05-26-2011, 09:56 AM | #1 | |||
|
الابتلاء بالأمراض
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله ـ عز وجل ـ، التي هي معتصم عند البلايا، وسلوان في الهم والرزايا، واعلموا ـ حفظكم الله ورعاكم ـ أن الابتلاء سنة ربانية ماضية، هي من مقتضيات حكمة الله ـ سبحانه ـ وعدله، متمثلا وقعه بجلاء، في الفقر والغنى، والصحة والمرض، والخوف والأمن، والنقص والكثرة، بل وفي كل ما نحب ونكره، لا نخرج من دائرة الابتلاء وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف:168]. وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ[الأنبياء:35]، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال.
عباد الله، العاقل الحصيف يجب عليه حتما أن يوقن، أن الأشياء كلها قد فرغ منها، وأن الله سبحانه، قدر صغيرها وكبيرها، وعلم ما كان وما سيكون وأن لو كان كيف يكون، وَمَا مِن دَابَّةٍ فِى ٱلأرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَـٰلُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلكِتَـٰبِ مِن شَىْء[الأنعام:38]. قال رسول الله : ((أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب قال: رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))[رواه أبو داود][1]. فالمقادير عباد الله كائنة لا محالة، وما لا يكون فلا حيلة للخلق في تكوينه، وإذا ما قدر على المرء حال شدة، وتكنّظته الأمور، فيجب عليه حينئذ أن يتزر بإزار له طرفان: أحدهما الصبر، والآخر الرضا، ليستوفي كامل الأجر لفعله ذلك، فكم من شدة قد صعبت، وتعذر زوالها على العالم بأسره، ثم فرج عنها بالسهل في أقل من لحظة. قيل للحسن: يا أبا سعيد، من أين أتي هذا الخلق؟ قال: من قلة الرضا عن الله؟ قيل: ومن أين أتى قلة الرضا عن الله؟ قال: من قلة المعرفة بالله. ولما جيء بسعيد بن جبير إلى الحجاج ليقتله، بكى رجل فقال له سعيد: ما يبكيك؟ قال: لما أصابك. قال سعيد: فلا تبك إذا، لقد كان في علم الله أن يكون هذا الأمر، ثم تلا: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا [الحديد:22]. وما يصيب الإنسان، إن كان يسره فهو نعمة بينة، وإن كان يسوؤه فهو نعمة؛ من جهة أنه يكفر خطاياه ويثاب عليه، ومن جهة أن فيه حكمة ورحمة لا يعلمها وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة:216]. وصدق رسول الله إذ يقول: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له؛ ولا يكون ذلك إلا للمؤمن))[رواه مسلم][2]. أيها الناس، إن البشر قاطبة مجمعون إجماعا لا خداج فيه، على أن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى، وأن الصحة والعافية، نعمة مغبون فيهما كثير من الناس الأمراض والأسقام ـ عباد الله ـ، أدواء منتشرة انتشار النار في يابس الحطب، لا ينفك منها عصر، ولا يستقل عنها مصر، ولا سلم منها بشر ولا يكاد إلا من رحم الله؛ إذ كلها أعراض متوقعة، وهيهات هيهات أن تخلو الحياة منها، وإذا لم يصب أحد بسيلها الطام، ضربه رشاشها المتناثر هنا أو هناك. ثمانية لابد منها على الفتى ولابد أن تجري عليه الثمانيه سرور وهمّ واجتماع وفرقة ويسر وعسر ثم سقم وعافيه ولقد حدث ابن القيم ـ رحمه الله ـ عن نفسه في كتابه ((شفاء العليل)) أنه أحصى ما للأمراض من فوائد وحكم، فزادت على مائة فائدة، وقال أيضا: ((انتفاع القلب والروح بالآلام والأمراض، أمر لا يحس به إلا من فيه حياة، فصحة القلوب والأرواح موقوفة على آلام الأبدان ومشاقها)). انتهى كلامه ـ رحمه الله ـ. إن الابتلاء بالأمراض والأسقام، قد يكون هبة من الله ورحمة، ليكفر بها الخطايا ويرفع بها الدرجات، فلقد استأذنت الحمى على النبي فقال: ((من هذه؟))قالت: أم مِلْدَم – وهي كنية الحمى – فأمر بها إلى أهل قباء، فلقوا منها ما يعلم الله، فأتوه فشكوا ذلك إليه فقال: ((ما شئتم؟ إن شئتم أن ادعوا الله لكم فيكشفها عنكم، وإن شئتم أن تكون لكم طهورا)) قالوا: يا رسول الله، أو تفعل؟ قال: ((نعم))قالوا: فدعها. [رواه أحمد والحاكم بسند جيد][3]. وقال : ((ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها )) [رواه البخاري ومسلم][4]. وقال رجل لرسول الله : أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا مالنا بها؟ قال: ((كفارات))، قال أبي بن كعب، وإن قلّت قال: ((وإن شوكة فما فوقها)) [رواه أحمد][5]. ولقد عاد رسول الله مريضا من وعك كان به فقال : ((أبشر، فإن الله ـ عز وجل ـ يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا، لتكون حظه من النار من الآخرة)) [رواه أحمد وابن ماجة][6]. والوعك: هو الحمى. فمن هنا عباد الله، نعلم النتائج الإيجابية التي يثمرها المرض، ونعلم أن مذاقه كالصبر، ولكن عواقبه أحلى من الشهد المصفى، فعلام ـ إذاً ـ يَمْذَلُ أحدنا من المرض يصيبه، أو يسبه ويشتمه، أو يعلل نفسه بليت وليت، وهل ينفع شيئا ليت؟!. ألا فاعلموا أن رسول الله دخل على أم السائب فقال: ((مالك يا أم السائب تزفزفين؟))قالت: الحمى، لا بارك الله فيها فقال: ((لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد)) [رواه مسلم][7]. ولقد أصاب أحد السلف مرضٌ في قدمه فلم يتوجع ولم يتأوه، بل ابتسم واسترجع فقيل له: يصيبك هذا ولا تتوجع؟! فقال: إن حلاوة ثوابه أنستني مرارة وجعه. وبعدُ ـ عباد الله ـ فلا يظن مما سبق، أن المرض مطلب منشود، لا وكلا، فإنه لا ينبغي للمؤمن الغر أن يتمنى البلاء، ولا أن يسأل الله أن ينزل به المرض؛ فلقد قال رسول الله : ((سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية))[رواه النسائي وابن ماجه][8]. وقال مطرف: (لأن أُعافى فأَشكر أحب إلي من أن أُبتلى فأَصبر). ومن هنا نعلم جيدا، أن المرض ليس مقصودا لذاته، وإنما لما يفضي إليه من الصبر والاحتساب وحسن المثوبة، وحمد المنعم على كل حال. قال شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ: "المصائب التي تجري بلا اختيار العبد، كالمرض، وموت العزيز عليه، وأخذ اللصوص ماله، إنما يثاب على الصبر عليها، لا على نفس ما يحدث من المصيبة، لكن المصيبة، يكفر بها خطاياه، فإن الثواب إنما يكون على الأعمال الاختيارية وما يتولد عنها" اهـ. كلامه ـ رحمه الله ـ. ومن هذا المنطلق ـ عباد الله ـ، اجتمع الكافر والمسلم والبر والفاجر في مصيبة المرض على حد سواء، وافترقا في الثمرة والعاقبة، ولا يسوي بينهما في ذلك إلا أليغُ أرعن، واقع فيما قال ابن مسعود : (إنكم ترون الكافر من أصح الناس جسما، وأمرضهم قلبا. وتلقون المؤمن من أصح الناس قلبا وأمرضهم جسما، وايم الله، لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم، لكنتم أهون على الله من الجُعلان المصدر: منتديات ديوانية بني شهر hghfjghx fhgHlvhq
|
|||
05-26-2011, 09:57 AM | #2 | |||
|
رد: الابتلاء بالأمراض
ودخل سلمان الفارسي على مريض يعوده فقال له: (أبشر، فإن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة ومستعتبا، وإن مرض الفاجر كالبعير؛ عقله أهله ثم أرسلوه فلا يدري لم عُقِل ولم أرسل).
|
|||
05-26-2011, 09:59 AM | #3 | |||
|
رد: الابتلاء بالأمراض
أن ثمة أمور يجب أن يعرفها المرضى، فمنها: البشرى لكل مريض أعاقه مرضه عن القيام بالسنن والنوافل التي كان يواظب عليها إبان صحته، بأنها مكتوبة له لا يضيع أجرها، قال رسول الله : ((إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا)) [رواه البخاري][1].
|
|||
05-26-2011, 09:59 AM | #4 | |||
|
رد: الابتلاء بالأمراض
أن ثمة أمور يجب أن يعرفها المرضى، فمنها: البشرى لكل مريض أعاقه مرضه عن القيام بالسنن والنوافل التي كان يواظب عليها إبان صحته، بأنها مكتوبة له لا يضيع أجرها، قال رسول الله : ((إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا)) [رواه البخاري][1].
|
|||
05-26-2011, 09:59 AM | #5 | |||
|
رد: الابتلاء بالأمراض
أن ثمة أمور يجب أن يعرفها المرضى، فمنها: البشرى لكل مريض أعاقه مرضه عن القيام بالسنن والنوافل التي كان يواظب عليها إبان صحته، بأنها مكتوبة له لا يضيع أجرها، قال رسول الله : ((إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا)) [رواه البخاري][1]. لشيخ سعود الشريم بتصرف
|
|||
05-26-2011, 02:07 PM | #6 | |||
|
رد: الابتلاء بالأمراض
كتب الله لك الاجر ونفع بك وبما طرحتي..كل الشكر
|
|||
06-18-2011, 11:38 PM | #9 | |||
|
رد: الابتلاء بالأمراض
أقول دائماً :
__________________
( إن حجراَ قد يُخرج مـــاءً من قاع بئر مظلم وفي الماء حياه ، وقد يكون حجراً يُرمي به على وجه سطح ماء راكد فيبعث فيه الحياه . ) ظافر الحجري
|
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|