبير شؤونكم.

قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ
دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)

أيها المسلمون قاتلوا الكفار الذين لا يؤمنون بالله, ولا يؤمنون بالبعث والجزاء,
ولا يجتنبون ما نهى الله عنه ورسوله, ولا يلتزمون أحكام شريعة الإسلام من اليهود
والنصارى, حتى يدفعوا الجزية التي تفرضونها عليهم بأيديهم خاضعين أذلاء.

وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ
قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)

لقد أشرك اليهود بالله عندما زعموا أن عزيرًا ابن الله. وأشرك النصارى بالله عندما ادَّعوا
أن المسيح ابن الله. وهذا القول اختلقوه من عند أنفسهم, وهم بذلك لا يشابهون قول
المشركين من قبلهم. قَاتَلَ الله المشركين جميعًا كيف يعدلون عن الحق إلى الباطل؟

اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا
إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)

اتخذ اليهودُ والنصارى العلماءَ والعُبَّادَ أربابًا يُشَرِّعون لهم الأحكام, فيلتزمون بها ويتركون
شرائع الله, واتخذوا المسيح عيسى ابن مريم إلهًا فعبدوه, وقد أمرهم الله بعبادته وحده دون
غيره، فهو الإله الحق لا إله إلا هو. تنزَّه وتقدَّس عما يفتريه أهل الشرك والضلال.



[/CENTER]

لمسة دفئ 01-24-2011 03:40 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9cbead8a64.gif

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)
يريد الكفار بتكذيبهم أن يبطلوا دين الإسلام, ويبطلوا حجج الله وبراهينه على توحيده الذي
جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, ويأبى الله إلا أن يتم دينه ويظهره, ويعلي كلمته,
ولو كره ذلك الجاحدون.

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)
هو الذي أرسل رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالقرآن ودين الإسلام; ليعليه على
الأديان كلها, ولو كره المشركون دين الحق -الإسلام- وظهوره على الأديان.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ
أَلِيمٍ (34)

يا أيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إن كثيرًا من علماء أهل الكتاب
وعُبَّادهم ليأخذون أموال الناس بغير حق كالرشوة وغيرها, ويمنعون الناس من الدخول
في الإسلام, ويصدون عن سبيل الله. والذين يمسكون الأموال, ولا يؤدون زكاتها,
ولا يُخْرجون منها الحقوق الواجبة, فبشِّرهم بعذاب موجع.

يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ
لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)

يوم القيامة توضع قطع الذهب والفضة في النار, فإذا اشتدت حرارتها أُحرقت بها جباه
أصحابها وجنوبهم وظهورهم. وقيل لهم توبيخًا: هذا مالكم الذي أمسكتموه ومنعتم منه
حقوق الله, فذوقوا العذاب الموجع; بسبب كنزكم وإمساككم.

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا
أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)

إنّ عدة الشهور في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرًا, يوم خلق
السموات والأرض, منها أربعة حُرُم; حرَّم الله فيهنَّ القتال (هي: ذو القعدة وذو الحجة
والمحرم ورجب
) ذلك هو الدين المستقيم, فلا تظلموا فيهن أنفسكم; لزيادة تحريمها,
وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها, لا أنَّ الظلم في غيرها جائز. وقاتلوا المشركين جميعًا
كما يقاتلونكم جميعًا, واعلموا أن الله مع أهل التقوى بتأييده ونصره.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...8e22e0391c.gif

إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ
عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)

إن الذي كانت تفعله العرب في الجاهلية من تحريم أربعة أشهر من السنة عددًا لا تحديدًا
بأسماء الأشهر التي حرَّمها الله, فيؤخرون بعضها أو يقدِّمونه ويجعلون مكانه من أشهر
الحل ما أرادوا حسب حاجتهم للقتال, إن ذلك زيادة في الكفر, يضل الشيطان به الذين كفروا,
يحلون الذي أخروا تحريمه من الأشهر الأربعة عامًا, ويحرمونه عاما; ليوافقوا عدد
الشهور الأربعة, فيحلوا ما حرَّم الله منها. زَيَّن لهم الشيطان الأعمال السيئة.
والله لا يوفق القوم الكافرين إلى الحق والصواب.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ
بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38)

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ما بالكم إذا قيل لكم: اخرجوا إلى الجهاد
في سبيل الله لقتال أعدائكم تكاسلتم ولزمتم مساكنكم؟ هل آثرتم حظوظكم الدنيوية على
نعيم الآخرة؟ فما تستمتعون به في الدنيا قليل زائل, أما نعيم الآخرة الذي أعده الله للمؤمنين
المجاهدين فكثير دائم.

إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ (39)

إن لا تنفروا أيها المؤمنون إلى قتال عدوكم ينزلِ الله عقوبته بكم, ويأت بقوم آخرين
ينفرون إذ ا استُنْفروا, ويطيعون الله ورسوله, ولن تضروا الله شيئًا بتولِّيكم عن الجهاد,
فهو الغني عنكم وأنتم الفقراء إليه. وما يريده الله يكون لا محالة. والله على كل شيء
قدير من نصر دينه ونبيه دونكم.

إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ
لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ
الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)

يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنفروا معه أيها المؤمنون إذا
استَنْفَركم, وإن لا تنصروه; فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من قريش من بلده
(مكة), وهو ثاني اثنين (هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما إلى نقب في
جبل ثور "بمكة"، فمكثا فيه ثلاث ليال, إذ يقول لصاحبه (أبي بكر) لما رأى منه الخوف
عليه:
لا تحزن إن الله معنا بنصره وتأييده, فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله ..
صلى الله عليه وسلم, وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر وهم الملائكة, فأنجاه الله
من عدوه وأذل الله أعداءه, وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا,,
ذلك بإعلاء شأن الإسلام. والله عزيز في ملكه, حكيم في تدبير شؤون عباده.
وفي هذه الآية منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...905df175f2.gif

انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ
تَعْلَمُونَ (41)

اخرجوا -أيها المؤمنون- للجهاد في سبيل الله شبابًا وشيوخًا في العسر واليسر, على
أي حال كنتم, وأنفقوا أموالكم في سبيل الله, وقاتلوا بأيديكم لإعلاء كلمة الله, ذلك
الخروج والبذل خير لكم في حالكم ومآلكم فافعلوا ذلك وانفروا واستجيبوا لله ورسوله.

لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوْ
اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)

وبَّخ الله جلَّ جلاله جماعة من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في
التخلف عن غزوة (تبوك) مبينًا أنه لو كان خروجهم إلى غنيمة قريبة سهلة المنال
لاتبعوك, ولكن لما دعوا إلى قتال الروم في أطراف بلاد (الشام) في وقت الحر تخاذلوا,
وتخلفوا, وسيعتذرون لتخلفهم عن الخروج حالفين بأنهم لا يستطيعون ذلك, يهلكون
أنفسهم بالكذب والنفاق, والله يعلم إنهم لكاذبون فيما يبدون لك من الأعذار.

عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)
عفا الله عنك -أيها النبي- عمَّا وقع منك مِن تَرْك الأولى والأكمل, وهو إذنك للمنافقين
في القعود عن الجهاد, لأي سبب أَذِنْتَ لهؤلاء بالتخلف عن الغزوة, حتى يظهر لك الذين
صدقوا في اعتذارهم وتعلم الكاذبين منهم في ذلك؟

لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
بِالْمُتَّقِينَ (44)

ليس من شأن المؤمنين بالله ورسوله واليوم الآخر أن يستأذنوك -أيها النبي- في التخلف
عن الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال, وإنما هذا من شأن المنافقين. والله عليم بمن
خافه فاتقاه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه.

إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ
يَتَرَدَّدُونَ (45)

إنما يطلب الإذن للتخلف عن الجهاد الذين لا يصدِّقون بالله ولا باليوم الآخر, ولا يعملون
صالحًا, وشكَّتْ قلوبهم في صحة ما جئت به -أيها النبي- من الإسلام وشرائعه, فهم في
شكهم يتحيَّرون.

وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ
الْقَاعِدِينَ (46)

ولو أراد المنافقون الخروج معك -أيها النبي- إلى الجهاد لتأهَّبوا له بالزاد والراحلة,
ولكن الله كره خروجهم فثَقُلَ عليهم الخروج قضاء وقدرًا, وإن كان أمرهم به شرعا,
وقيل لهم: تخلفوا مع القاعدين من المرضى والضعفاء والنساء والصبيان.

لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ
لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)

لو خرج المنافقون معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب في الصفوف والشر
والفساد, ولأسرعوا السير بينكم بالنميمة والبغضاء, يبغون فتنتكم بتثبيطكم عن الجهاد
في سبيل الله, وفيكم -أيها المؤمنون- عيون لهم يسمعون أخباركم, وينقلونها إليهم.
والله عليم بهؤلاء المنافقين الظالمين, وسيجازيهم على ذلك.



لمسة دفئ 01-24-2011 03:40 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...c8f0c38b43.gif

لَقَدْ ابْتَغَوْا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ
كَارِهُونَ (48)

لقد ابتغى المنافقون فتنة المؤمنين عن دينهم وصدهم عن سبيل الله من قبل غزوة (تبوك),
وكشف أمرهم, وصرَّفوا لك -أيها النبي- الأمور في إبطال ما جئت به, كما فعلوا يوم
(أحد) ويوم (الخندق), ودبَّروا لك الكيد حتى جاء النصر من عند الله, وأعز جنده ونصر
دينه, وهم كارهون له.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49)
ومِن هؤلاء المنافقين من يطلب الإذن للقعود عن الجهاد ويقول: لا توقعْني في الابتلاء بما
يعرض لي في حالة الخروج من فتنة النساء. لقد سقط هؤلاء المنافقون في فتنة النفاق
الكبرى. فإن جهنم لمحيطة بالكافرين بالله واليوم الآخر, فلا يُفْلِت منهم أحد.

إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ
فَرِحُونَ (50)

إن يصبك -أيها النبي- سرور وغنيمة يحزن المنافقون, وإن يلحق بك مكروه من هزيمة
أو شدة يقولوا: نحن أصحاب رأي وتدبير قد احتطنا لأنفسنا بتخلفنا عن محمد, وينصرفوا
وهم مسرورون بما صنعوا وبما أصابك من السوء.

قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51)
قل -أيها النبي- لهؤلاء المتخاذلين زجرًا لهم وتوبيخًا: لن يصيبنا إلا ما قدَّره الله علينا
وكتبه في اللوح المحفوظ, هو ناصرنا على أعدائنا, وعلى الله, وحده فليعتمد المؤمنون به.

قُلْ هَلْ تَتَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ
أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)

قل لهم -أيها النبي-: هل تنتظرون بنا إلا شهادة أو ظفرًا بكم؟ ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم
الله بعقوبة مِن عنده عاجلة تهلككم أو بأيدينا فنقتلكم, فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله
فاعل بكل فريق منا ومنكم.

قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53)
قل -أيها النبي- للمنافقين: أنفقوا أموالكم كيف شئتم, وعلى أي حال شئتم طائعين أو
كارهين, لن يقبل الله منكم نفقاتكم; لأنكم قوم خارجون عن دين الله وطاعته.

وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ
كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (54)

وسبب عدم قَبول نفقاتهم أنهم أضمروا الكفر بالله عز وجل وتكذيب رسوله محمد ...
صلى الله عليه وسلم, ولا يأتون الصلاة إلا وهم متثاقلون, ولا ينفقون الأموال إلا وهم
كارهون, فهم لا يرجون ثواب هذه الفرائض, ولا يخشون على تركها عقابًا بسبب كفرهم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...00a46a850f.gif

فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ
وَهُمْ كَافِرُونَ (55)

فلا تعجبك -أيها النبي- أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم, إنما يريد الله أن يعذبهم بها
في الحياة الدنيا بالتعب في تحصيلها وبالمصائب التي تقع فيها, حيث لا يحتسبون ذلك
عند الله, وتخرج أنفسهم, فيموتوا على كفرهم بالله ورسوله.

وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56)
ويحلف هؤلاء المنافقون بالله لكم أيها المؤمنون كذبًا وباطلا إنهم لمنكم, وليسوا منكم,
ولكنهم قوم يخافون فيحلفون تَقِيَّة لكم.

لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)
لو يجد هؤلاء المنافقون مأمنًا وحصنًا يحفظهم, أو كهفًا في جبل يؤويهم, أو نفقًا في
الأرض ينجيهم منكم, لانصرفوا إليه وهم يسرعون.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ
يَسْخَطُونَ (58)

ومن المنافقين مَن يعيبك في قسمة الصدقات, فإن نالهم نصيب منها رضوا وسكتوا,
وإن لم يصبهم حظ منها سخطوا عليك وعابوك.

وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ
إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59)

ولو أن هؤلاء الذين يعيبونك في قسمة الصدقات رضوا بما قسم الله ورسوله لهم, وقالوا:
حسبنا الله, سيؤتينا الله من فضله, ويعطينا رسوله مما آتاه الله, إنا نرغب أن يوسع الله
علينا, فيغنينا عن الصدقة وعن صدقات الناس. لو فعلوا ذلك لكان خيرًا لهم وأجدى.

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ
وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)

إنما تعطى الزكوات الواجبة للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا, وللمساكين الذين
لا يملكون كفايتهم, وللسعاة الذين يجمعونها, وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى
إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين, أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين,
وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين, وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين, ولمن
أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا, وللغزاة في سبيل الله, وللمسافر
الذي انقطعت به النفقة, هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح
عباده, حكيم في تدبيره وشرعه.

وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ
وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)

ومن المنافقين قوم يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلام, ويقولون:
إنه يستمع لكل ما يقال له فيصدقه, قل لهم -أيها النبي-: إن محمدًا هو أذن تستمع لكل
خير, يؤمن بالله ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه, وهو رحمة لمن اتبعه واهتدى بهداه.
والذين يؤذون رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بأي نوع من أنواع الإيذاء, لهم
عذاب مؤلم موجع.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...72d6d09c62.gif

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62)
يحلف المنافقون الأيمان الكاذبة, ويقدمون الأعذار الملفقة; ليُرضُوا المؤمنين, والله
ورسوله أحق وأولى أن يُرضُوهما بالإيمان بهما وطاعتهما, إن كانوا مؤمنين حقًا.

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)
ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن مصير الذين يحاربون الله ورسوله نارُ جهنم لهم العذاب
الدائم فيها؟ ذلك المصبر هو الهوان والذل العظيم, ومن المحاربة أذِيَّة رسول الله ...
صلى الله عليه وسلم بسبه والقدح فيه, عياذًا بالله من ذلك.

يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ
مَا تَحْذَرُونَ (64)

يخاف المنافقون أن تنزل في شأنهم سورة تخبرهم بما يضمرونه في قلوبهم من الكفر,
قل لهم -أيها النبي-: استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية, إن الله
مخرج حقيقة ما تحذرون.

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65)
ولئن سألتهم -أيها النبي- عما قالوا من القَدْح في حقك وحق أصحابك لَيَقولُنَّ:
إنما كنا نتحدث بكلام لا قصد لنا به, قل لهم -أيها النبي-: أبالله عز وجل وآياته ورسوله
كنتم تستهزئون؟

لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا
مُجْرِمِينَ (66)

لا تعتذروا -معشر المنافقين- فلا جدوى مِن اعتذاركم, قد كفرتم بهذا المقال الذي
استهزأتم به, إن نعف عن جماعة منكم طلبت العفو وأخلصت في توبتها, نعذب جماعة
أخرى بسبب إجرامهم بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة.

الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ
أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67)

المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر, يأمرون بالكفر
بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة, ويمسكون أيديهم عن النفقة في
سبيل الله, نسوا الله فلا يذكرونه, فنسيهم من رحمته, فلم يوفقهم إلى خير.
إن المنافقين هم الخارجون عن الإيمان بالله ورسوله.

وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمْ اللَّهُ وَلَهُمْ
عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)

وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار بأن مصيرهم إلى نار جهنم خالدين فيها أبدًا, هي
كافيتهم; عقابًا على كفرهم بالله, وطردهم الله مِن رحمته, ولهم عذاب دائم.



لمسة دفئ 01-24-2011 03:42 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...68776be089.gif

كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ
بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (69)

إن أفعالكم -معشر المنافقين- من الاستهزاء والكفر كأفعال الأمم السابقة التي كانت
على جانب من القوة والمال والأولاد أشد منكم, فاطْمَأنوا إلى الحياة الدنيا, وتَمتَّعوا بما
فيها من الحظوظ والملذات, فاستمعتم أيها المنافقون بنصيبكم من الشهوات الفانية
كاستمتاع الذين من قبلكم بحظوظهم الفانية, وخضتم بالكذب على الله كخوض تلك الأمم
قبلكم, أولئك الموصوفون بهذه الأخلاق هم الذين ذهبت حسناتهم في الدنيا والآخرة,
وأولئك هم الخاسرون ببيعهم نعيم الآخرة بحظوظهم من الدنيا.

أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ
أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70)

ألم يأت هؤلاء المنافقين خبرُ الذين مضوا مِن قوم نوح وقبيلة عاد وقبيلة ثمود وقوم
إبراهيم وأصحاب (مدين) وقوم لوط عندما جاءهم المرسلون بالوحي وبآيات الله فكذَّبوهم؟
فأنزل الله بهؤلاء جميعًا عذابه; انتقامًا منهم لسوء عملهم, فما كان الله ليظلمهم, ولكن
كانوا هم الظالمين لأنفسهم بالتكذيب والمخالفة.

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)

والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض, يأمرون الناس بالإيمان
والعمل الصالح, وينهونهم عن الكفر والمعاصي, ويؤدون الصلاة, ويعطون الزكاة,
ويطيعون الله ورسوله, وينتهون عما نُهوا عنه, أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه
ويدخلهم جنته. إن الله عزيز في ملكه, حكيم في تشريعاته وأحكامه.

وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً
فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)

وعد الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجري من تحتها الأنهار ماكثين فيها
أبدًا, لا يزول عنهم نعيمها, ومساكن حسنة البناء طيبة القرار في جنات إقامة, ورضوان
من الله أكبر وأعظم مما هم فيه من النعيم. ذلك الوعد بثواب الآخرة هو الفلاح العظيم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...b6d70d8f84.gif

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)
يا أيها النبي جاهد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان والحجة, واشدد على كلا الفريقين,
ومقرُّهم جهنم, وبئس المصير مصيرهم.

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا
وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا
يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74)

يحلف المنافقون بالله أنهم ما قالوا شيئًا يسيء إلى الرسول وإلى المسلمين, إنهم
لكاذبون; فلقد قالوا كلمة الكفر وارتدوا بها عن الإسلام وحاولوا الإضرار برسول الله
محمد صلى الله عليه وسلم, فلم يمكنهم الله من ذلك, وما وجد المنافقون شيئًا يعيبونه,
وينتقدونه, إلا أن الله -تعالى- تفضل عليهم, فأغناهم بما فتح على نبيه ...
صلى الله عليه وسلم من الخير والبركة, فإن يرجع هؤلاء الكفار إلى الإيمان والتوبة
فهو خير لهم, وإن يعرضوا, أو يستمروا على حالهم, يعذبهم الله العذاب الموجع في الدنيا
على أيدي المؤمنين, وفي الآخرة بنار جهنم, وليس لهم منقذ ينقذهم ولا ناصر يدفع عنهم
سوء العذاب.

وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75)
ومن فقراء المنافقين مَن يقطع العهد على نفسه: لئن أعطاه الله المال ليصدَّقنَّ منه,
وليعمَلنَّ ما يعمل الصالحون في أموالهم, وليسيرَنَّ في طريق الصلاح.

فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76)
فلما أعطاهم الله من فضله بخلوا بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال في الخير, وتولَّوا وهم
معرضون عن الإسلام.

فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)
فكان جزاء صنيعهم وعاقبتهم أَنْ زادهم نفاقًا على نفاقهم, لا يستطيعون التخلص منه إلى
يوم الحساب; وذلك بسبب إخلافهم الوعد الذي قطعوه على أنفسهم, وبسبب نفاقهم وكذبهم.

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78)
ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن الله يعلم ما يخفونه في أنفسهم وما يتحدثون به في مجالسهم
من الكيد والمكر, وأن الله علام الغيوب؟ فسيجازيهم على أعمالهم التي أحصاها عليهم.

الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ
مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)

ومع بخل المنافغين لا يَسْلَم المتصدقون من أذاهم; فإذا تصدق الأغنياء بالمال الكثير
عابوهم واتهموهم بالرياء, وإذا تصدق الفقراء بما في طاقتهم استهزؤوا بهم, وقالوا
سخرية منهم: ماذا تجدي صدقتهم هذه؟ سخر الله من هؤلاء المنافقين, ولهم عذاب
مؤلم موجع.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...9bf425e1cf.gif

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80)

استغفر -أيها الرسول- للمنافقين أو لا تستغفر لهم, فلن يغفر الله لهم, مهما كثر
استغفارك لهم وتكرر; لأنهم كفروا بالله ورسوله. والله سبحانه وتعالى لا يوفق للهدى
الخارجين عن طاعته.

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81)

فرح المخلفون الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعودهم في (المدينة)
مخالفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وكرهوا أن يجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم
في سبيل الله, وقال بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحرِّ, وكانت غزوة (تبوك) في وقت
شدة الحرِّ. قل لهم -أيها الرسول-: نار جهنم أشد حرًا, لو كانوا يعلمون ذلك.

فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)
فليضحك هؤلاء المنافقون الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة (تبوك) قليلا في حياتهم
الدنيا الفانية, وليبكوا كثيرًا في نار جهنم; جزاءً بما كانوا يكسبون في الدنيا من النفاق
والكفر.

فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا
مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83)

فإنْ رَدَّك الله -أيها الرسول- مِن غزوتك إلى جماعة من المنافقين الثابتين على النفاق,
فاستأذنوك للخروج معك إلى غزوة أخرى بعد غزوة (تبوك) فقل لهم: لن تخرجوا معي
أبدًا في غزوة من الغزوات, ولن تقاتلوا معي عدوًا من الأعداء; إنكم رضيتم بالقعود
أول مرة, فاقعدوا مع الذين تخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا
وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)

ولا تصلِّ -أيها الرسول- أبدًا على أحد مات من المنافقين, ولا تقم على قبره لتدعو له;
لأنهم كفروا بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وماتوا وهم فاسقون. وهذا حكم
عام في كل من عُلِمَ نفاقه.

وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ
وَهُمْ كَافِرُونَ (85)

ولا تعجبك -أيها الرسول- أموال هؤلاء المنافقين وأولادهم, إنما يريد الله أن يعذبهم بها
في الدنيا بمكابدتهم الشدائد في شأنها, وبموتهم على كفرهم بالله ورسوله.

وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا
ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86)

وإذا أنزلت سورة على محمد صلى الله عليه ولم تأمر بالإيمان بالله والإخلاص له والجهاد
مع رسول الله, طلب الإذن منك -أيها الرسول- أولو اليسار من المنافقين, وقالوا:
اتركنا مع القاعدين العاجزين عن الخروج.


لمسة دفئ 01-24-2011 03:55 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...7369629c0f.gif

رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87)
رضي هؤلاء المنافقون لأنفسهم بالعار, وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان
وأصحاب الأعذار, وختم الله على قلوبهم; بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله, فهم لا يفقهون ما فيه صلاحهم
ورشادهم.

لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ
هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88)

إنْ تخلَّف هؤلاء المنافقون عن الغزو, فقد جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون
معه بأموالهم وأنفسهم, وأولئك لهم النصر والغنيمة في الدنيا, والجنة والكرامة في
الآخرة, وأولئك هم الفائزون.

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)
أعدَّ الله لهم يوم القيامة جنات تجري مِن تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا. وذلك
هو الفلاح العظيم.

وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90)

وجاء جماعة من أحياء العرب حول (المدينة) يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم,
ويبينون له ما هم فيه من الضعف وعدم القدرة على الخروج للغزو, وقعد قوم بغير عذر
أظهروه جرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. سيصيب الذين كفروا من هؤلاء عذاب
أليم في الدنيا بالقتل وغيره, وفي الآخرة بالنار.

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا
لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)

ليس على أهل الأعذار مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يملكون من المال
ما يتجهزون به للخروج إثم في القعود إذا أخلصوا لله ورسوله, وعملوا بشرعه, ما على
مَن أحسن ممن منعه العذر عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو ناصح
لله ولرسوله من طريق يعاقب مِن قِبَلِه ويؤاخذ عليه. والله غفور للمحسنين, رحيم بهم.

وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ
مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92)

وكذلك لا إثم على الذين إذا ما جاؤوك يطلبون أن تعينهم بحملهم إلى الجهاد قلت لهم:
لا أجد ما أحملكم عليه من الدوابِّ, فانصرفوا عنك, وقد فاضت أعينهم دَمعًا أسفًا على
ما فاتهم من شرف الجهاد وثوابه; لأنهم لم يجدوا ما ينفقون, وما يحملهم لو خرجوا
للجهاد في سبيل الله.

إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ
اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (93)

إنما الإثم واللوم على الأغنياء الذين جاءوك -أيها الرسول- يطلبون الإذن بالتخلف,
وهم المنافقون الأغنياء اختاروا لأنفسهم القعود مع النساء وأهل الأعذار, وختم الله
على قلوبهم بالنفاق, فلا يدخلها إيمان, فهم لا يعلمون سوء عاقبتهم بتخلفهم عنك
وتركهم الجهاد معك.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...110c9d683e.gif

يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ
وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ (94)

يعتذر إليكم -أيها المؤمنون- هؤلاء المتخلفون عن جهاد المشركين بالأكاذيب عندما
تعودون مِن جهادكم من غزوة (تبوك), قل لهم -أيها الرسول-: لا تعتذروا لن نصدقكم
فيما تقولون, قد نبأنا الله من أمركم ما حقق لدينا كذبكم, وسيرى الله عملكم ورسوله,
إن كنتم تتوبون من نفاقكم, أو تقيمون عليه, وسيُظهر للناس أعمالكم في الدنيا, ثم
ترجعون بعد مماتكم إلى الذي لا تخفى عليه بواطن أموركم وظواهرها, فيخبركم بأعمالكم
كلها, ويجازيكم عليها.

سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95)

سيحلف لكم المنافقون بالله -كاذبين معتذرين- إذا رجعتم إليهم من الغزو; لتتركوهم دون
مساءلة, فاجتنبوهم وأعرضوا عنهم احتقارًا لهم, إنهم خبثاء البواطن, ومكانهم الذي
يأوون إليه في الآخرة نار جهنم; جزاء بما كانوا يكسبون من الآثام والخطايا.

يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنْ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)
يحلف لكم -أيها المؤمنون- هؤلاء المنافقون كذبًا; لتَرضَوا عنهم, فإن رضيتم عنهم -
لأنكم لا تعلمون كذبهم
- فإن الله لا يرضى عن هؤلاء وغيرهم ممن استمروا على
الفسوق والخروج عن طاعة الله ورسوله.

الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97)

الأعراب سكان البادية أشد كفرًا ونفاقًا من أهل الحاضرة, وذلك لجفائهم وقسوة قلوبهم
وبُعدهم عن العلم والعلماء, ومجالس الوعظ والذكر, فهم لذلك أحق بأن لا يعلموا حدود
الدين, وما أنزل الله من الشرائع والأحكام. والله عليم بحال هؤلاء جميعًا, حكيم في تدبيره
لأمور عباده.

وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمْ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98)

ومن الأعراب مَن يحتسب ما ينفق في سبيل الله غرامة وخسارة لا يرجو له ثوابًا,
ولا يدفع عن نفسه عقابًا, وينتظر بكم الحوادث والآفات, ولكن السوء دائر عليهم
لا بالمسلمين. والله سميع لما يقولون عليم بنياتهم الفاسدة.

وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ
أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99)

ومن الأعراب مَن يؤمن بالله ويقرُّ بوحدانيته وبالبعث بعد الموت, والثواب والعقاب,
ويحتسب ما ينفق من نفقة في جهاد المشركين قاصدًا بها رضا الله ومحبته, ويجعلها
وسيلة إلى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له, ألا إن هذه الأعمال تقربهم إلى الله
تعالى, سيدخلهم الله في جنته. إن الله غفور لما فعلوا من السيئات, رحيم بهم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a4dfa41464.gif

وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ (100)

والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم
وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام, والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه
وسلم على أعدائه الكفار, والذين اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا
لمرضاة الله سبحانه وتعالى, أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله, ورضوا
عنه لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم وإيمانهم, وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار
خالدين فيها أبدًا, ذلك هو الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم-
وتعديل لهم, وثناء عليهم; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ
نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)

ومن القوم الذين حول (المدينة) أعراب منافقون, ومن أهل (المدينة) منافقون أقاموا على
النفاق, وازدادوا فيه طغيانًا, بحيث يخفى عليك -أيها الرسول- أمرهم, نحن نعلمهم,
سنعذبهم مرتين: بالقتل والسبي والفضيحة في الدنيا, وبعذاب القبر بعد الموت, ثم يُرَدُّون
يوم القيامة إلى عذاب عظيم في نار جهنم.

وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)

وآخرون من أهل (المدينة) وممن حولها, اعترفوا بذنوبهم وندموا عليها وتابوا منها,
خلطوا العمل الصالح -وهو التوبة والندم والاعتراف بالذنب وغير ذلك من الأعمال
الصالحة
- بآخر سيِّئ- وهو التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من
الأعمال السيئة
-عسى الله أن يوفقهم للتوبة ويقبلها منهم. إن الله غفور لعباده,
رحيم بهم.

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)

خذ -أيها النبي- من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا صدقة
تطهرهم مِن دنس ذنوبهم, وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المخلصين, وادع
لهم بالمغفرة لذنوبهم واستغفر لهم منها, إن دعاءك واستغفارك رحمة وطمأنينة لهم.
والله سميع لكل دعاء وقول, عليم بأحوال العباد ونياتهم, وسيجازي كلَّ عامل بعمله.

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ (104)

ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد وغيرهم أن الله وحده هو الذي يقبل توبة عباده,
ويأخذ الصدقات ويثيب عليها, وأن الله هو التواب لعباده إذا رجعوا إلى طاعته, الرحيم
بهم إذا أنابوا إلى رضاه؟

وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)

وقل -أيها النبي- لهؤلاء المتخلِّفين عن الجهاد: اعملوا لله بما يرضيه من طاعته،
وأداء فرائضه، واجتناب المعاصي, فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون, وسيتبين
أمركم, وسترجعون يوم القيامة إلى مَن يعلم سركم وجهركم, فيخبركم بما كنتم تعملون.
وفي هذا تهديد ووعيد لمن استمر على باطله وطغيانه.

وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)
ومن هؤلاء المتخلفين عنكم -أيها المؤمنون- في غزوة (تبوك) آخرون مؤخرون; ليقضي
الله فيهم ما هو قاض. وهؤلاء هم الذين ندموا على ما فعلوا, وهم: مُرارة بن الربيع,
وكعب بن مالك, وهلال بن أُميَّة, إما يعذبهم الله, وإما يعفو عنهم. والله عليم بمن يستحق
العقوبة أو العفو, حكيم في كل أقواله وأفعاله.



لمسة دفئ 01-24-2011 03:57 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 
http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...5178fbadd6.gif

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)

والمنافقون الذين بنوا مسجدًا; مضارة للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين, ليصلي
فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذي يصلي فيه المسلمون, فيختلف المسلمون ويتفرقوا
بسبب ذلك, وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق-
ليكون مكانًا للكيد للمسلمين, وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير
والرفق بالمسلمين والتوسعة على الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد (قباء),
والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه. وقد هُدِم المسجد وأُحرِق.

لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ
أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)

لا تقم -أيها النبي- للصلاة في ذلك المسجد أبدًا; فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من
أول يوم -وهو مسجد (قباء)- أولى أن تقوم فيه للصلاة, ففي هذا المسجد رجال يحبون
أن يتطهروا بالماء من النجاسات والأقذار, كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب
والمعاصي. والله يحب المتطهرين. وإذا كان مسجد (قباء) قد أُسِّسَ على التقوى من أول
يوم, فمسجد رسول الله, صلى الله عليه وسلم, كذلك بطريق الأولى والأحرى.

أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ
هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)

لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله وطاعته ومرضاته, ومن أسَّس بنيانه على طرف
حفرة متداعية للسقوط, فبنى مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين, فأدَّى به ذلك
إلى السقوط في نار جهنم. والله لا يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده.

لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)
لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم,
إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو موتهم, أو بندمهم غاية الندم, وتوبتهم إلى ربهم,
وخوفهم منه غاية الخوف. والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا
في بنائهم, حكيم في تدبير أمور خلقه.

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ
اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)

إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم في مقابل ذلك الجنة, وما أعد الله فيها من
النعيم لبذلهم نفوسهم وأموالهم في جهاد أعدائه لإعلاء كلمته وإظهار دينه, فيَقْتلون
ويُقتَلون, وعدًا عليه حقًا في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام, والإنجيل
المنزل على عيسى عليه السلام, والقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا أحد أوفى بعهده من الله لمن وفَّى بما عاهد الله عليه, فأظهِروا السرور
-أيها المؤمنون- ببيعكم الذي بايعتم الله به, وبما وعدكم به من الجنة والرضوان,
وذلك البيع هو الفلاح العظيم.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...d2af4e8de4.gif

التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ
عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (112)

ومن صفات هؤلاء المؤمنين الذين لهم البشارة بدخول الجنة أنهم التائبون الراجعون
عما كرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه, الذين أخلصوا العبادة لله وحده وجدوا في طاعته,
الذين يحمدون الله على كل ما امتحنهم به من خير أو شر, الصائمون, الراكعون في
صلاتهم, الساجدون فيها, الذين يأمرون الناس بكل ما أمر الله ورسوله به, وينهونهم
عن كل ما نهى الله عنه ورسوله, المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه,
القائمون على طاعته, الواقفون عند حدوده. وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنين
المتصفين بهذه الصفات برضوان الله وجنته.

مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)

ما كان ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا أن يدعوا بالمغفرة
للمشركين, ولو كانوا ذوي قرابة لهم مِن بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان,
وتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم لموتهم على الشرك, والله لا يغفر للمشركين, كما قال
تعالى: (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) وكما قال سبحانه:
(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ).

وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ
مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)

وما كان استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه المشرك, إلا عن موعدة وعدها إياه, وهي قوله: "سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" . فلما تبيَّن لإبراهيم أن أباه عدو لله ولم
ينفع فيه الوعظ والتذكير, وأنه سيموت كافرًا, تركه وترك الاستغفار له, وتبرأ منه.
إن إبراهيم عليه السلام عظيم التضرع لله, كثير الصفح عما يصدر مِن قومه من الزلات.

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (115)

وما كان الله ليضلَّ قومًا بعد أن مَنَّ عليهم بالهداية والتوفيق حتى يبيِّن لهم ما يتقونه به,
وما يحتاجون إليه في أصول الدين وفروعه. إن الله بكل شيء عليم, فقد علَّمكم ما لم
تكونوا تعلمون, وبيَّن لكم ما به تنتفعون, وأقام الحجة عليكم بإبلاغكم رسالته.

إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ
وَلا نَصِيرٍ (116)

إن لله مالك السموات والأرض وما فيهن لا شريك له في الخلق والتدبير والعبادة
والتشريع, يحيي مَن يشاء ويميت مَن يشاء, وما لكم مِن أحد غير الله يتولى أموركم,
ولا نصير ينصركم على عدوكم.

لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا
كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)

لقد وفَّق الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإنابة إليه وطاعته, وتاب الله على
المهاجرين الذين هجروا ديارهم وعشيرتهم إلى دار الإسلام, وتاب على أنصار رسول
الله صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا معه لقتال الأعداء في غزوة (تبوك) في حرٍّ شديد,
وضيق من الزاد والظَّهْر, لقد تاب الله عليهم من بعد ما كاد يَميل قلوب بعضهم عن الحق,
فيميلون إلى الدَّعة والسكون, لكن الله ثبتهم وقوَّاهم وتاب عليهم, إنه بهم رؤوف رحيم.
ومن رحمته بهم أنْ مَنَّ عليهم بالتوبة, وقَبِلَها منهم, وثبَّتهم عليها.

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...a9c66dfb6f.gif

وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ
أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ (118)

وكذلك تاب الله على الثلاثة الذين خُلِّفوا من الأنصار -وهم كعب بن مالك وهلال بن أُميَّة
ومُرَارة بن الربيع
- تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحزنوا حزنًا شديدًا,
حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بسَعَتها غمًّا وندمًا بسبب تخلفهم, وضاقت عليهم أنفسهم
لِمَا أصابهم من الهم, وأيقنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه, وفَّقهم الله سبحانه وتعالى
إلى الطاعة والرجوع إلى ما يرضيه سبحانه. إن الله هو التواب على عباده, الرحيم بهم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، امتثلوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه في
كل ما تفعلون وتتركون, وكونوا مع الصادقين في أَيمانهم وعهودهم, وفي كل شأن
من شؤونهم.

مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا
بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ
إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)

ما كان ينبغي لأهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن حولهم من سكان البادية
أن يتخلَّفوا في أهلهم ودورهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا يرضوا لأنفسهم
بالراحة والرسول صلى الله عليه وسلم في تعب ومشقة; ذلك بأنهم لا يصيبهم في
سفرهم وجهادهم عطش ولا تعب ولا مجاعة في سبيل الله, ولا يطؤون أرضًا يُغضِبُ
الكفارَ وطؤهم إياها, ولا يصيبون مِن عدو الله وعدوهم قتلا أو هزيمةً إلا كُتِب لهم بذلك
كله ثواب عمل صالح. إن الله لا يضيع أجر المحسنين.

وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121)

ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة في سبيل الله, ولا يقطعون واديًا في سيرهم مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في جهاده, إلا كُتِب لهم أجر عملهم; ليجزيهم الله أحسن
ما يُجْزَون به على أعمالهم الصالحة.

وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)

وما كان ينبغي للمؤمنين أن يخرجوا جميعًا لقتال عدوِّهم, كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا
جميعًا, فهلا خرج من كل فرقة جماعة تحصل بهم الكفاية والمقصود; وذلك ليتفقه
النافرون في دين الله وما أنزل على رسوله, وينذروا قومهم بما تعلموه عند رجوعهم
إليهم, لعلهم يحذرون عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.



لمسة دفئ 01-24-2011 03:59 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 

http://www.al-amakn.net/up/uploads/i...50bd112a05.gif

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ابدؤوا بقتال الأقرب فالأقرب إلى دار
الإسلام من الكفار, وليجد الكفار فيكم غِلْظة وشدة, واعلموا أن الله مع المتقين بتأييده
ونصره.


وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً
وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)
وإذا ما أنزل الله سورة من سور القرآن على رسوله, فمِن هؤلاء المنافقين من يقول:
-إنكارًا واستهزاءً- أيُّكم زادته هذه السورة تصديقًا بالله وآياته؟ فأما الذين آمنوا بالله
ورسوله فزادهم نزول السورة إيمانًا بالعلم بها وتدبرها واعتقادها والعمل بها, وهم
يفرحون بما أعطاهم الله من الإيمان واليقين.

وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125)
وأما الذين في قلوبهم نفاق وشك في دين الله, فإن نزول السورة يزيدهم نفاقًا وشكًا إلى
ما هم عليه من قبلُ من النفاق والشك, وهلك هؤلاء وهم جاحدون بالله وآياته.

أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126)
أولا يرى المنافقون أن الله يبتليهم بالقحط والشدة, وبإظهار ما يبطنون من النفاق مرة
أو مرتين في كل عام؟ ثم هم مع ذلك لا يتوبون مِن كفرهم ونفاقهم, ولا هم يتعظون
ولا يتذكرون بما يعاينون من آيات الله.

وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ
قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127)
وإذا ما أُنزلت سورة تغَامَزَ المنافقون بالعيون إنكارًا لنزولها وسخرية وغيظًا; لِمَا نزل
فيها مِن ذِكْر عيوبهم وأفعالهم, ثم يقولون: هل يراكم من أحد إن قمتم من عند الرسول؟
فإن لم يرهم أحد قاموا وانصرفوا من عنده عليه الصلاة والسلام مخافة الفضيحة.
صرف الله قلوبهم عن الإيمان; بسبب أنهم لا يفهمون ولا يتدبرون.

لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ (128)
لقد جاءكم أيها المؤمنون رسول من قومكم, يشق عليه ما تلقون من المكروه والعنت,
حريص على إيمانكم وصلاح شأنكم, وهو بالمؤمنين كثير الرأفة والرحمة.

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)
فإن أعرض المشركون والمنافقون عن الإيمان بك -أيها الرسول- فقل لهم: حسبي الله,
يكفيني جميع ما أهمَّني, لا معبود بحق إلا هو, عليه اعتمدت, وإليه فَوَّضْتُ جميع أموري;
فإنه ناصري ومعيني, وهو رب العرش العظيم, الذي هو أعظم المخلوقات.


تم بحمدالله تفسير سورة التوبة



لمسة دفئ 01-24-2011 04:00 PM

رد: ۩.. تفسير القرآن الكريم كاملاً ..۩
 


سورة يونس

- مكية - عدد آياتها 109

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281152248.png

الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)
(الر) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.

هذه آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبيَّنه لعباده.

أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ
صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)

أكان أمرًا عجبًا للناس إنزالنا الوحي بالقرآن على رجل منهم ينذرهم عقاب الله, ويبشِّر
الذين آمنوا بالله ورسله أن لهم أجرًا حسنًا بما قدَّموا من صالح الأعمال؟ فلما أتاهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي الله وتلاه عليهم, قال المنكرون: إنَّ محمدًا ساحر,
وما جاء به سحر ظاهر البطلان.
إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ
مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3)

إن ربكم الله الذي أوجد السموات والأرض في ستة أيام, ثم استوى -أي علا وارتفع-
على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته, يدبر أمور خلقه, لا يضادُّه في قضائه أحد,
ولا يشفع عنده شافع يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن له بالشفاعة, فاعبدوا الله ربكم
المتصف بهذه الصفات, وأخلصوا له العبادة. أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج؟
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)

إلى ربكم معادكم يوم القيامة جميعًا, وهذا وعد الله الحق, هو الذي يبدأ إيجاد الخلق ثم
يعيده بعد الموت, فيوجده حيًا كهيئته الأولى, ليجزي مَن صَدَّق الله ورسوله, وعمل
الأعمال الحسنة أحسن الجزاء بالعدل. والذين جحدوا وحدانية الله ورسالة رسوله لهم
شراب من ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه ويقطِّع الأمعاء, ولهم عذاب موجع بسبب
كفرهم وضلالهم.
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ
مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)

الله هو الذي جعل الشمس ضياء, وجعل القمر نورًا, وقدَّر القمر منازل, فبالشمس تعرف
الأيام, وبالقمر تعرف الشهور والأعوام, ما خلق الله تعالى الشمس والقمر إلا لحكمة
عظيمة, ودلالة على كمال قدرة الله وعلمه, يبيِّن الحجج والأدلة لقوم يعلمون الحكمة
في إبداع الخلق.
إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)
إن في تعاقب الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض من عجائب الخلق وما
فيهما من إبداع ونظام, لأدلة وحججًا واضحة لقوم يخشون عقاب الله وسخطه وعذابه.

http://www.al-amakn.net/vb/uploaded/...1281152386.png

إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا
غَافِلُونَ (7)

إن الذين لا يطمعون في لقائنا في الآخرة للحساب, وما يتلوه من الجزاء على الأعمال
لإنكارهم البعث, ورضوا بالحياة الدنيا عوضًا عن الآخرة, وركنوا إليها, والذين هم
عن آياتنا الكونية والشرعية ساهون.
أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)
أولئك مقرُّهم نار جهنم في الآخرة; جزاء بما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ فِي
جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)

إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات يدلهم ربهم إلى طريق الجنة ويوفقهم
إلى العمل الموصل إليه؛ بسبب إيمانهم ، ثم يثيبهم بدخول الجنة وإحلال رضوانه عليهم,
تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم.
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (10)

دعاؤهم في الجنة التسبيح (سبحانك اللهم)، وتحية الله وملائكته لهم, وتحية بعضهم
بعضًا في الجنة (سلام)، وآخر دعائهم قولهم: "الحمد لله رب العالمين" أي: الشكر
والثناء لله خالق المخلوقات ومربِّيها بنعمه.
وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ
لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)

ولو يعجِّل الله للناس إجابة دعائهم في الشر كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة لهلكوا,
فنترك الذين لا يخافون عقابنا, ولا يوقنون بالبعث والنشور في تمرُّدهم وعتوِّهم,
يترددون حائرين.
وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ
يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)

وإذا أصاب الإنسانَ الشدةُ استغاث بنا في كشف ذلك عنه مضطجعًا لجنبه أو قاعدًا
أو قائمًا, على حسب الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرِّ به. فلما كشفنا عنه
الشدة التي أصابته استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر, ونسي ما كان فيه
من الشدة والبلاء, وترك الشكر لربه الذي فرَّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء, كما
زُيِّن لهذا الإنسان استمراره على جحوده وعناده بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر,
زُيِّن للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه ما كانوا يعملون من معاصي الله
والشرك به.
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ
نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)

ولقد أهلكنا الأمم التي كذَّبت رسل الله من قبلكم -أيها المشركون بربهم- لـمَّا أشركوا,
وجاءتهم رسلهم من عند الله بالمعجزات الواضحات والحجج التي تبين صدق مَن جاء بها,
فلم تكن هذه الأمم التي أهلكناها لتصدق رسلها وتنقاد لها, فاستحقوا الهلاك, ومثل ذلك
الإهلاك نجزي كل مجرم متجاوز حدود الله.
ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)
ثم جعلناكم -أيها الناس- خَلَفًا في الأرض من بعد القرون الـمُهْلَكة, لننظر كيف تعملون:
أخيرًا أم شرًا, فنجازيكم بذلك حسب عملكم.







Loading...

Preview on Feedage: %D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%82%D8%A8%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A8%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D8%AB%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D9%86%D9%8A-%D8%B4%D9%87%D8%B1 Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

جميع ما يطرح في المنتدى من مواضيع وردود لا يعبر عن رأي إدارة الموقع بل عن رأي كاتبها

Security team

SEO 1.0 BY: ! Ala7laAm4.com ! © 2010
تطوير وارشفة الاحلام ديزاين