( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله ... )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ { وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } الشورى40-43 ذكر الله في هذه الآية، مراتب العقوبات، وأنها على ثلاث مراتب : عدل وفضل وظلم . فمرتبة العدل، جزاء السيئة بسيئة مثلها، لا زيادة ولا نقص، فالنفس بالنفس، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها، والمال يضمن بمثله . ومرتبة الفضل : العفو والإصلاح عن المسيء ، ولهذا قال : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } يجزيه أجــرا عظيما ، وثوابا كثيـرا ، وشرط الله في العفو الإصلاح فيه، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورا به . وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به ، فكمــا يحــب أن يعفو الله عنـه ، فليعف عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل . وأما مرتبة الظلم فقد ذكرها بقوله: { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } الذين يجنون على غيرهم ابتداء ، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته ، فالزيادة ظلم . { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } أي : انتصر ممن ظلمه بعد وقوع الظلم عليه { فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ } أي : لا حرج عليهم في ذلك . ودل قوله: { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ } وقوله: { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } أنه لا بد من إصابة البغي والظلم ووقوعه . وأمــا إرادة البغي علـى الغير ، وإرادة ظلمه مــن غيــر أن يقع منه شيء ، فهذا لا يجازى بمثله ، وإنما يؤدب تأديبا يردعه عن قـــول أو فعل صدر منه . { إِنَّمَا السَّبِيلُ } أي : إنمـــا تتوجـه الحجة بالعقوبة الشرعية { عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } وهـــذا شامل للظلم والبغي على الناس، في دمائهم وأموالهم وأعراضهم { أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي : موجع للقلوب والأبدان، بحسب ظلمهم وبغيهم. {وَلَمَن صَبَرَ} على ما يناله من أذى الخلق { وَغَفَرَ } لهم، بأن سمح لهم عما يصدر منهم، { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } أي : لمن الأمور التــي حــث الله عليهـــا وأكدها ، وأخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة، ومن الأمور التي لا يوفق لها إلا أولو العزائم والهمم، وذوو الألباب والبصائر . فإن ترك الانتصار للنفس بالقول أو الفعل ، من أشق شيء عليها ، والصبر على الأذى، والصفح عنه، ومغفرته ، ومقابلته بالإحسان ، أشق وأشق ، ولكنــه يسير على من يسره الله عليه ، وجاهد نفسه على الاتصاف به، واستعان الله على ذلك، ثم إذا ذاق العبد حلاوته، ووجد آثاره، تلقاه برحب الصدر، وسعة الخلق، والتلذذ فيه. الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ( ص760 ) للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
جزيتي خير الجزاء لاحرمك الأجر
دمتي بخير |
وإياك يارب
جزاك الله خير وبارك الله فيك |
Loading...
|