02-18-2011, 12:58 PM
|
#13
|
|
رد: أسماء الله الحسنى
المثال الثالث :
قال أهل التأويل : أنتم يا أهل السنة أولتم قوله تعالى : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُم)(الواقعة: من الآية85) . إلى أن المراد أقرب بملائكتنا و هذا تأويل ، لأنا لو أخذنا بظاهر اللفظ لكان الضمير (نَحْنُ) يعود إلى الله ، و أقرب خبر المبتدأ ، و فيه ضمير مستتر يعود على الله ، فيكون القرب لله – عز وجل -، و معلوم أنكم أهل السنة لا تقولون بذلك ، لا تقولون إن الله تعالى يقرب من المحتضر بذاته حتى يكون في مكانه ، لأن هذا أمر لا يمكن أن يكون ، إذ أنه قول أهل الحلول الذي ينكرون علو الله – عز وجل –، و يقولون إنه بذاته في كل و أنتم أهل السنة تنكرون ذلك أشد الإنكار . إذن ما تقولون أنتم يا أهل السنة ألستم تقولون نحن أقرب إليه أي إلى المحتضر بملائكتنا ، أي الملائكة تحضر إلى الميت و تقبض روحه ؟! هذا تأويل ،
قلنا الجواب على ذلك سهل و لله الحمد ، فإن الذي يحضر الميت هم الملائكة (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ)(الأنعام: من الآية61) . (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُم)(الأنعام: من الآية93) .
فالذي يحضر إلى المحتضر عند الموت هم الملائكة ، وأيضاً في نفس الآية ما يدل على أنه ليس المراد قرب الله – سبحانه وتعالى – نفسه فإنه قال : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (الواقعة:85) . فهذا يدل على أن هذا القريب الحاضر ، لكن لا نبصره ، وكذلك لأنك الملائكة عالم غيبي الأصل فيهم الخفاء وعدم الرؤية .
وعلى هذا فنحن لم نخرج بالآية عن ظاهرها لوجود لفظٍ فيها يعين المراد ، ونحن على العين والرأس ، والقلب نقبل كل شيء كان بدليل من كتاب الله ، ومن سنة رسوله ، صلى الله عليه و سلم .
المثال الرابع : قال أهل التأويل : أنتم يا أهل السنة أولتم قوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)(الحديد:من الآية4). فقلتم : وهو معكم بعلمه ، وهذا تأويل فإن الله تعالى يقول : ( وَهُوَ مَعَكُم)(الحديد: من الآية4) . و الضمير في قوله : ( وَهُوَ مَعَكُم) يعود إلى الله . فأنتم يا أهل السنة أولتم هذا النص و قلتم : إنه معكم بالعلم . فإذا كيف تنكرون علينا التأويل ؟
قلنا : نحن لم نؤول الآية ، بل إنما فسرناها بلازمها وهو : العلم ، و ذلك لأن قوله ( وَهُوَ مَعَكُم) .
لا يمكن لأي إنسان يعرف قدر الله عز وجل و يعرف عظمته ، أن يتبادر إلى ذهنه أنه هو ذاته مع الخلق في أمكنتهم ، فإن هذا أمر مستحيل ، كيف يكون الله معك في البيت و مع الآخر في المسجد ، و مع الثالث في الطريق ، و مع الرابع في البر ، و مع الخامس في الجو ، و مع السادس في البحر : إلخ ؟!
لو قلنا بهذا فكم إلها يكون لو قلنا بهذا لزم أن يكون الله إما متعدداً، أو متجزئاً – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً –
و هذا أمرلا يمكن و لهذا نقول: من فهم هذا الفهم فهو ضال في فهمه و من اعتقده فإنه ضال إن قلد غيره بذلك ، و كافر إذا بلغه العلم و أصر على قوله ، و من نسب إلى أحد من السلف أن ظاهر الآية أن الله معهم بذاته في أمكنتهم ، فإنه بلا شك كاذب عليهم .
إذاً أهل السنة و الجماعة يقولون : نحن نؤمن بأن الله تعالى فوق عرشه ، و أنه لا يحيط به شيء من مخلوقاته و أنه مع خلقه كما قال في كتابه ، و لكن مع إيماننا بعلوه .
و لا يمكن أن يكون مقتضى معيته إلا الإحاطة بالخلق علماً ، و قدرة ، و سلطاناً ، و سمعا ، و بصراً ، و تدبيراً و غير ذلك من معاني الربوبية إما أن يكون حالاً في أمكنتهم ، أو مختلطاً بهم كما يقول أهل الحلول و الاتحاد ، فإن هذا أمر باطل لا يمكن أن يكون هو ظاهر الكتاب و السنة و على هذا فنحن لم نؤول الآية و لم نصرفها عن ظاهرها ، لأن الذي قال عن نفسه ( وَهُوَ مَعَكُم)(الحديد: من الآية4) هو الذي قال عن نفسه : ( وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(البقرة: من الآية255) . و هو الذي قال عن نفسه : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)(الأنعام: من الآية18). إذن فهو فوق عباده ، و لا يمكن أن يكون في أمكنتهم ، و مع ذلك فهو معهم محيط بهم علماً و قدرة ، و سلطاناً ، و تدبيراً و غير ذلك .
و إذا أضيفت المعية إلى من يستحق النصر من الرسل و أتباعهم اقتضت معم الإحاطة علماً و قدرة ، اقتضت نصراً و تأييداً ، فنحن و لله الحمد ما خرجنا بهذا اللفظ عن ظاهره حتى يلزمونا بذلك .
و قد بين شيخ الإسلام – رحمه الله – في كتبه المختصرة و المطولة أنه لا تعارض بين معنى المعية حقيقة و بين علو الله سبحانه و تعالى ، قال : لأن الله سبحانه ليس كمثله شيء ، في جميع صفاته فهو على في دنوه قريب في علوه ).
و قال : ( إن الناس يقولون ما زلنا نسير و القمر معنا ، مع أن القمر في السماء ، و هم يقولون معنا فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق كان في حق الخالق من باب أولى ) .
و المهم أننا نحن معشر أهل السنة ما قلنا أبداً و لا نقول إن ظاهر الآية هو ما فهمتموه و أننا صرفناه عن ظاهرها ، بل نقول : إن الآية معناها أنه سبحانه مع خلقه حقيقة ، معية تليق به ، محيط بهم علماً و قدرة ، و سلطاناً ، و تدبيراً ، و غير ذلك لأنه لا يمكن الجمع بين نصوص المعية و بين نصوص العلو إلى على هذا الوجه الذي قلناه ، و الله سبحانه و تعالى يفسر كلامه بعضه بعضاً .
__________________
آبيـــڪ تۋعډني ۋلۋ مــــآلـــقيتڪ
آنڪ معي تبقى على مر هآلزمآن
ۋتڪۋن لي شمعه بحيآتي ۋليــــتڪ
ڪل مآقلت محتآجه تعطيني آلحنآن
ۋآن جيتني محتآج بلهفة ضميتــڪ
لمسة دفئ
|
|
|