|
"وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"
"وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"(الذاريات:22).
يستهل ربنا( تبارك وتعالي) سوره الذاريات بقسم عظيم باربع من ايات الله في الكون والله تعالي غني عن القسم لعباده بان وعده لصادق, وان الدين الاسلامي الذي انزله علي فتره من الرسل, والذي اتمه واكمله في بعثه خاتم انبيائه ورسله صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم اجمعين لحق واقع....!!!
ثم يكرر ربنا( سبحانه وتعالي) القسم بالسماء ذات الحبك علي ان الناس مختلفون في امر يوم الدين بين مكذب ومصدق, وتستعرض الايات حال كل من المجموعتين في هذا اليوم العصيب, ثم تعود الي الاستدلال بايات الله في كل من الارض والانفس والافاق ومنها قول الحق( تبارك وتعالي):
وفي السماء رزقكم وما توعدون
ثم ياتي القسم الحاسم الجازم برب السماء والارض ان هذا كله حق, كما ينطق المنكرون في هذه الحياه الدنيا, وهم يدركون حقيقه ما ينطقون, فلا يجوز لهم ان يشكوا فيه او ان ينكروه كما لا يشكون في نطقهم الذي ينطقون...!!
وبعد ذلك تتحرك بنا السوره الي عرض شيء من الوقائع التاريخيه من قبيل ضرب المثل, واستخلاص العبر, والدعوه الي اخلاص العباده لله وحده( بغير شريك ولا شبيه ولامنازع), وذلك من مثل قصص سيدنا ابراهيم( عليه السلام) مع ضيفه وقومه, وسيدنا لوط( عليه السلام) وما حاق بقومه من عذاب, وسيدنا موسي( عليه السلام) وفرعونه الذي اغرقه الله( تعالي) وجنده في اليم, وقوم عاد وطمرهم بالرمال السافيه, وقوم ثمود الذن دمروا بالصاعقه, وقوم نوح( عليه السلام) الذين اغرقوا بالطوفان لفسقهم...!!
وتعاود السوره الكريمه القسم بالسماء وتوسيع الله المستمر لها, وبالارض وفرشها وتمهيدها, وخلق كل شيء من زوجين تاكيدا لوحدانيه الله( تعالي) المطلقه فوق جميع خلقه..!!!
ثم تعرج بنا السوره الي حقيقه ان كل رسول جاء بالحق من رب العالمين قد اتهمه الكفار من قومه بالسحر او بالجنون ظلما وطغيانا من عند انفسهم, وفي ذلك مواساه من رب العباد الذي يطالب خاتم انبيائه ورسله بالاستمرار في التذكير بالله, والدعوه الي دينه الحق علي الرغم من كل ذلك, لعل الذكري تنفع المومنين.
والهدف من هذا الاستعراض المكثف لايات الله في الكون, والاستعراض الخاطف لقصص عدد من الامم البائده هو وصل العباد بخالقهم, وربط قلوبهم بعوالم الغيب, كما يصفها خالق الكون ومبدع الوجود لا كما تتصورها اوهام الغافلين الضالين من الكفار والمشركين.
والذي ير تبط قلبه بخالقه, ويومن بالغيب, كما انزله في محكم كتابه, وسنه نبيه, تخطي الدنيا الي الاخره, دون ان يهمل واجباته في الحياه, ودون ان تشغله التكاليف الماديه لهذه الحياه عن اخلاص العباده لله, وفي مقدمه تلك التكاليف الجري علي المعايش لكسب الرزق الحلال, والذي قد يتخيل البعض انه يمكن ان يشغل الانسان عن رسالته الحقيقيه في هذه الحياه والتي تتلخص في:
عباده الله( تعالي) بما امر, وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الارض, وهما وجهان لعمله واحده تمثل رساله كل من الجن والانس في هذه الحياه, والتي لخصها ربنا( تبارك وتعالي) في السوره نفسها بقوله( عز من قائل): وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون* ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون* ان الله هو الرزاق ذو القوه المتين*.
(الذاريات:56 58).
هذا وقد تباينت اراء المفسرين في قول الحق( تبارك وتعالي)
وفي السماء رزقكم وما توعدون*.
بين قائل بالمطر, وقائل بالقرار الالهي في تقسيم الرزق وتوزيعه بين العباد, وقائل بالثواب والعقاب او بالجنه والنار, او بها جميعا ولكن الدراسات الكونيه الحديثه قد اضافت بعدا جديدا, فاكدت ان جميع ما يحتاجه الانسان والحيوان والنبات من الماء, ومن مختلف صور الماده والطاقه انما ينزل الي الارض من السماء بتقدير من الرزاق الحكيم العليم الذي ينزله بقدر معلوم لقوله( عز من قائل):
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولكن: ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير*( الشوري:27)
ولقوله( سبحانه)!
وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم*.( الحجر:21)
رزق السماء في اللغه العربيه
(الرزق) في اللغه العربيه هو ما ينتفع به من النعم, والجمع( ارزاق), و(الرزق) ايضا هو العطاء الجاري دنيويا كان ام اخرويا, وهو كذلك النصيب المقسوم للانسان فيصل الي يده سواء كان مما يصل الي الجوف ويتغذي به,او يكتسي ويتزين به, او يتجمل به من مثل الخلق الحسن والعلم النافع يقال. رزقه) الله( يرزقه)( رزقا) بكسر الراء,( والمصدر الحقيقي فتح الراء), والاسم يوضع موضع المصدر, و(ارتزق) بمعني اخذ( رزقه), و(الرزقه) ما يعطي دفعه واحده, وقد تاتي لفظه( الرزق) بمعني( شكر الرزق) من مثل قوله( تعالي):
وتجعلون رزقكم انكم تكذبون( الواقعه:82) اي تجعلون نصيبكم من النعمه او شكركم عليها انكم تكذبون رسالات ربكم.
ويقال رجل( مرزوق) اي مجدود( محظوظ), وقد يعتبر كل من المال والولد والجاه والعلم من( الرزق), كما قد يسمي المطر( رزقا), ويمكن ان يحمل( الرزق) علي العموم فيما يوكل ويلبس ويستعمل, وكل ما يخرج من الارض او ينزل من السماء, و(الرازق) هو الله تعالي خالق( الرزق) ومعطيه, ومسببه, وموزعه بالقسط, وان كانت هذه الصفه يمكن ان تستخدم للبشر, اما( الرزاق) فهو اسم من اسماء الله الحسني وصفه من صفاته العليا لا يوصف بها غيره( سبحانه وتعالي).
وعن( السماء) فهي اسم مشتق من( السمو) بمعني الارتفاع والعلو, تقول. سما),( يسمو)( سموا) فهو( سام) بمعني علا, يعلو علوا, فهو عال, اي مرتفع, وذلك لان السين والميم والواو اصل يدل علي الارتفاع والعلو, يقال. سموت) و(سميت) بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعه والعلو, وعلي ذلك فان سماء كل شيء اعلاه, ولذلك قيل لسقف البيت سماء لارتفاعه, وقيل للسحاب سماء لعلوه, واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السماء, وللعشب لارتباط منبته بنزول ماء السماء, ومن هنا قيل. كل ما علاك فاظلك فهو سماء).
ولفظه( السماء) في العربيه تذكر وتونث( وان كان تذكيرها يعتبر شاذا), وجمعها( سماوات), وهناك صيغ اخري لجمعها ولكنها غريبه. |
",QtAd hgs~QlQhxA vA.XrE;ElX ,QlQh jE,uQ]E,kQ" ",QtAd hgs~QlQhxA jE,uQ]E,kQ" vA.XrE;ElX ,QlQh
التعديل الأخير تم بواسطة طوق الياسمين ; 05-05-2014 الساعة 05:48 PM.
|