بما أنني من تبنى فكرة أيراد قصة أوتجربة من مناحي الحياة وطرحها هنا بالديوانية .. سأورد لكم قصة طريفة ومغامرة عجيبه حدثت معي وصديق لي في زمن مضى تكبدنا فيها معاناة لاتنسى .. لكن رغم ماحدث تظل عالقة بالذكرة وتجربة جميلة تعلمت منها عدم التهور والاقدام على أمر دون تخطيط مسبق ودراية بعواقبه .
في يوم من الايام وفي نشوة الشباب وحب المغامرة والاطلاع على مظاهر الحياة .. كان ذاك أول أهدافي لإحرر النفس من قيدها لتسبح في هذا الفضاء الواسع دون قيد أوشرط هكذا قيمت نفسي دون مقدمات.. كنت أحب الاطلاع على كل شيء والتجربة أكبر برهان دون تردد .. لا أعرف حينها مايترتب على ذلك لصغر سني ولم تكن النصيحة والتوجيه من الاخرين لها تأثيرها في إحجام تصرفاتي ..وان كانت تصرفاتي ولله الحمد لم تكن في معصية أو إخلال بالقيم .. لكنها تصرفات صبيانية عبثيه يحلو لها الحركة دون توقف .. صنفت نفسي أنني قادر على مايفعله الكبار وتحمل المسؤولية أينما كانت .
ففي ذلك اليوم أقترح صديقي أن نذهب لحي من الاحياء داخل المدينة التي نقيم فيها وكان الحي بعيد نوع ما عن حينا ويلزم ذلك وسيلة مواصلات تقلنا الى هناك .. لم يكن لدينا تلك الوسيلة فنحن لازلنا على مقاعد الدراسة والوضع لايسمح لنا بذلك رغم أجادتنا القيادة باحتراف .. لكنه أصر على ذلك والتزم بتأمين السيارة من أحد الزملاء فوافقت على ذلك على أن نعيدها في وقت وجيز .. أتفقنا على ذلك واحضر السيارة وكانت من نوع تكسي ( أجرة ) بعد ان التزم لصاحب السيارة إعادتها على عجل .. ذهبنا لذلك الحي لغرض ما وبعد ذلك قلت له يجب ان نعيد السيارة فربما صاحبها ينتظر بشغف .. وفي هذه الاثناء خطرت لصاحبي فكرة الذهاب للمدينة المجاورة لنا لحضور حفلة يحييها ظافر بن حاسن هناك وكان صاحبي شغوف بالحفلات وخاصة اللعب الشهري .. حاولت أثنيه لبعد المسافة والوضع مايسمح الا انه أصر فوافقته وذهبنا .. كان الوقت بعد المغرب تقريباً وصلنا بعد ساعتين رغم معاناتنا مع المرور في نقطة التفتيش القريبة من المدينة التي نقصدها وطلبهم الرخصة والاستمارة والتصريح الخاص بالراكب كون السيارة أجرة لتحميل الركاب ولا نملكها.. حاولنا معهم بكل الطرق والاقناع وبعد عناء تم أطلاق سراحنا .. وحينها شرت على صديقي بالعودة فقد نتكبد معاناة أخرى .. لكن صديقي عنيد ومغامر ولايهمه من الامر شيء .. واصلنا طريقنا ووصلنا بسلام .. هناك بحثنا عن الحفلة المزعومه فلم نجد شيء وقد أخبرنا أحدهم هناك بأنها تأجلت لوقت لاحق .. بعد ذلك ذهبنا نبحث عن مطعم أو بوفيه أوماشابه ذلك فنحن نتلوا من الجوع .. ذهبنا هنا وهناك فكانت المحلات مغلقة لقلة الحركة وشدة البروده ولم نحصل مبتغانا .. وبعد معاناة طويلة من الفر والكر توجهنا لاحدى البوفيات التي أوشكت على الاغلاق ولم نجد لديه سوى بقايا صامولي لوضرب به أحد مات .. اخذناه ولم يكن لدينا خيار أخر .. عندها قلت لصديقي المشاكس هيا نعود فالوقت متأخر وربما يحدث أمر أخر .. لكن صديقي أسترسل فالتفكير ثم قال لقد خطر لي فكرة أش رايك نروح الديرة .. وقفت مذهول من تصرفاته وجراءاته وبعد أصراره وافقته .. ذهبنا من تلك المدينة الساعة الحادية عشر ليلاً تقريباً .. كانت اول سفره لي بمفردي دون العائله .. واصلنا طريقنا وفي نص الطريق تقريباً ضرب أحد الاطارات والله ستر رغم السرعة الزائده والارهاق المتواصل .. غيرنا الاطار وذهبنا ووصلنا النماص الساعة الرابعه فجراً .. هناك وقعت الاشكالية فنحن بحاجة للراحة والنوم داهمنا ولم نجد مكان مناسب .. ولم يكن هناك شقق مفروشه أو فنادق وأن وجدت فليس لدينا المال الكافيء لذلك .. يعني وضعنا مزري للغاية .. هناك بعض المقاهي المعروفه .. لكن وضعها لايسر وفي نفس الوقت أمتنع صاحبي وقال ربما يكون هناك من يعرفنا .. درسنا الوضع وبعد دراسة مستفيضه قررنا المبيت فالسيارة .. كانت ليلة ولا كل الليالي .. لا لحاف ولا فراش وبرد يكسر الحصي .. تحملنا نتيجة مغامرتنا حتى الصباح .. في اليوم التالي أخذنا نصول ونجول من قرية لقرية يومين أوثلاثة .. عند قرار العود كان التوقيت ظهراً بعد أرهاق وتعب شديد .. واصلنا رحلتنا حتى تجاوزنا المناطق الماهوله وهناك كانت المفاجأة فقد أصطتدمنا بسيارة أخرى من الخلف وكان الخطأ علينا نتج عن الحادث أتلاف لديتر السيارة والرفرف الايسر مع الشمعة فوقعنا في حيرة .. فالمنطقة خاليه من المرور ويلزمنا وقت طويل لحضوره .. ولم يكن بوسعنا الا ان تنازلنا عن حقنا فالسيارة الاخرى شفر ولم يحدث بها تلفيات .. حاول الموجودين مساعدتنا بترقيع الوضع بما لديهم من وسائل حتى أقرب وجهة نصل اليها .. طبعاً أقرب وجهة كانت تبعد تقريباً 160 كم تقريباً .. في موقع الحادث كان صاحبي مرهق جداً فأوكل لي قيادة السيارة رغم أنني مساوي له فالارهاق والتعب الشديد .. توكلت على الله واستلمت قيادة السيارة وبعد مسافة ليست بالبعيدة لاحظت دخان يخرج من مقدمة السيارة .. صاحبي كان نائم بجواري فاوقفت السيارة وناديت عليه أنهض أنهض السيارة تحترق .. قام من شدة الخوف والربكة وكان بجواره طفاية حريق فأخذ الطفاية ووجها لي مباشرة فكنت كالثوب الابيض .. لاحظنا أحد الماره فوقف لمساعدتنا ولم يتمالك نفسه من الضحك عندما رأني .. هدأ الوضع وبخبرته طمنا بان الوضع مجرد إنتهاء ماء اللديتر فقط .. حمدنا الله على ذلك .. وذهب صاحبي معه للعودة للخلف لاحد محطات الوقود لاحضار ماء وبعض المواد اللاصقة لاصلاح اللديتر مؤقتاً .. أصلحنا الخلل بما يمكن إصلاحه وبعدها ذهبنا واستلم صاحبي القيادة كان الوقت يوشك على الغروب .. وفعلاً حاولنا قدر المستطاع الوصول للمدينة قبل الغروب فالسيارة مصدومة وبدون نور وخشينا المرور .. لكن لم يحالفنا الحظ .. فقد داهمنا الليل ولابد من محاولة الوصول فالوضع لايحتمل .. فالطريق وقبل المدينة بعدة كيلوات راينا سيارات المرور بكثرة وتوقعت تفتيش .. فشرت على صاحبي الوقوف حتى أزالة الخطر .. لكنه أصر على مواصلة السير واجزم ان مانراه مجرد حادث ولم يكن تفتيش .. عندما أقترابنا من تجمع المرور فإذا به تفتيش بالفعل ووقعنا فالفخ .. تقدم لنا رجل المرور وشاهد السيارة مصدومة وبنور وأحد عندها أنزلنا من السيارة مع بقية المخالفين الموجودين وكانوا بكثرة .. كان الجو بارد لدرجة التجمد .. حاولنا مع رجل المرور أطلاق سراحنا لكنه متعنت ومصر على حضور الضابط .. تأزم الموقف وعانينا ماعانينا وفي حوالي الساعة العاشرة حضر الضباط ومن كثرة الموجودين أستحال الوصول له في حينه .. لكن أنتظرنا الى أن قل العدد ثم توجهنا له وكان شاب برتبة ملازم شرحنا له القصة فتفهم وضعنا وأطلق سراحنا .. عند وصولنا لداخل المدينة قلت لصاحبي يجب ان نبات هنا الى الصباح حتى لانتعرض لمشكلة اخرى فالسيارة حالتها لاتسمح بالسير ليلاً .. لكنه أصر مرة أخرى ان نواصل المسير وبامكاننا المبيت في منازلنا .. خرجنا من المدينة لوجهتنا وبعد مسافة تقارب العشرون كيلاً .. أستوقفنا رجل المرور مرة أخرى لكون السيارة بنور واحد وغير مسموح تجوالها ليلاً وقال والله أني أحسبه دباب .. تقدم لنا وشرحنا له ماحدث .. فقال يجب عليكم العودة حتى الصباح من باب المساعدة .. لكن أصرارنا على العبور ومحاورة رجل الامن جعلته يقترب من السيارة فلم راءها مصدومة أحتجزنا حتى حضور ضابط خفر الساعه الثانية عشرة ليلاً .. فقلت لصاحبي هو طابلك ذلحين في حويس من كم يوم ولانتصحت .. عند حضور ضابط الخفر سلمنا عليه وعلمناه بالدويس اللي حصل معنا وكان متفاهم جداً .. وأخيراً أقنعنا بالعودة والمبيت الى الصباح فالانظمه لاتسمح بذلك .. وفي اليوم التالي عدنا لمدينتنا والحمد الله .
أنتهت
امل ان تحوز على رضاكم ومنكم نستفيد .