الشريعة والحياة مخصص للمواضيع والقضايا الإسلامية المعاصرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-19-2010, 05:31 PM   #1
معلومات العضو
http://www.baniathlah.net/uploads/141838234071.png






ابو حازم غير متواجد حالياً

أحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابو حازم is on a distinguished road

افتراضي لا تحزني

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله... أما بعد:
أختاه.. يا من تملّك الحزن قلبها.. وكتم الهمّ نفسها.. وضيّق صدرها.. فتكدرت بها الأحوال.. وأظلمت أمامها الآمال.. فضاقت عليها الحياة على سعتها.. وضاقت بها نفسها وأيامها.. وساعتها وأنفاسها !
لا تحزني.. فما الحزن للأكدار علاج.. لا تيأسي فاليأس يعكر المزاج.. والأمل قد لاح من كل فج بل فجاج !
لا تحزني.. فالبلوى تمحيص.. والمصيبة بإذن الله اختبار.. والنازلة امتحان.. وعند الامتحان يعز المرء أو يهان !

فالله ينعم بالبلوى يمحصنا *** من منا يرضى أو يضطربُ
ماذا عساه أن يكون سبب حزنك؟ ! إن يكن سببه مرض.. فهو لك خير.. وعاقبته الشفاء.. قال تحزني: { من يرد الله به خيراً يصب منه }، وقال الله جل وعلا: تحزني وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ تحزني [الشعراء:80].
وإن يكن سبب حزنك ذنب اقترفته أو خطيئة فتأملي خطاب مولاك الذي هو أرحم بك من نفسك: تحزني قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً تحزني [الزمر:53].
وإن يكن سبب حزنك ظلم حلّ بك من زوج أو قريب أو بعيد، فقد وعدك الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلان والذل. فقال تعالى: تحزني وَاللّهُ لاً يُحِبُّ الظَّالِمِينَ تحزني [آل عمران:140]، وقال تعالى في الحديث القدسي للمظلوم: { وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين }.
وقال سبحانه: تحزني قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ تحزني [المجادلة:1].
وإن يكن سبب حزنك الفقر والحاجة، فاصبري وأبشري.. قال الله تعالى: تحزني وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ تحزني [البقرة:155].
وإن يكن سبب حزنك انعدام أو قلة الولد، فلست أول من يعدم الولد، ولست مسؤولة عن خلقه.
قال تعالى: تحزني لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً تحزني [الشورى:50،49].
فهل أنت من شاء العقم؟ أم الله الذي جعلك بمشيئته كذلك ! وهل لك لأن تعترضي على حكم الله ومشيئته ! أو هل لزوجك أو سواه أن يلومك على ذلك.. إنه إن فعل كان معترضاً على الله لا عليك ومغالباً لحكم الله ومعقباً عليه..
فعلام الحزن إذن والأمر كله لله !
لا تحزني.. مهما بلغ بك البلاء ! وتذكري أن ما يجري لك أقدار وقضاء يسري.. وأن الليل وإن طال فلا بد من الفجر !
وإليك أختي المسلمة.. كلمات نيرة تدفعين بها الهموم.. انتقيتها لك من مشكاة النبوة لننير لك الطريق.. وتكشف عنك بإذن الله الأحزان.

أولاً: كوني إبنة يومك

اجعلي شعارك في الحياة:

ما مضى فات والمؤمل غيبُ *** ولك الساعة التي أنت فيها
وأحسن منه وأجمل قول ابن عمر رضي الله عنه: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ) [رواه البخاري].
إنسي الماضي مهما كان أمره، انسيه بأحزانه وأتراحه، فتذكره لا يفيد في علاج الأوجاع شيئاً وإنما ينكد على يومك، ويزيدك هموماً على همومك. تصوري دائمك أنك وسط بين زمنين:
الأول: ماض وهو وقت فات بكل مفرداته وحلوه ومره، وفواته يعني بالتحديد عدمه فلم يعد له وجود في الواقع وإنما وجوده منحصر في ذهنك.. ذهنك فقط ! وما دام ليس له وجود.. فهو لا يستحق أن يكون في قاموس الهموم.. لأنه انتهى وانقضى.. وتولى ومضى !
والثاني: مستقبل وهو غيب مجهول لا تحكمه قوانين الفكر ولا تخمينات العقل.. وإنما هو غيب موغل في الغموض والسرية بحيث لا يدرك كنهه أحد.. تحزني قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ تحزني [النمل:65]، تحزني وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ تحزني [لقمان:34].
إذاً فالماضي عدم.. والمستقبل غيب !
فلا تحطمي فؤادك بأحزان ولّت.. ولا تتشاءمي بأفكار ما أحلت ! وعيشي حياتك لحظة.. لحظة.. وساعة ساعة.. ويوماً بيوم !
تجاهلي الماضي.. وارمِ ما وقع فيه في سراب النسيان.. وامسحي من صفات ذكرياتك الهموم والأحزان.. ثم تجاهلي ما يخبئه الغد.. وتفائلي فيه بالأفراح.. ولا تعبري جسراً حتى تقفي عليه.
تأملي كيف استعاذ النبي تحزني من الهم والحزن إذ قال: { اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وقهر الدين وغلبة الرجال } [رواه البخاري ومسلم].
فالحزن يكون على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها.. والهم يكون بسبب الخوف من المستقبل والتشاؤم فيه.
أختي المسلمة.. يومك يومك تسعدي.. أشغلي فيه نفسك بالأعمال النافعة.. واجتهدي في لحظاته بالصلاح والإصلاح.. استثمري فيه لحظاتك في الصلاة.. في ذكر الله.. في قراءة القرآن.. في طلب العلم.. في التشاغل بالخير.. في معروف تجدينه يوم العرض على الله.. تحزني يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً تحزني [آل عمران:30].

ثانياً: تعبدي الله بالرضى

لا تحزني.. اجعلي شعارك عند وقوع البلاء: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها.. اهتفي بهذه الكلمات عند أول صدمة.. تنقلب في حقك البلية.. مزية.. والمحنة منحة.. والهلكة عطاء وبركة !
تأملي في أدب البلاء في هذه الآية: تحزني وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ تحزني [البقرة:155-157].
استرجعي عند الجوع والفقر.. وعند الحاجة والفاقة.. وعند المرض والمصيبة.. وأبشري بالرحمة من الله وحده !

ثالثاً: افقهي سر البلاء

لا تحزني.. فالبلاء جزء لا يتجزء من الحياة.. لا يخلو منه.. غني ولا فقير.. ولا ملك ولا مملوك.. ولا نبي مرسل.. ولا عظيم مبجل.. فالناس مشتركون في وقوعه.. ومختلفون في كيفياته ودرجاته.. تحزني لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ تحزني [البلد:4].

طبعت على كدر وأنت تريدها *** خالية من الأنكاد والأكدار
هكذا الحياة خلقت مجالاً للبلاء.. تحزني الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً تحزني [الملك:2].. تحزني وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ تحزني [محمد:31].. إذن فسر البلاء هو التمحيص ليعلم المجاهد فيأجر.. والصابر فيثاب !
لا تحزني.. واستشعري في كل بلاء أنك رشحت لامتحان من الله !.. تثبتي وتأملي وتمالكي وهدئي الأعصاب.. وكأن منادياً يقول لك في خفاء هامساً ومذكراً: أنت الآن في إمتحان جديد.. فاحذري الفشل.
تأملي قوله تحزني: { من يرد الله به خيراً يفقه في الدين } [رواه البخاري]، ثم قوله تحزني: { من يرد الله به خيراً يصب منه } [رواه البخاري].
فطالب العلم.. والمبتلي بالمصائب يشتركان في خير أراده الله لهما.. وهذا أمر في غاية الأهمية فقهه !
فكما أن العلم شرف.. يريده الله لمن يحب من عباده ! فكذلك البلاء شرف يريده الله لمن يحب من عباده ! يغفر به ذنباً.. ويفرج به كرباً.. ويمحي به عيباً.. ويحدث بعده أمراً لم يكن في الحسبان.
تحزني لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً تحزني [الطلاق:1]، وفي الحديث: { إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط } [رواه البخاري].

رابعاً: لا تقلقي

المريض سيشفى.. والغائب سيعود.. والمحزون سيفرح.. والكرب سيرفع.. والضائقة ستزول.. وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد.. تحزني فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً تحزني [الشرح:6،5].
لا تحزني.. فإنما كرر الله تحزني اليُسْر تحزني في الآية.. ليطمئن قلبك.. وينشرح صدرك.. وقال تحزني: { لن يغلب عُسر يُسرين }.. العسِير يعقبة اليُسر.. كما الليل يعقبة الفجر..

ولرب ضائقة يضيق بها الفتى *** وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج

خامساً: اجعلي همك في الله

أُخية.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض.. فاجعلي همك في السماء.. ففي الحديث: { من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك } [صحيح الجامع: 6189].
لا تحزني.. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم.. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم.. لأنها كلها إلى زوال.. تحزني وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ تحزني [الحديد20].
إذا آوى إليك الهم.. فأوي به إلى الله.. والهجي بذكره: ( الله الله ربي لا أشرك به أحداً )، ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث )، ( رب إني مغلوب فانتصر )، فكلها أورد شرعية يُغفر بها الذنب ويَنفرج بها الكرب.
اطلبي السكينة في كثرة الإستغفار.. استغفري بصدق مرة ومرتين ومائة ومائتين وألف.. دون تحديد متلذذة بحلاوة الاستغفار.. ونشوة التوبة والإنابة.. تحزني إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ تحزني [البقرة:222].
اطلبي الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح، والتهليل، والصلاة على النبي الأمين تحزني، وتلاوة القرآن، تحزني أَلاً بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ تحزني [الرعد:28].. تحزني وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ تحزني [الإسراء:82]..
لا تحزني.. وافزعي إلى الله بالدعاء.. لا تعجزي ففي الحديث { أعجز الناس من عجز عن الدعاء } تضرعي إلى الله في ظلم الليالي.. وأدبار الصلوات.. اختلي بنفسك في قعر بيتك شاكيةً إليه.. باكيةً لديه.. سائلةً فَرَجُه ونَصره وفتحه.. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو يحب المُلحين في الدعاء.. تحزني وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ تحزني [البقرة:186].
لا تحزني ولا تيأسي.. تحزني إِنَّهُ لاً يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ تحزني [يوسف:87].
ستنجلي الظلمة.. وتولِّ الغمة.. وتعود البسمة.. فافرشي لها فراش الصبر.. وهاتفيها بالدعاء والذكر.. وظني بالله خيراً.. يكن عند حسن ظنك..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



gh jp.kd

 

  رد مع اقتباس
قديم 11-19-2010, 07:16 PM   #2
معلومات العضو
مركز تحميل الصور
 
الصورة الرمزية آلــزوبعي
 






آلــزوبعي غير متواجد حالياً

أحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
آلــزوبعي is on a distinguished road

افتراضي رد: لا تحزني

جزاك الله خير الجزاء اخي ابو حازم
جعله الله في ميزان اعمالك

 

  رد مع اقتباس
قديم 11-20-2010, 12:33 AM   #3
معلومات العضو
مركز تحميل الصور
 
الصورة الرمزية النايف
 






النايف غير متواجد حالياً

أحصائية الترشيح

عدد النقاط : 316
النايف is a jewel in the roughالنايف is a jewel in the roughالنايف is a jewel in the roughالنايف is a jewel in the rough

افتراضي رد: لا تحزني

الله يجزاك خير ويكتب اجرك على طرحك الرائع

شكرا جزيلا لك

 

  رد مع اقتباس
قديم 11-20-2010, 01:54 AM   #4
معلومات العضو
مركز تحميل الصور






شموخ النوايف غير متواجد حالياً

أحصائية الترشيح

عدد النقاط : 400
شموخ النوايف is just really niceشموخ النوايف is just really niceشموخ النوايف is just really niceشموخ النوايف is just really niceشموخ النوايف is just really nice

افتراضي رد: لا تحزني

نفع الله بك وجعله في موازين حسناتك

 

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...

RSS | RSS2 | XML | MAP | HTML


جميع ما يطرح في المنتدى من مواضيع وردود لا يعبر عن رأي إدارة الموقع بل عن رأي كاتبها

Security team