الناس والصيف

06-01-2013, 11:15 AM

الناس والصيف

بمناسبة فصل الصيف نحبُّ أن نذكِّر أنفسنا وحضراتكم ببعض الخواطر
عبادة التفكر
عبادة قلبية تفوق كثيرا من العبادات ، ومدَح الله تعالى أصحابها وأثنى عليهم فقال : " إن فى اختلاف الليل والنهار وما خلق الله فى السموات والأرض لآيات لقوم يتقون" ( يونس 6)
ومن مجالات التفكر : التفكر فى آيات القرآن الكريم وتدبُّر معانيها ، والتفكر فى آيات الكون من شمس وقمر نجوم ، وصيف وشتاء ، وليل ونهار ...... الخ ، والتفكر فى نعم الله علينا وواجبنا نحوها ، والتفكر فى عيوب النفس وكيفية علاجها ، وعاقبة الذنوب والمعاصى ، والتفكر فى واجب الوقت وما ينبغى علينا ، والتفكر فى الموت والآخرة ...... الخ .
ولكن بعض الناس من كثرة التعود على رؤية الأشياء أصبحوا لا يلتفتون إليها ولا يرَون ما فيها من دلائل وعبر ، وقد ذمهم الله بقوله : "وكأين من آية فى السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون " (يوسف 105)
خواطر من الحَر
يُعبِّر الناس عن إحساسهم بالحر بأقوال وأفعال مختلفة ، ولكن من منّا يذكِّرهُ حَرُّ الصيف بحرِّ يوم القيامة الذى تقترب فيه الشمس من الرءوس حتى تكون على بعد ميل ويكون الناس فى العرق على قدر أعمالهم !! ومن منّا فكّر فيما ينَجى من حرّ هذا اليوم كما ورد فى الحديث : " سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ فى عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إنى أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " . ( حديث صحيح)
ومما يُنَجى أيضا بفضل الله : مُساعدة الفقراء والمُعْسِرين وإعانة المجاهدين والمشى فى حوائج المحتاجين ، وصيام التطوع وخصوصا فى أيام الحر ، والعمل لدين الله والجهاد فى سبيله .
قل نار جهنم أشدُّ حرا
وإذا تحدثنا عن حر الدنيا وحر يوم القيامة فما بالكم بحر نار جهنم التى تعتبر نار الدنيا جزءا من سبعين جزءاً منها ؟ - أعاذنا الله وإياكم – وماذا نعمل للنجاة منها والفوز بالجنة ؟ .
لقد كان أحد الصالحين يأتى إلى فراشه لينام فيتقلب على فراشه كما تتقلبُ الحَبّة على المِقلاة ثم يقوم فيصلى ويقول : إن ذكر جهنم طَيَّرَ النوم من عينى .
وكان طفل صغير من سَلفِنا الصالح يقوم من الليل فيصلى فيقول له أبوه نَمْ يا بنى فإنك صغير ، فيقول له : يا أبتِ إنى رأيت النار تأكل صغار الحطب قبل كباره وأنا أخشى على نفسى من النار.
الإجازة والفراغ
ويُعد فصل الصيف إجازة وفراغا كبيرا فى بيوتنا ، وبهذه المناسبة نقول : إن الوقت هو الحياة وهو رأس مال الإنسان الذى يتاجر فيه مع ربه ويعمل ما ينفعه فى الدنيا والآخرة ، وسيُسأل عنه بين ربه ، وسيندم الإنسان على ساعة تمر به ولم ينتفع بها .
وليس معنى ذلك أننا نمنع الترويح عن النفس ، فهو شئ مُباح وخصوصا بعد أوقات التعب والعناء بشرط أن يكون الترويح عن النفس بالشئ الحلال المباح ، وألا يلهى عن عبادة أو طاعة وأن يكون قليلا كالملح فى الطعام ، وخصوصاً فى مثل حال أمتنا التى تعانى من الفقر والتخلف والاحتلال والاستبداد ..... الخ .
ومن هنا نوصى بأن يستغل أبناؤنا بعض إجازتهم فيما ينفعهم فى الدنيا ولآخرة ، مثل حفظ ما يتيسر من القرآن الكريم والقراءة النافعة ، وممارسة بعض الحرف والأعمال التى تجلب لهم بعض الأموال التى تساعدهم وتخفف عن أبائهم .
كما نحذر من إهدار الأوقات فى كثرة الجلوس فى الشوارع وعلى المقاهى ، أو تضييعها فيما لا ينفع فى الدنيا والآخرة ، والرسول (ص) يقول "ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تِرةً " حسرة " فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم" . ( حديث حسن )
وتحذير خاص للشباب وغيرهم من كثرة الجلوس أمام الإنترنت ، والخطر من مشاهدة المواقع الإباحية أو محادثة الفتيات ، وتذكروا رقابة الله عليكم "وهو معكم أينما كنتم " ، وتذكروا أن الشباب زائل والصحة ستصير إلى ضَعف ، وفى النهاية لابد من الوقوف للحساب أمام الله تعالى على هذه المعاصى فضلا عن شؤمها فى الدنيا .
المصايف
ومما تعوَّد عليه الناس فى الصيف أن يذهبوا إلى المصايف وهذا يختلف حكمه الشرعى باختلاف الأحوال – كما أفتى الشيخ عطية صقر رحمه الله والدكتور القرضاوى والدكتور أحمد الحجى وغيرهم – فقالوا إنه قد يكون مباحا ولكن بشرط السلامة من المخالفات الشرعية ومراعاة الحشمة وستر العورات والبعد عن الاختلاط والمحافظة على الصلوات ..... الخ ، وهذا ما يحتاج إلى تعاون بين الأفراد وأولياء الأمور والمسئولين لضبط المصايف بما يتفق مع الشرع.
هذا... ويكون الذهاب إلى المصايف حراما إذا صاحبه اختلاط مفسد بين الرجال والنساء ، وتعرى النساء والنظر إلى العورات والإسراف والتبذير ، حتى أن بعض الناس يستدينون للخروج إلى المصايف وكأنها أصبحت من الضروريات التى لا غنى عنها ، ونسأل الله تعالى ألا تكون المصايف سببا لغضب الله ، أو ميدانا للفتنة والمخالفات ، أو تكون لذة وقتيَّة يعقبها حسرة وندم طويل .
وأخيرا ندعو الله تعالى أن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين ، وأن نكون مسلمين بحق فى كل شئون حياتنا وأن يُسعدَنا به فى الدنيا والآخرة .
ـــــــــــــــــ

المصدر: منتديات ديوانية بني شهر

hgkhs ,hgwdt