04-01-2015, 07:24 PM | #1 | |||
|
خير الناس انفعهم «للناس
لم يأت اﻹسﻼم بتعاليمه ليكون عظات ورقائق تسمو بروحانيات الناس في عﻼقتهم بالله تعالى فحسب، ولكن جاء أيضًا لينظم عﻼقات الخلق بعضهم ببعض، حتى يسود التفاهم واﻷلفة والمحبة في المجتمع، فينعم الجميع بالسعادة في الدنيا واﻵخرة.
ومن أجل ذلك جعل اﻹسﻼم من أهم مبادئ نظامه اﻻجتماعي أن يحرص كل فرد من أفراده على مصلحة غيره حرصه على مصلحته، وأن يحب لﻶخرين الخير الذي يحبه لنفسه، من حلول النعم وزوال النقم. أفضل اﻹيمــان: بل إن اﻹسﻼم جعل حب الخير للناس من دﻻئل اكتمال اﻹيمان ورسوخه في القلب، وغياب محبة الخير لﻶخرين من عﻼمات نقص اﻹيمان وعدم اكتماله، وهذا مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ﻻ يؤمن أحدكم حتى يحب ﻷخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري. وعن معاذ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل اﻹيمان، قال: «أن تحب لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله»، قال: وماذا يا رسول الله؟ قال: «وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك» رواه المنذري. وإذا ما أحب اﻹنسان الخير للغير، كان لذلك أثر في تعامله مع الناس، فتجد منه سموًا في التعامل، ورفعة في اﻷخﻼق، وصبرًا على اﻹيذاء، وتغاضيًا عن الهفوات، وعفوًا عن اﻹساءة، ومشاركة في اﻷفراح واﻷحزان.. طريق للجنة: وحب الخير للناس يقود صاحبه إلى الفوز بالجنة، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم اﻵخر، ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه» رواه أحمد. حرص على نجاتهم: وﻻ يقتصر حب الخير للناس على ما يسعدهم في الدنيا، ولكن يمتد أيضًا إلى حب السعادة لهم في اﻵخرة، فيحب لهم أن يمن الله عليهم بنعمة اﻹيمان، وأن ينقذهم الله من ظلمات الشرك والعصيان، وفي هذا يقول النبي "صلى الله عليه وسلم": «وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا» رواه الترمذي. وقد ضرب النبي "صلى الله عليه وسلم" المثل في ذلك، فقد بلغ به حب اﻹيمان للناس أنه كاد يموت غمًا وأسفًا عليهم، قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف:6]، وقال الله تعالى: {فَﻼَ تَذْهَبْ نَفْسَكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر:8]. لقد دعا الناس في جميع اﻷماكن واﻷزمان واﻷحوال، دعا فوق الجبل وفي المسجد وفي الطريق وفي السوق، دعاهم في صحته ومرضه، دعا من أحبوه ومن أبغضوه، ومن استمعوا إلى دعوته ومن أعرضوا عنها، فأي مصلحة له في أن يؤمنوا ويهتدوا؟ إنه حب الخير للناس.. أســوة حسنة: وها هو النبي "صلى الله عليه وسلم" يعبر عن حبه الخير ﻷبي ذر فيقول له: «يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، ﻻ تأمرنّ على اثنين، وﻻ تولين مال يتيم» رواه مسلم. وقد سار سلفنا الصالح على نهج النبي "صلى الله عليه وسلم"، فكانت قلوبهم تفيض بحب الخير للناس، فهذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول: ما نزل غيث بأرض إﻻ حمدت الله وسررت بذلك، وليس لي فيها شاة وﻻ بعير، وﻻ سمعت بقاض عادل إﻻ دعوت الله له، وليس عنده لي قضية، وﻻ عرفت آية من كتاب الله إﻻ وددت أن يعرف الناس منها ما أعرف ولما أراد محمد بن واسع أن يبيع ****ًا له، قال له رجل: أترضاه لي؟ فرد عليه: لو لم أرضه لك لم أبعه. وكان عتبة الغﻼم إذا أراد أن يفطر يقول لبعض إخوانه المطلعين على أعماله: أخرج لي ماء أو تمرات أفطر عليها ليكون لك مثل أجري. وذكر ابن خلكان في -وفيات اﻷعيان- أن السري كان يقول: منذ ثﻼثين سنة، وأنا أستغفر من قولي مرة: الحمد لله، فقيل له: وكيف ذلك؟ فقال: وقع ببغداد حريق، فاستقبلني واحد، وقال: نجا حانوتك، فقلت: الحمد لله، فأنا نادم من ذلك الوقت على ما قلت، حيث أردت لنفسي خيرًا من الناس. خطوات عملية: ومن اﻷمور التي يمكن أن تعيننا على أن نصبح ممن يحبون الخير للناس: 1- التوجه إلى الله تعالى واﻹلحاح عليه سبحانه أن يجعلنا ممن يحبون الخير للناس، ويسعون في كل نافع مفيد لهم. 2- الدعاء بالخير لمن حولنا بظهر الغيب، فندعو لهم بأن يوسع الله عليهم في أرزاقهم، وأن يبارك لهم في عافيتهم، وأن يوفقهم في أعمالهم، وأن يلهمهم الرشد والصواب والصﻼح، وغير ذلك مما نحبه ﻷنفسنا، فهذا يعمق في نفوسنا حب الخير لﻶخرين. 3- التذكير الدائم للنفس بأن إيماننا لن يكون كاملًا إﻻ بحب الخير للناس. 4- دعم حب الخير لﻶخرين في النفس بأن نكرر عليها أننا نحب الخير للناس، ونكره أن يصيبهم مكروه، وكذلك بأن يسأل كل منا نفسه: هل السعادة في أن أكون متميزًا ومتفوقًا على كل أحد؟ أم أن السعادة أن أكون محبًا للخير لكل الناس كما أحبه لنفسي؟ 5- مقاومة المشاعر السلبية التي قد تنتابنا عند علمنا بوقوع الخير لبعض المعارف، بأن نتكلف الفرح لوقوع هذا الخير، وأن ندعو له بالبركة، ثم نتحرك لتهنئته، فهذا يكسر حاجز المشاعر السلبية، ويدرب النفس على حب الخير لﻶخرين. 6- تحفيز النفس للسعي في نفع اﻵخرين، وبذل المعروف لهم بالمداومة على قراءة فضائل نفع اﻵخرين، ومطالعة سير الصالحين في ذلك. 7- بذل الجهد في السعي فيما ينفع الناس ويسعدهم ويفيدهم ويصلح حالهم ويرفع عنهم العناء. 8- الحرص على مصاحبة من يحبون الخير للناس ويسعون في خدمتهم ونفعهم، فالمرء على دين خليليه المصدر: منتديات ديوانية بني شهر odv hgkhs hktuil «ggkhs hktuil odv
__________________
|
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الناس, انفعهم, خير, «للناس |
|
|