تحية طيبة .
في المرحلة الثانوية وتحديداً في الصف الثالث كنا نعاني من اختبار اللغة الانجليزية .
وخاصة فقرة (التعبير ) .
لم نكن نعرف من الانجليزية إلا (Open your hand ) .
بعد أن تترجمها ( العصا ) إلى واقع .
لجأنا إلى طريقة ذكية في تخطي مشكلة التعبير كان يفعلها أسلافنا ممن تخرجوا في الاعوام السابقة .
.
الطريقة هي ( الموضوع الشامل ) .
وهي أن نحفظ جمل انجليزية عن ظهر قلب يمكن تركيبها في أي موضوع .
مثلاً ، هذه الجمل:
(مهم جداً في حياتنا ) ، (لا يمكن الاستغناء عنه ) ، ( يساعدنا في انجاز أعمالنا اليومية ) .
فعندما يكون موضوع التعبير عن ( السيارة ، الطيارة ، القطار ، الملعقة ، البقالة )
فتنطبق عليها الجمل التي حفظناها سابقاً فنكتب ( السيارة مهمة جداً في حياتنا ... ولا يمكن الاستغناء ... الخ )
في الوزارة لا بد وأنهم لاحظوا التشابه في التعبير في الاختبارات السابقة وعرفوا السر .
في تلك السنة كان موضوع التعبير عن ( الطحالب ) .
كل الطلبة كتبنا أن ( الطحالب مهمة جداً في حياتنا وأنه لا يمكننا الاستغناء عنها ) .
.
.
في السابق كان يسألني الكثير من الأخوة ، لماذا مواضيعك التي تكتبها قليلة بالرغم من أن ردودك على المواضيع أكثر بكثير, لماذا لا تكتب مواضيع خاصة بك بدلاً من مناقشة مواضيع الآخرين ؟
في الحقيقة ، كنت اجيبهم بغير الحقيقة .
فبالرغم أن لدي هوس بالكتابة يتجاوز الامعقول إلا أنني لم أعد استطع أن أجد ما أكتب عنه ، أصبح لدي قناعة أن كل المواضيع نفذت .
لم استطع أن اجيبهم بما أخبرتكم به قبل قليل ؟
أيعقل أن أقول لهم بأنني أعتقد أن (المواضيع خلصت ) !!
أي سخرية كنت سأضع نفسي بها ! ، وخاصة أمام العضوات .
.
.
في بداية (طاش ما طاش) كانت مواضيع الحلقات متنوعة ومختلفة .
بعد عشر سنوات أصبح هناك شح في المواضيع مما دعاهم لشحذ المواضيع من المشاهدين .
بعد عشرين سنة ( قفلوا ) .
.
.
الشريان بدأ ( الثامنة ) بملفات لا تحصى
بعد فترة بدأ يكرر المواضيع .
حتى أنه استضاف الطباخة ( أم بندر ) في حلقتين .
أعتقد أنه لا يوجد خيار آخر لديه .
إما أن يستمر باستضافة (أم بندر) في تمام الثامنة من كل يوم ، أو يقفل برنامجه .
.
الكاميرا الخفية مثلاً ، خلاص انتهت ، مواضيع المقالب شارفت على الانتهاء ، فالدنيا كلها وما يحدث فيها طلعت مقالب .
القذافي ، حسني ، العريفي ، الاسكان ، المدن الاقتصادية ، سوق الاسهم ، مكائن الخياطة ، عقبة باللحمر .
.
حتى خطب الجمعة كل ما يقال فيها مكرر ، ولن تتوقف لسبب بسيط ( فذكر ) .
التذكير يعني تكرار المواضيع السابقة وبذلك تبقى للأبد .
.
.
هل سيأتي اليوم الذي تنتهي فيه كل المواضيع وتصبح أزمة عالمية تعادل أزمة المياه ؟
الكثيرون يتحدثون عن أزمة ( السكن ) مثلاً .
بينما لا أحد يهمه أزمة ( الموضوع ) . .
فلولا المواضيع ، لم نكن لنقرأ كل يوم (موضوع ) عن أزمة السكن .
ربما تكون ( خارطة الطريق ) في المستقبل هي ( المواضيع مقابل الغذاء ) .
.
ستقفل دور السينما والمسارح وتتوقف طباعة القصص والروايات والشعر ، والمنتديات .
.
والشعراء كذلك .
ما ذا بقي لم يكتبه الغزلنجيون من عهد أمرؤ القيس إلى نزار قباني إلى أحمد سالم سعد علي .
بالمناسبة ، لا أعرف شاعراً باسم ( أحمد سالم سعد علي ) .
ولكن بالتأكيد أنه موجود .
فالاسم نفسه يوحي لك بأنه ( متيم ) آخر .
حتى لو كانت عدد الأحرف العربية (47035) حرف لنفذت .
فما بالك بـ(28) .
ربما أحدكم يسأل : لماذا (47035) بالذات ؟
ببساطة ، لأن قوقل يقول أنه عدد أحرف اللغة الصينية .
.
قوقل – برضه – يخبرنا أن هناك احصائية تقول ( أن العرب أكثر الشعوب ثرثرة بالعالم ) .
كيف لهذه الـ(28) احتملت كل هذه الثرثرة ؟
.
حتى الأمثال والحكم ستتغير ، فمثلاً ( أعطني حظاً وأرمني في البحر) .
سيكون ( أعطني موضوعاً وأرمني في منتدى ) .
.
ما هو السر في شهرة ( تويتر) ؟
ببساطة لأنه لا يوجد موضوع أو قصة أو قصيدة .
أنت تغرد فقط بحوالي عشر كلمات بدون موضوع .
.
.
أعذروني على الاطالة ففي الفترة السابقة بفضل ( الواتس أب ) كنت أقرأ طوال الوقت ، فقط أقرأ وأقرأ .
الا تلاحظون أنتم كذلك أننا في الواتس أب فقط نقرأ ، ونقرأ ، ولا نكتب ، ولا نعلم من هو الذي يكتب ؟
نعود لموضوعنا الذي يتحدث عن نفاذ ( المواضيع) .
.
.
.
في الحقيقة أنني لم أكن أعني ما قلته أعلاه ، وأعلم أنكم تعلمون بأنني أعلم أن ما قلته ليست الحقيقة .
ولكنني أتخذت اسلوب السفسطة محاولة مني لإيصال ما اريد قولة مع قليل من الفهلوة .
ومن أنواع السفسطة ( التلاعب بالعبارات ) .
كأن يقول أحدهم ( أن كل شيء في الكون يتغير ولا يوجد شيء ثابت ) .
فيرد عليه السفسطائي بقوله ( وهل عبارتك هذه ينطبق عليها نفس القول ؟ ) .
أو يقول أحدهم ( لا يوجد حقيقة مطلقة )
فيرد عليه كذلك ( وهل ينطبق هذا على عبارتك ؟ )
وفي هذه الحالة لن تستطيع الاجابة ( بنعم أو لا ) فأي منهما سينسف عبارتك من أساسها .
ولقطع الطريق على السفسطائي كان يجب على قائل العبارة أن يستثني عبارته من القانون الذي تعبر عنه تلك العبارة .
فيقول ( لا يوجد حقيقة مطلقة ) إلا حقيقة هذه العبارة .
ويقول ( كل شيء يتغير ولا يوجد ثابت ) إلا هذه العبارة لا تتغير .
.
.
كنت أعني بموضوعي هذا هو أن لا يكون إيجاد الموضوع عائقاً أمام إبداعاتكم ومشاركاتكم ، أبدأوا في الكتابة أولاً ثم ضعوا عنوان الموضوع عندما تنتهون ، المواضيع لا تنتهي والاحداث لا تتوقف ، ابحثوا دوماً عن التفاصيل الصغيرة ، بل تفصيل التفاصيل ، فالخير والشر والتعاسة والسعادة تكمن في التفاصيل بل في أدق التفاصيل .
ولا تفكروا بشيء لتكتبوه ، بل أكتبوا عن شيء تفكرون به .
.
.
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي

المصدر: منتديات ديوانية بني شهر